اقرأ في هذا المقال
- أعمال الملك عبد العزيز بعد قيامه بضم الحجاز
- العلاقات الدولية الدبلوماسية
- السفارات والمفوضيات والقنصليات في فترة حكم الملك عبد العزيز
- تزايد النشاط الدبلوماسي في فترة تأسيس وزارة الخارجية
أعمال الملك عبد العزيز بعد قيامه بضم الحجاز:
لقد وجه الملك عبد العزيز اهتمامه بعد قيامه بضم الحجاز إلى إعادة هيكلة الدولة بالشكل التنظيمي وتوزيع المهام والمسؤوليات، ومن أهم تلك الخطوات إنشائه أول نظام للدولة عام 1345 / 1926 ميلادي عرف باسم التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية، وكانت من أهم ما تضمنته تلك التعليمات تكوين أنظمة وقوانين تحكم وتنظم شؤون الدولة بمساندة ديوان النيابة العامة ومجالس الوكلاء والشورى، حيث أسهمت بالشكل الكبير في تأسيس الجهاز الإداري في الدولة السعودية.
فكان هناك الكثير من الإدارات الحكومية، ونتيجة لتطور التنظيم الإداري تم تجميع هذه الإدارات المتناسقة في دوائر عديدة أطلق عليها اسم الوزارات؛ بسبب كثرة الأعمال وتفرعها وقلة توافر التنظيم والتنسيق المركزي، ومن ثم تأسست الوزارات المختلفة، وكانت أول هذه الوزارات وزارة الخارجية.
في عام 1344هجري/ 1926 ميلادي تأسست شعبة خاصة للشؤون الخارجية في الحكومة عرفت باسم مديرية الشؤون الخارجية في مكة المكرمة، ونتيجة لزيادة عدد الدول التي قامت بإعلان اعترافها بالشكل الرسمي بالدولة الجديدة التي تضم الحجاز ونجد هو اتساع دائرة العلاقات الدولية، بحيث أصبحت تربط بين الدولة السعودية والدول الأخرى.
العلاقات الدولية الدبلوماسية:
إنّ العلاقات الدولية تعتبر من الروابط الدبلوماسية التي تربط بين الدول، وتتضمن جميع أنواع الاتصال السياسي وغير السياسي، وبعدها وجد الملك عبد العزيز نفسه أمام خياراً ضرورياً لقيامه بتنظيم وتطوير علاقاته الدولية مع العديد من الدول الأجنبية، وبذلك تأسست مديرية الشؤون الخارجية، وكانت مهامها تتجلى في تطبيق سياسة الدولة الخارجية تحت إشراف الملك نفسه وتوجيهه، وهي في ذلك الوقت تقع ضمن اختصاصات الأمير فيصل في نيابة الملك على الحجاز.
وكان على الأمير فيصل قيامه باستقبال ممثلي ومبعوثي الدول الأجنبية التي لها تمثيل سياسي لدى دولتهم، ويقوم بالتباحث معهم في علاقاتهم الدبلوماسية وما يتعلق بها، مما منحه خبرة كافية في التعامل مع الأجانب، ومنحته فرصة أكبر للانفتاح على العالم الخارجي، كما أصبح يشارك وبإشراف الملك عبد العزيز في تثبيت القواعد الرئيسة التي تأسست عليها العلاقات الخارجية السعودية.
فقد تم تعين مدير عام لها برئاسة عبد الله الدملوجي، ثم تولى رئاستها على مراحل مختلفة العديد من الأشخاص منهم من ولي عليها بالوكالة وبعضهم الأخر تولى عليها بالأصالة، وكان حمزة غوث وحافظ وهبة ويوسف ياسين وفؤاد حمزة من الأشخاص الذين ولوا الشؤون الخارجية السعودية منذ بداية تأسيسها، وكانت مديرية الشؤون الخارجية تُدار من المقر الرئيسِ للأمير فيصل وهو مقر رئاسة الحكومة في مكة المكرمة، كما كان لها مكتب خاص في جدة، وهو المقر الأساسي لجميع القنصليات الأجنبية لدى الدولة السعودية، فعلى مدير المكتب ممارسة عمله ليكون بالقرب من موقع السفارات الأجنبية.
تكونت مديرية الشؤون الخارجية من العديد من الشعب قدرت بأربع شعب منها: شعبة سياسية وشعبة إدارية وشعبة حقوقية وشعبة قنصلية، حيث صدر بيان ملكي جاء من خلاله تغيير مديرية الشؤون الخارجية إلى وزارة الخارجية، وبتعيين سمو الأمير فيصل وزيرة لها بجانب أعمال النيابة العامة في عام 1349/ 1930 ميلادي، وعدت بالصفة الرسمية أول وزارة أسست في حكومة المملكة العربية السعودية، وكان الأمير فيصل يبلغ من العمر في ذلك الوقت 25 عاماً.
