دور الأمير فيصل في تأسيس الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة

اقرأ في هذا المقال


قام الملك عبد العزيز بإرسال كتاب إلى الحكومة العثمانية يقترح قيامها بدعوة رؤساء العرب إلى مؤتمر يعقد في بلد لا سيادة لها فيه ولا نفوذ، ويسعى من وراء ذلك إلى أن تكون البلاد العربية كتلة سياسية واحدة، أو ولایات مرتبط بعضها بعض لتحقيق المصلحة العامة.

دور الأمير فيصل في تأسيس جامعة الدول العربية:

لتحقيق ذلك لجأت الدولة السعودية إلى عقد العديد من معاهدات الأخوة و التحالف مع الدول العربية، منها المعاهدة التي عقدت بين الدولة السعودية والعراق سنة 1355/ 1936 ميلادي، وانضمت إليها اليمن في سنة 1937 ميلادي، حيث زاد النشاط الدبلوماسي السعودي في توقيع مجموعة من اتفاقيات الصداقة والأخوة مع الدول العربية والإسلامية والأوروبية منذ المؤتمر الإسلامي الأول بمكة المكرمة، ضم كل من بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وتركيا وفرنساومصروالعراقواليمن والأردن وغيرها من الدول، وكان وزير الخارجية البريطاني مستر إيدن قد أصر على فكرة الوحدة أو الجامعة العربية في عام 1943 ميلادي أثناء الحرب العالمية الثانية، في المجلس البريطاني للنواب.

حيث قال : ” إنّ الحكومة البريطانية، تتطلع بعين العاطفة إلى كل حركة بين العرب لتعزيز الوحدة الاقتصادية أو الثقافية أو السياسية بينهم وأرسلت حكومة العراق، رئيس وزرائها السابق جميل المدفعي إلى سوريا وفلسطين ولبنان وشرقي الأردن، ليقوم في مناقشة آراء حكامها حول تحقيق فكرة الاتحاد، ومن ثم أعلن رئيس الوزراء المصري في عام 1943 ميلادي، أمام مجلس الشيوخ المصري ضرورة استطلاع آراء الحكومات العربية لبحث موقفها حول الوحدة بين البلاد العربية.

وفي ذلك الوقت وبناء على حديث الأمير فيصل لوكالة الأنباء العربية المتواجدة في القاهرة فقد أوضح وأكد على قناعته بقضايا الأمّة العربية والإسلامية حيث قال: ” إنّ العرب أمة واحدة، وإنّ الوحدة يمكن أن تحدث بالشكل التدريجي، ويجب أن يكون القرآن الكريم مصدر التشريع للنواحي الدينية والاجتماعية والاقتصادية بالإضافة إلى النواحي السياسية، حيث أرسلت الحكومة السعودية يوسف ياسين نائب وزير الخارجية إلى القاهرة للمشاركة في المفاوضات التمهيدية للوحدة، وكان الوزير السعودي المفوض في القاهرة.

وقد كان مصطفی النحاس يرى بأنّ هناك حاجة ماسة إلى استكمال هذه المفاوضات مع الأمير فيصل، وخصوصاً بعد ما قام به من التصريحات التي أدلى بها في لندن عن الوحدة العربية، والتي جاء فيها: ” إنّ أهم مسألة تشغل بال الحكومات العربية هي أن تستقل كل حكومة استقلال تام، حتى يمكنها أن تتفاوض لاختيار أفضل الطرق التي تجمع كلمتها السياسة؛ لأنّه لا يوجد خلاف بين البلاد العربية على القواعد الرئيسية للوحدة العربية.

وذلك دليل على دور وجهد الأمير فيصل المبذول في تحقيق الوحدة العربية، فقد بادرت الدولة السعودية بالاشتراك في المفاوضات الأولية لمشروع الوحدة، إلّا أنّها لم توقع مباشرة على برتوكول الإسكندرية  عام 1363/1944 ميلادي والذي جاء بموجبه الاتفاق على تأسيس الوحدة، ووقع عليه كل من مصر وسوريا ولبنان والأردن والعراق، وكان ذلك تأكيد بأنّ الوحدة لم تكون وسيلة وطريقة لمخططات تخدم مصالح دولة على حساب الأخرى.

