اقرأ في هذا المقال
- المسجد الجامع في بريدة
- استجابة الملك عبد العزيز لتوفير المساعدات المالية المتعلقة بالمساجد
- دلائل تاريخية تشير إلى عناية الملك عبد العزيز بالمساجد
- مظاهر اهتمام الملك عبد العزيز بالمساجد
لقد اهتم الملك عبد العزیز اهتمام فاتئق ببناء المساجد وإدارة شؤونها العامة، والاهتمام بالحرمين الشريفين وشؤونهما خاصة، فقد بدأ الاهتمام ببناء المساجد منذ وقت مبكر من حياة الملك عبد العزيز منذ قيامه في رحلة التوحيد، واستمر ذلك وازداد مع الاستقرار وتطور المصادر المالية للدولة، ورغم حرص الملك عبد العزيز على عدم الإعلان عن مثل هذه الأبواب من الخير؛ رغبة منه في عظم الأجر من الله سبحانه وتعالى، إلا أنّ المصادر التاريخية تحتفظ بالعديد من النماذج والأمثلة التي تشير إلى هذا الجانب المشرق في حياة الملك عبد العزيز.
المسجد الجامع في بريدة:
أولى الملك عبد العزيز اهتمامه في بناء المسجد الجامع في بريدة، فقد ذكر الشيخ صالح العمري في کتابه: علماء آل سليم، عن جامع بريدة أنّ الملك عبد العزيز عندما مر به عام 1330 هجري أحب أن يكون بناء هذا المسجد على نفقته الخاصة، وهذا يشير إلى اهتمام الملك عبد العزيز بالعناية بالمساجد منذ بداية حياته، ويوم كانت الدولة لا مصادر مالية لها إلا قليلاً مما تحصل عليه من الزكاة وغيرها.
وبعد مرور حوالي ثلاثين عاماً من إعادة البناء للمسجد الجامع في بريدة، والتي تكفل بها الملك عبد العزيز للمسجد، يعود رحمه الله مرة أخرى إلى دفع المساعدة المالية لإعادة البناء والتوسعة التي أجريت للجامع في عام 1359 هجري، حيث بادر الملك بمجرد علمه بعزم الشيخ عمر بن سليم على البدء بالمشروع، كان له أثر في تسريع عملية إنجاز المشروع في وقت قصير لم يتعدى ثلاثة أشهر.
استجابة الملك عبد العزيز لتوفير المساعدات المالية المتعلقة بالمساجد:
إنّ الملك عبد العزيز كان حريصاً قدر الإمكان على إجابة الطلبات الواردة من مختلف مناطق المملكة؛ للمساعدة في بناء وترميم المساجد أو المقابر وغيرها، وحرصاً منه على ترتيب الأولويات في ذلك الوقت، وعلى وضع النفقة في موضعها الصحيح، فقد كان لا يتردد في الكتابة إلى بعض الجهات المسؤولة أو إلى أهل الرأي في البلد، لمعرفة الحقيقة عن الوضع القائم، وتقدير الحاجة بمجموعها المالي قبل قيامه بعمل الخير، ومن ثم قيامه بتنصيب من يراه موثوق من أهل البلد لقيامه العمل بالإشراف على تنفيذ ذلك المشروع.
دلائل تاريخية تشير إلى عناية الملك عبد العزيز بالمساجد:
ومن النماذج التاريخية التي تشير إلى عناية الملك عبد العزيز بالمساجد وما يليها من توابع المتمثلة بالنفع العام مثل دور العلم والأوقاف أو الأعمال الخيرية، الخطاب الذي وجهه الملك عبد العزيز إلى جميع أهل المجمعة في عام 1335 هجري، ففي هذه الوثيقة التاريخية بين الملك عبد العزيز تدابيره بخصوص بعض الأعمال الخيرية التي وجه بالقيام بها هناك، والتي تشتمل على مسجد ومدرسة وأوقاف للصرف منها على الأعمال الخيرية المذكورة.
اهتم الملك عبد العزيز بالمساجد وقام بدعم عملية بنائها، فقام بخصوص ذلك الشأن بتوجيه خطاب إلى عبد الرحمن ابن زامل وجماعته في عام 1344 هجري، جاء ذلك رداً على خطابهم الذي يطلبون فيه المزيد من المساعدة لبناء المسجد في بلدتهم، حيث أجابهم بقوله: من قبل نفقة مسجدكم وإنها قصرت فقد أمرنا لكم بزيادة معاونه على ما قدمنا لكم بالسابق ألف ر.س.