وبموجب ذلك المنصب لم تعد سلطة الأمير فيصل مقتصرة ومحدودة على الحجاز فقط وإنما أصبح يدير بتوجيه من الملك عبد العزيز السياسة الخارجية للحجاز ونجد وملحقاها، وكان ذلك قبل عام 1351/1932 ميلادي، وهكذا تم إعلان تأسیس وزارة الخارجية برئاسة الأمير فيصل، وكذلك صدرت الأوامر بتعيين فؤاد وكيلاً لوزارة الخارجية.
وكان هناك الكثير من الشخصيات الظاهرة الذين عملوا كمستشارين ووزراء مفوضين في الدولة، كان من بينهم حافظ وهبة وحمزة غوث وطاهر رضوان، وكان مقر وزارة الخارجية في مدينة مكة المكرمة، حتى تكون ضمن إطار مقر رئاسة الحكومة والمقر الأساسِ للأمير فيصل بصفته النائب العام على الحجاز، بعد ذلك تم نقلها إلى جدة عام 1366/ 1947 ميلادي، حيث أصبحت جدة مقرها الثابت؛ بسبب وجود البعثات الدبلوماسية.
السفارات والمفوضيات والقنصليات في فترة حكم الملك عبد العزيز:
عمل الملك عبد العزيز على تنظيم علاقات حكومته مع الدول الأخرى على أساس المعاملة بالمثل، فأصبح هناك سفراء ووزراء مفوضون وقناصل وتعتبر وزارة الخارجية مرجع کل واحد منهم، وتم تأسيس أماكن للمثلين السياسيين جميعهم في مدينة جدة سنة 1950 ميلادي، حيث تم تأسيس سفارتان لكل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، كما تم إجراء العديد من المفاوضات للحكومة الأفغانية واللبنانية والمصرية والباكستانية والأرجنتينية وغيرها، كما اهتم الملك عبد العزيز في تأسيس السفارات والمفوضيات والقنصليات لدى الحكومات العربية والأجنبية في دول الخارج عام 1370/1951 ميلادي.
فأسس سفارة في كل من بريطانيا وأمريكا، وكذلك أسس مفوضيات في كل من فرنسا ومصر وسوريا ولبنان وبغداد وترکیا وإيران والباکسنان وأفغانستان والأردن وروما وإندونيسيا، أما القنصليات فكانت في كل من الهند والبصرة والقاهرة، وقد اتسع ذلك التوسع في المجال الدبلوماسي من الناحية الخارجية وتم ازدياد عدد موظفي الوزارة، حيث تشعبت الإدارة المختصة، مما استدعى إقامة وتأسيس بناء حديث واسع صمم على الطراز العربي الحديث والمتطور في مكان يعتبر من أجمل الأماكن بمدينة جدة، حيث تم نقل الوزارة إليه واتخذته مقرها الدائم وذلك في عام 1371/ 1953 ميلادي.
تزايد النشاط الدبلوماسي في فترة تأسيس وزارة الخارجية:
وفي أثناء فترة تأسيس وزارة الخارجية بدأت عملية النشاط الدبلوماسي تزداد بشكل ملحوظ، وبدأت العديد من الدول الاعترافات بالدولة السعودية وأخذت تتزايد في تلك الفترة، وكان أبرز ما دل على ذلك العدد الكبير والضخم من المعاهدات والاتفاقيات التي عقدت ووقعت مع دول العالم، حيث بلغ عددها في عام 1344/ 1926 ميلادي عشر معاهدات، ثم بعد ذلك ارتفع هذا العدد بشكل ملحوظ حتى وصل في عام 1351/ 1932 ميلادي إلى ست وعشرين معاهدة .
وهنا نشير إلى بعض الأمثلة على هذه المعاهدات والاتفاقيات منها ما يلي: الاتفاقية التي قام الأمير فيصل بتوقيعها مع العراق في عام 1349/1931 ميلادي والواقعة في مكة المكرمة، والتي جاء بموجبها الاعتراف المتبادل بين الدولتين، وإقامة وتأسيس العلاقات الدبلوماسية المتكاملة مع الدولة السعودية.
ومن المعاهدات التي تم عقدها مع الدول الأجنبية، معاهدة الجزيرة بين الدولة السعودية وبين الجمهورية الفرنسية في عام 1350/ 1931 ميلادي، حيث عقدت بهدف الرغبة في توثيق وتقوية العلاقات الودية بين البلدين، وقد وقعها كل من الأمير فيصل الممثل عن الحكومة السعودية ومندوب مفوض عن الحكومة الفرنسية وهو القائم بأعمال فرنسا في مدينة الحجاز، وقد تم التصديق على هذه الاتفاقية من قبل الملك عبد العزيز في عام 1350/1932 ميلادي.