موقف الملك سعود من مسألة التأميم:
كان تنامي الشعور القومي والوطني في منطقة الشرق الأوسط أكبر وأعلى من أنّ تتجاهلة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد خشيت أن يؤدي تصلب موقف أرامكو من مطالب المملكة إلى تصفية المصالح الأمريكية وربما الغربية في المنطقة. جراء هذا الوضع، فقد حثت حكومة الولايات المتحدة شركة أرامكو، على تحقيق مطالب الحكومة السعودية.
حيث إنّ المملكة لم تكن محببه لمسألة التأميم، وليس في قانونها وشرعها أكل حقوق الآخرين، فقد شكل هذا قوة لمركز المملكة التفاوضي مع شركة أرامكو. مع العلم بأنَ الكونجرس الأمريكي قد وافق على مشروع قانون يعمل بمعاقبة الدول التي تؤمم الشركات العاملة في أراضيها.
اتفاقية المناصفة بين السعودية وشركة أرامكو:
وبسبب ذلك طالبت الحكومة من شركة أرامكو، النصف من الأرباح غير إنّ الشركة، رفضت ذلك الطلب بسبب القول بأنّ النقل غير الإنتاج. وأنّها شركة مستقلة، وهي ليست من الشركات التي تساعد أرامكو. إلّا أنّ الحكومة رفضت هذه المزاعم باعتبار البترول المنقول عبر خط التابلاين هو بترول أرامكو، وأنّ هذا البترول لا تتبدل ملكيته حتى يصل إلى ميناء التصدير في صيدا بلبنان. كما أنّ عملية النقل هي جزء من عملية الإنتاج. والشركات المكونة للتابلاين هي نفسها الشركات المكونة لأرامكو. وبالتالي فإنّ شركة التابلاين والبترول الذي يجري في خط أنابيبها يخضع لاتفاقية مناصفة الأرباح. وبعد مفاوضات بين الحكومة والشركة استمرت مدّة طويلة انتهت بتوقيع اتفاقية في عام 1382/1963 ميلادي، وافقت فيها الشركة على دفع نصف أرباح التابلاين للمملكة.
كانت اتفاقية المناصفة التي جرت، تعني في ذلك الوقت إنّ المملكة السعودية قد سارت نصف الطريق باتجاه امتلاك ثرواتها البترولية، حيث بدأت العمل حثيثاً على إعداد الكوادر الوطنية القادرة على استخراج ومعالجة وتصنيع ونقل وتصدير هذه الثروات البترولية، وبينما كانت بعض الدول المجاورة تتطلع إلى تأميم بترولها أو السيطرة المبكرة على ثرواتها البترولية عبر القرارات السياسية غير المدروسة، كانت حكومة المملكة تستعد في هدوء لذلك اليوم الذي تستكمل فيه سيطرتها الكاملة على ثرواتها البترولية وتبقي على مصالحها الكبيرة مع الشركات البترولية على أعلى مستوى من التعاون المفيد والمثمر.
لكن علينا أن نعترف بأنّ خيارات حكومة الملك سعود كانت واسعة وشاملة. حيث كانت في فترة الستينيات البارزة ترفض مسألة التأميم ومواجهة الغرب. وقد رأت السعودية ثلاث خيارات، خيار تأميم البترول كما حدث في بعض الدول البترولية. أو خيار ترك الأمر على ما هي عليه مع المطالبة بزيادة نسبة عوائد المملكة من مبيعات أرامكو للبترول. أو خيار التحول التدريجي الواعي باتجاه التملك الكامل لكافة عمليات الشركة وموجوداتها وعملياتها عن طريق المشاركة.
درست الحكومة السعودية هذه الخيارات بحكمة وتعاملت معها بوعي ويقظة ووجدت أنّ تجربة مصدق في إيران عام 1371/1951 ميلادي، خير دليل على فشل الخيار الأول، حيث عجزت طهران في ذلك الوقت عن تسويق بترولها. وفُرض عليه حظر في الأسواق العالمية. وبالتالي سقط نظام مصدق وفشلت تجربة التأميم.