نبذة عن تاريخ بني زياد في دولة اليمن:
بني زياد: قبيلة كبيرة حكمت دولة اليمن في الفترة الممتدة من 203/ 1019 ميلادي، حيث استقر بني زياد في منطقة زبيد في تهامة، وكانت أول أسرة تتولى حكمهم هي آل نجاح الذين يتبعون إلى الزياديين من قبل مركز الخلافة في بغداد، وفي ذلك الوقت وقعت بينهم وبين الدولة الصليحية مجموعة معارك، بحيث كان النصر حليفهم.
لقد قام المأمون في تنصيب محمد بن عبدالله بن زياد للقيام بأعمال التهامية والمناطق الجبلية التي استولى عليها، فجاء إلى اليمن في عام 203، فكان بصحبته رجل تغلبي يسمى محمد بن هارون وهو جد بني عقامة، فقد استمر الحكم فيما بينهم متوارثاً حتى أزالهم ابن مهدي في أثناء هزيمته دولة الحبشة في عام 550.
وفي ذلك الوقت استولى ابن زیاد على تهامة بعد مجموعة حروب وقعت بينه وبين العرب، فقد دخل مدينة زبيد في عام 204، وكان مع ابن زیاد مولى له يسمى جعفر، وهو الذي نسب إليه بخلاف جعفر، فقد كان يتميز بالذكاء والحنكة الكبيرة حتى كانوا يقولون: ابن زیاد بجعفره، وفي ذلك الوقت اشترط على تهامة إلا يركبوا الخيل، فقد أرسله مولاه إلى المأمون في سنة 502 محملاً بالهدايا الكثيرة وأموال عظيمة، فعاد في سنة 506 ومعه ألف فارس منهم 900 من مسودة خراسان.
فعظم أمر ابن زیاد وملك حضرموت وديار كندة والشحر ومرباط وأبين وعدن وملك من الجبال أعمال المعافر والجند والخلاف، حيث قلده جعفر فاختط به في مدينة المذيخرة التي تتميز بكثرة أنهارها، بالإضافة إلى تميزها برياحين كبيرة، وخُطب لابن زیاد بصنعاء وصعدة ونجران ومات في عام 245، بحيث تولى بعده زیاد بن إبراهيم فلم تطل مدة حكمه، فتولى بعده أخاه.
أبو الجيش إسحاق بن إبراهيم:
عندما تولى أبو جيش الحكم امتنع عن تأييده أهل الأطراف، وانقطعت الخطبة له في الجبال، وفي ذلك الوقت استولی سليمان بن طرف على المخلاف وهو من الشرجة إلى حلى، وجعل السكة والخطبة باسمه، فكان يتقاضى في السنه مبلغ 500 ألف دينار أثرية، وهذا المخلاف يعرف بالسليماني، نسبته إلى سليمان، وخرج أيضاً من ولاية أبي الجيش كل من لحج وأبين باستثناء البلاد الشرقية، وتوفى أبو الجيش في عام 391، فكان لديه طفل اسمه عبد الله وقيل عنه زياد، فتولت كفالته أخته هند بنت أبي الجيش، وعبد لأبيها يسمى رشد أستاذ حبشي، فقام بأمر الطفل.
وفي ذلك الوقت توفى رشد، حيث قام بكفالته حسين بن سلامة، وينسب إلى أمه، فقد قام رشد بتربيته وتهذيبه بشكل جيد، فقد أحسن تأديبه، فخرج حازماً عفيفاً، وقام بالأمر لولد أبي الجيش وأخته، وكانت دولتهم قد تزعزعت أطرافها، وغلبت ملوك الجبال على الحصون والمخاليف، فقام الحسين بحربهم حتى استرجع مملكة ابن زياد الأولى، فقد وقعت مدينة الكدراء في وادي سهام ومدينة المعقر في وادي دؤال.
فقد كان الحسين عادلاً في تعامله مع الرعية، كثير الصدقات، بالإضافة إلى قيامه بتأسيس الجوامع ذات المساحة الكبيرة، والمنارات الشاسعة وبنى الحسين الأميال والفراسخ والبرد على الطرقات من حضرموت إلى مكة المكرمة.
وفي عام 402 توفى الحسين، وبعد وفاته انتقل الأمر إلى طفل آخر من آل زیاد، فتولت كفالته عمته وعبد أستاذ اسمه مرجان من عبيد الحسين بن سلامة، وكان له عبدان فحلان من الحبشة، رباهما صغيرين، وولاهما الأمور كبيرين: أحدهما نفیساً جعل إليه تدبير الحضرة والثاني يسمى نجاحاً، وهو والد سعيد الأحول وجياش، وكان يتولى أعمال المدراء والمهجم ومور والواديين.
وفي ذلك الوقت وقع تنافس كبير بين نجاح ونفيس على وزارة الحضرة، وكان نفیس يحب المال كثيراً، ونجاح معروف برفقه ومحبته للرعية، بحيث كان مولاهما مرجان يميل إلى نفيس، فقال لنفيس: إنّ عمة ابن زیاد تدعم نجاحاً وتميل إليه، فاعلم مولاه بذلك، فأمره بالقبض عليها وعلى ابن اخيها إبراهيم بن زیاد، فتم القبض عليهما، وقام الأمر ببدء بناء جداراً عليهما وهما حيان واستمروا بالبناء حتى فارقا الحياة.
فكان مقتل ذلك الصبي هو نهاية دولة بني زياد، وكانت في عام 263، بحيث كانوا بنو زیاد يقومون بخدمة خلفاء الدولة العباسية وتولى صلتهم بالهدايا والأموال، فلها اختل أمرهم وغلب أهل الأطراف على المناطق الواقعة تحت نفوذهم، تغلب بنو زیاد على ما بأيديهم من أعمال اليمن وركبوا بالمظلة، فقد كسبوا محبة الرعيه بإبقاء الخطبة العباسية في ذلك الوقت.