ومن النماذج الوثائقية الأخرى التي تشير إلى اهتمام الملك عبد العزیز بشؤون المساجد والعناية بها كتابه الذي بعث به إلى محمد ضرسان و محمد ابن مرضي، في وادي الدواسر، يطلب منهما بسط الصورة الحقيقة عن أحد المساجد القائمة هناك، وتقدير حاجته للدعم، حيث يقول الملك عبد العزيز رحمه الله في خطابه لهما: ذكر لنا خلف بن فريد وجماعته إنّ مسجدهم ضيق عليهم ويحتاج إلى زيادة مصباح، فأنتم تقومون في رؤيته وتخبرونا بالحقيقة. وما إن علم الملك عبد العزيز بحقيقة المسجد وحاجته للمساعدة حتى بادر في إصدار أمره إلى ابن ضرمان وابن مرضي بدفع مبلغ خمسمائة ريال مساعدة منه للمسجد وما يحتاجه، وقد كان هذا المبلغ مبلغاً ضخماً في ذلك الوقت.
ومن النماذج الوثائقية لهذا الشأن المتعدد من جوانب عمل الخير عند الملك عبد العزیز، ماجاء في إحدى الوثائق عن عام 1369 هجري، حيث بلغ الملك عبد العزيز إنّ مقبرة المذنب تهدمت جدرانها حيث كان أصحابها فقراء وكذلك مسجد الجامع، فكتب الملك عبد العزيز مباشرة إلى مدير المالية في بريدة الشيخ حمد التويجري يطلب منه تکلیف من يعتمد عليه ويوثق به، ليقوم بعملية البحث عن ذلك الوضع وتوضيح الحقيقة كاملة للملك؛ كي يبادر إلى إصلاحهما وفق الحاجة المقدرة.
مظاهر اهتمام الملك عبد العزيز بالمساجد:
وكذلك من مظاهر اهتمام الملك عبد العزيز بالمساجد أنه جعل المسجد الأساس الذي تقوم عليه الهجر عند إنشائها، ويقول الدكتور محمد الشثري في كتابه القيم عن الدعوة في عهد الملك عبد العزيز: والذي يعنينا هنا أن بناء الهجر كان يسبقه بناء المسجد ورفعه؛ باعتبار إنّ الهدف من هذه الهجر تهذيب النفوس وتربيتها، والمسجد خير وسيلة لتحقيق هذا الهدف. وهكذا كان التعليم في المسجد هو الأساس الذي اعتمد عليه الملك عبد العزيز في تخليص العقلية البدوية من مبادئ العصبية في الأعراف والمفاهيم، وتوجيهها إلى خدمة الدعوة.
كما تدل المصادر التاريخية أن عناية الملك عبد العزيز بالمساجد لم تكن محصورة على المباني والتجهيزات في المساجد وما يتعلق بها فقط، بل كان من تتركز على اهتمامه بالمساجد وشؤونها وكذلك على رعاية الأئمة والمؤذنين في المساجد، من خلال توفير الأعطيات لهم، وتأمين المساكن لهم قدر المستطاع؛ کي لا ينشغلوا بذلك عن القيام بالمهمات الكبيرة المطلوبة منهم، وتشير إلى ذلك العديد من الوثائق التاريخية، ومن ذلك أمره الملك ببناء بعض البيوت للمساجد في القصيم عام 1361 هجري.
وتشير تلك الأحداث إلى أنّ الملك عبد العزيز من حرصه على الإسراع في عملية تأمين البيوت ألحق أمره بالبناء بأمر آخر استجاب فيه مباشرة لرأي الشيخ حمد بن عبد المحسن التويجري بالبحث عن بيوت جاهزة وشرائها لسد الحاجة، حيث يقول: الخط المكرم وصل، وما عرفت کان معلوم مخصوصاً من قبل البيوت الذي أمرناكم بتعميرها وإنّ الأرفق يرى بدالها بيوت مستقيمه يتم شرائها، فهذا رأي طيب. ومثال على ذلك أيضاً خطاب الأمير سعود بن عبد العزيز ولي العهد إلى الشيخ حمد التويجري، في عام 1357 هجري؛ لتنصيبه بتسليم الشيخ منصور بن عمران مئة وزنة تمر وثلاثين صاع عيش قاعدة له وما زال أمام المسجد الذي في جلاجل.