الميثاق الوطني في لبنان:
على الرغم من منح لبنان استقلاله السياسي، إلا أنّ الوعي القومي كان ما زال في بدايته، وأنّ الأحزاب اللبنانية الموجودة في ذلك الوقت ما زالت تحاول قيامها بعملية هيكلة لنفسها من أجل تحقق أهدافها، دون أن تستطيع توجيه الإرادة الشعبية أو يكون لها أثر فعال في السيطرة على الشعب، حتى تقنعها بأهمية العمل من أجل تحقيق الاستقلال، وفي تلك الفترة كانت القاعدة الطائفية هي أساس التفكير السياسي في لبنان.
وفي أثناء فترة الانتداب على البلاد، قامت السلطات الفرنسية بعملية تشجيع الروح الطائفية، مما ساعد ذلك على عملية استغلال بعض السياسيين منها في استمرار ذلك وفي عام 1943، قرر بعض السياسيين الذين يمثلون مجموعة من سكان لبنان أن يبحثوا في عملية وجود تسوية معينة يضمنون بها أن يعيش الجميع في سلام داخل حدود دولة لبنان.
فقد وصلوا إلى الاتفاق على العديد من القواعد التي وافقت عليها جميع الطوائف، بحيث أطق على النقاط التي تمت الموافقة عليها باسم الميثاق الوطني، وهي عبارة عن مجموعة من القواعد والأسس الغير مكتوبة. وفي تلك الفترة كان الشعب اللبناني يعتبر أنّ الميثاق الوطني عبارة عن حكم متواجد في الدستور ولكنه غير مكتوب، حتى أنّ رئيس الجمهورية اللبنانية عندما يُقسم على احترامه للدستور عندما يتم توليته الحكم، يُقسم أيضاً على احترامه للميثاق الوطني.
الميثاق الوطني في عهد بشارة خوري:
كان أول رئيس جمهورية للبنان في فترة عهد الاستقلال هو الشيخ بشارة الخوري، فقد قام بعملية تبني شرح وتفسير مفهوم الميثاق الوطني في خطبة المتعددة، من خلال دعوته إلى التمسك والعمل به والأخذ بما ينص عليه. إنّ بشارة خوري كان حاكماً مخضرماً.
فنلاحظ اهتمامه الكبير بالميثاق الوطني من خلال خطبه، فكان بمقدورنا أنّ نستخلص النقاط التي أبرزها الشيخ بشارة عن الصورة الشاملة للميثاق الوطني والأسباب التي تدعو إلى تقديسه وضرورة وجوده، فيشير أنّ الميثاق الوطني في عهده جميع اللبنانيين على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم، وكان أساسه استقلال صحیح وسيادة مطلقة ومحافظة على دستور البلاد.
إنّ الميثاق الوطني يركز على العدلوالمساواة بين الأفراد، بالإضافة إلى دعوته إلى المودة الشاملة النابعة من القلب والتعاون الوثيق بين الدول العربية بشكل عام ولبنان بشكل خاص.