تاريخ الثقافة في فلسطين:
لقد تطورت فلسطين بشكل ملحوظ من جانب القطاع التعليمي والثقافي، وبالأخص في عهد الحكم المملوكي، حيث تواجد بها عدد كبير من مؤسسات وهيئات التعليم المتخصصة والعامة، بالإضافة إلى استقرار مجموعة كبيرة من كبار العلماء بها، على الرغم من أنّ ذلك تمركز في مدينة القدس؛ وذلك لأن نواة الشخصية الفلسطينية تبلورت في إطار تلك المدينة إلى حد تم من خلاله اعتبار تاريخ تلك المدينة هو نفسة تاريخ فلسطين.
لقد تشابهت في خصوص ذلك الشأن مع مدن الوطن العربي والعالم الإسلامي، فإنّ تاريخ بغداد في العصر العباسي، كان يعتبر تاريخاً للدولة العباسية، بالإضافة إلى أنّ تاريخ حلب كان وقت حكم الدولة الحمدانية يعتبر تاريخاً لهذه الدولة، وإنّ التحدث عن القاهرة في العصر المملوكي هو عبارة عن معظم تاريخ مصر في هذا الوقت.
لقد تطور الجانب الثقافي في فلسطين في كل من المساجد والمدارس والزوايا ومعظم الهيئات الأخرى مثل المستشفيات وما جاء على نسقها، بحيث كانت مواضيع الدراسة والتدريس والاهتمامات تقع في إطار الثقافة الإسلامية لذلك العصر، فقد تمركزت حول العلوم الإسلامية القرآن وقراءته وتفسيره والأدب والنحو والعروض والبلاغة والسيرة والتاريخ والحديث والفقه واللغة والتراجم وعلم الكلام والمنطق وغيرها من العلوم.
تاريخ التعليم في فلسطين:
إنّ الطلبة في الدولة الفلسطينية يتطوعون بالمدرسة التي يرغبون بالذهاب إليها، ويبدأوون في دراسة المواد التي تلبي رغباتهم، بحيث اختلفت الفترات الدراسية بينهم وتنوعت، بحيث كان الطالب بعد الانتهاء من الدراسة يأخذ إجازة تمنح له من قبل الشيخ الذي تولى عملية تدريسه، وقد تكون الإجازة عامة أو مخصصة بفن من الفنون أو محددة برواية كتاب ما من الكتب، وكان لهذه الإجازات مكانة عالية ومرموقة جدا لديهم.
وكان من الشروط الأساسية للوصول إلى مكانته مشيخة العلم هو السلوك الحسن والسمعة الحسنة والقدرة على العطاء العلمي والمعرفة، بحيث كان أمر التعيين في المشيخات من المهام التي تطلب من السلطان، ويتم ذلك من خلال مرسوم يصدر عنه، وكان الشيخ يتقاضى راتباً محددة من أموال أوقاف المدرسة التي تم تعينه بها، وبناءً على ذلك فإنّ لكل مدرسة وهيئة تعليمية جزء مخصص من الأوقاف يكفي للإنفاق عليها.
إنّ المدرس هو الذي يقوم بعملية تدريس مادة واحدة أو أكثر، ولا يمنح له ذلك إلا بعد ما يتم حصوله على الإجازة في التدريس وعُرف بالعلم والسلوك الحسن والسمعة الحميدة والقدرة على التدريس والعطاء، وكان الشيخ المدرس يتولى في معظم الأحيان العمل في أكثر من مدرسة أو كان يضطر الترك المدرسة بسبب السفر أو غيره في تلك الحالة كان يقوم بتعين شخصاً ينوب مكانة بالعمل في فترة غيابه.