وكان الملك عبد العزيز قد أعطى تعليماته إلى الوفد السعودي لإبلاغ رئيس اللجنة التحضيرية أنّه مستعد للتوقيع على البروتوكول ولكن بشروط معينة، وبعد ذلك بدأت النواة العملية لتأسيس الجامعة العربية، وكانت مصر من أبرز الدول المشجعة والمؤيدة للملك عبد العزيز، حيث قام المخطط العام لمشروع الجامعة العربية بزيارة إلى الملك عبد العزيز، لتوضيح أهداف الجامعة المقترحة ومسؤولياتها ومهامها، حيث وجد كل تفهم من الملك عبد العزيز، كما اقتنع بالشروط التي قام الملك بوضعها.

وفي عام 1945 ميلادي عقد اجتماع بين الملك عبد العزيز والملك فاروق الذي قام بزيارة الدولة السعودية، حيث استقبله الملك عبد العزيز بكل ترحيب، وكان الأمير فيصل حاضراً لذلك الاجتماع، ومن النتائج المترتبة عليه هو إزالة العديد من العوائق، واتضحت بعض الأمور التي شجعت الملك عبد العزيز على دعم مشروع الجامعة العربية، وكان لزيارة الملك عبد العزيز لمصر في عام 1364/1945 ميلادي، ومباحثاته مع الملك فاروق في ذلك الوقت، أثر كبير في نشوء فكرة تأسيس جامعة الدول العربية.

ميثاق جامعة الدول العربية:

وفي عام 1364/ 1945 ميلادي، تم التوقيع على ذلك الميثاق في قصر الزعفران بالقاهرة، حيث وقعت عليه الحكومات العربية المستقلة في ذلك الوقت، وهي لبنان وسوريا والعراق والأردن واليمن بالإضافة إلى السعودية ومصر، ولقد أرسل الأمير فيصل نائبه يوسف ياسين وخير الدين الزركلى للتوقيع عليه باسم الدولة السعودية؛ وذلك بسبب انشغاله في الإعداد للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتوقيع عن بلاده على إعلان قيام منظمة الأمم المتحدة.

وكان من أهداف تأسيس الجامعة هو التعاون بين الدول العربية المشتركة في جميع القطاعات وميثاق المشترك للدفاع، وكانت مهمة الجامعة الرئيسية تقرير طرق التعاون مع اللجنان الدولية التي قد تتأسس في المستقبل لضمان الأمن والسلام بين الدول.

فقد كان للدولة السعودية مواقف جازمة وثابتة طرحتها من خلال الجامعة العربية وكثير من المحافل الدولية وهو موقفها الثابت والدائم من القضية الفلسطينية، ومن ذلك إنّ الأمير فيصل سافر على رأس وفد سعودي إلى الإسكندرية ليقوم بحضور الاجتماع الأول الذي دعت إليه جامعة الدول العربية لمناقشة الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية، واتخاذ موقف عربي موحد تجاهه، وقرّر المؤتمر سفر الوفود العربية إلى لندن لمفاوضة الحكومة البريطانية حول المشكلة ولكن عندما لم تجد هذه الوفود خطوات إيجابية من لندن اتجهت ومعها الأمير فيصل إلى الأمم المتحدة.

 دور الأمير فيصل بتأسيس هيئة الأمم المتحدة:

أمّا بالنسبة لدور الأمير فيصل في تأسيس هيئة الأمم المتحدة، فإنّه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فكر الحلفاء الذين انتصروا في تلك الحرب على تطوير وتحديث عصبة الأمم لتصبح هيئة عالمية، وبرغبة من الملك عبد العزيز في العمل مع الدول الكبرى، والسعي معها في دعم السلم والاستقرار العالمي، بعث إلى ابنه الأمير فيصل في عام 1364/1945 ميلادي، العديد من التعليمات بهذا الشأن.

وبذلك دليل على أنّ الأمير فيصل بن عبد العزيز كان على قدر كبير من العلم والمعرفة الشاملة في مختلف المجالات، حيث نشير إلى الدور الفعال الذي قام به في أخذ المملكة العربية السعودية في عهده إلى عالم التطور والتحدث منذ ظهور المخترعات والموارد الحديثة في العالم الغربي، وبذلك تمتعت الدولة في عهده بالازدهار الكبير، حيث كان خير مثيل لغيره من الأمراء والحكام المقابلين له، وخير قدوة يتخذها الشعب في السير على نهجه.


شارك المقالة: