التصور المنهجي السوسيولوجي عند جورج زيمل في علم الاجتماع:
يتخذ زيمل المقاربة التفاعلية في دراسة الظواهر المجتمعية، بمعنى أنه يستخدم المنهجية الكيفية، في حين يستخدم ماكس فيبر المنهج التفهيمي، كذلك يستعمل دور كايم العلم التفسيري الوضعي الكمي، ويعني هذا كله أن زيمل قد اهتم بالإنسان في علاقته التفاعلية مع الأشخاص الآخرين، وذلك من خلال تفاعل مجتمعي موجود على الفعل ورد الفعل.
أي تعرّف زيمل على العلاقة التفاعلية القائمة بين الشخص والمجتمع، أو تعلّم مختلف التفاعلات المتبادلة بين المواطنين، مثل التنازع والتنافس والتعاضد، والتكاتف والحسد والأهواء والأحاسيس والجمعيات ومقايضة الرسائل، ويعني هذا ضرورة التركيز على التفاعلات التي تفرزها الحياة اليومية العادية بأشكالها الاجتماعية، كما أن هذه المقاربة التفاعلية ذات طبيعة سياقية متصلة بالفعل المتبادل في نطاقه الزمني والمكاني.
وبهذا تستند المقاربة التفاعلية عند زيمل على تجربة الأشخاص في العالم أو الحقيقة الحياتية، والتركيز بالأخص على التفاعل المتقايض، ودراسة الفاعل وفقاً للواقع الطبيعي الذي يتعايش فيه، أي معرفة وجهة نظر الفاعلين الاجتماعين بالحسبان، إذ إن هؤلاء يكونون عالمهم الاجتماعي عن طريق المعاني التي يخصون بها الأشياء والأفراد والرموز التي تحيط بهم.
فقط كان جورج زيمل هو الرائد لبيان التفاعلية الرمزية أو معهد شيكاغو الأمريكية مع جورج هربرت ميد وألبيون سمول، وبذلك بات علم الاجتماع علم ميداني، يركز على معرفة المدينة، وحل عقباتها الاجتماعية، والاتجاه إلى علم اجتماع غير نظري، بل قائم على العمل الميداني.
والبرهان على تأثير معهد شيكاغو بزيمل ما قاله آلان كولون، لقد عمل ألبيون سمول دوراً بارزاً في نشأة علم الاجتماع، لا في شيكاغو فقط، بل وفي كافة الولايات المتحدة، وتعلم سمول بعد أن بدأ يتعلم لاهوتية في برلين، حيث رأى جورج زيمل الذي كان مستجداً حينها قبل أن يترك أثراً على علم الاجتماع، ثم في ليبزيغ حيث درس بين الأعوام 1879 و18881م التاريخ والفلسفة والسوسيولوجيا الألمانية.
ثم رجع سمول إلى الولايات المتحدة وأخذ على شهادة الدكتوراة في التاريخ من جامعة جون هوبكنز في العام 1889م، ثم صار مدرساً لمادة التاريخ في معهد كولبي حيث بقي يدرس المادة حتى العام 1882م.