التصورات السوسيولوجية في ثنائية الالتزام والحياد عند نوربيرت إلياس في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


التصورات السوسيولوجية في ثنائية الالتزام والحياد عند نوربيرت إلياس في علم الاجتماع:

استخدم نوربيرت إلياس، في كتابه مدخل إلى علم الاجتماع المعرفي، مفهومي الميثاق والحياد، ويدل المعنيان مع بعضهما على ثنائية الشخصية والموضوعية، ويعني هذا أن الدراس يفتش عن الأسلوب التي يجب أن يتصرف بها علم الاجتماع مع الظواهر المجتمعية، فهل سيظل محايداً أم يدخل نفسه في البحث؟

ويوجهنا هذا أيضاً على إشكالية معقدة شديدة في العلوم الإنسانية، هل يمكن التعامل معها على الأساس الوضعي التفسيري؟ أم على الأصل الفهم الروحي؟ أم على أصل اتحاد بين اﻹدراك والتوضيح على حد سواء؟ ويقصد بهذا أن الحياد أن يأخذ الموضوعية في بحث علم الاجتماع، أما الميثاق  فيعني إدخال النفس خلال التعامل مع الظواهر المجتمعية.

وفي الواقع، يحتوي كل فعل جانباً من الموضوعية الحيادية، وجانباً من التدخل الذاتي الالتزام، أي  نستطيع  معرفة اﻹنسان من خلال المقاربة السوسيوتاريخية، وذلك من أجل إدراك كيف يتطور أدائه أو فعله المجتمعي خلال التاريخ، ضمن صيرورة الحضارة، وارتقاب متنوع الارتباطات التفاعلية بين المواطنين في ارتباطاتهم مع محيطهم وبيئتهم.

فقد يجمع نوربيرت إلياس بين الإدراك والتوضيح، ويرفض دراسة الظواهر المجتمعية تحليلاً علمياً ووضعياً فحسب، بالاعتماد على التفسير والمقارنة والتكميم الرياضي أو الإحصائي، ﻷن ذلك يخلق نوعاً من الحياد الوهمي، لذا لا بدّ من أن نجمع بين الذاتية والموضوعية من جهة أخرى، أو بين الفهم والتفسير من جهة أخرى.

لقد وظف نوربيرات إلياس مصطلح توجيه السلوك في الثلاثينات من القرن العشرين، قبل أن يستخدمه بيير بورديو في كتاباته السوسيولوجية المتنوعة، ويعني الهابيتوس عند الباحث تلك المعرفة المجتمعية المستضمرة أو المخزنة لدى الأفراد بشكل غير واعٍ، وتتحذر مع مرور الوقت بفعل الأسرة أو المؤسسة أو الحزب أو الدولة، وبالتالي تدل على هوية الفرد، كما تدل على هوية الجماعة.

ويحيل هذا على ما يطلق عليه بالتنشئة الاجتماعية أو التطبع أو الاندماج الاجتماعي، سواء أكان فرداً أم جماعة، أي ينغمس الأفراد لسلسلة من المعايير والعادات والقيم المجتمعية، بفعل الاحتكاك والانسجام والتطابق مع البنيات الموضوعية، ويمتاز توجيه السلوك بالاستمرار والتغير والتطور التاريخي، وانتقاله من جيل إلى آخر.


شارك المقالة: