التحليل الاقتصادي والخدمات الصحية في علم الاجتماع الطبي:
ينظر عالم الاقتصاد إلى الخدمة الصحية على أنها مُقيدة بعنصرين رئيسيين، هما الطب والعرض، وتذهب التحليلات الاقتصادية إلى أن سوء توزيع الإمكانيات النادرة للرعاية الصحية وقلة الصرف عليها، وتحكم المصالح الخاصة سواء بالنسبة للأطباء أو للمؤسسات الصناعية الطبية التي تؤثر على تعيين طبيعة الأولويات الطبية، واستصدار التشريعات المتجانسة مع تطلعاتها الخاصة، في مقابل تلهف المرضى على الرعاية الصحية والاستشفاء، إن كل ذلك وراء خلل الارتباط بين العرض والطب في الخدمة الصحية.
ومن جانب آخر فإن كثيراً من المعيقات الصحية في مجتمعاتنا تنجم عن قصور في بعض الخدمات الرئيسية، كالمياه النقية والصرف الصحي والمسكن المناسب، مما يعمل على انتشار الأمراض المتوطنة، وعلى رأسها أمراض الجهاز الهضمي وأمراض الجهاز التنفسي، يليها أمراض الجهاز الدوري، وليس ثمة شك في أن هذا الواقع يفرض توافر عرض كافي من الخدمات الصحية لمواجهة الطلب عليها، ويمكن عرض تحليلات الاقتصاديين للخدمات الصحية على النحو التالي:
1- الطلب على الخدمات الصحية:
ويتضمن البحث على الرعاية الصحية في الطلب على خدمات القوة العاملة الطبية، وعلى خدمات المرافق الصحية، وهناك مجموعة اعتبارات تحكم عملية الطلب منها، وهي الحاجة كأسس للطلب على الخدمات الصحية، ومشكلة فائض الطلب في ظل نظام الإنتاج العام للخدمات الصحية، والظروف التي تؤثر في الطلب على الخدمات الصحية وتتحدد في الهيكل السكاني على الكمية المطلوبة من الخدمات الصحية، وبين نسبة المتعلمين إلى مجموع السكان وبين الطلب على الخدمات الصحية من جهة أخرى، وحدوث تقدم في الأساليب الطبية المستخدمة وفي تكنولوجيا الطب وتعديل السلوك بالأساليب المؤثرة والأخرى التكيفية، وأيضاً تؤثر الزيادة في الدخل الفردي بشكل غير مباشر على الطلب على الخدمات الصحية.
2- عرض الخدمات الصحية:
تميز دراسات الاقتصاديين بين عرض الفئات المتنوعة من القوة العامة الطبية وهي التي تتضمن من أطباء وممرضات ومساعدين، بقصد تحديد العدد اللازم تأهيله من كل فئة على حدة لإشباع الطلب عليها، وعلى الرغم من زيادة عرض القوة العامة الطبية في بعض الدول النامية حالياً، إلا أن يجب دراسة مدى تناسب معدلات الزيادة في العرض مع معدلات الزيادة في الطلب، عن طريق استخدام المؤشرات الصحية التي تنسب عرض القوة العامة الطبية إلى حجم السكان.