التطورات الإدارية في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود

اقرأ في هذا المقال


مفهوم التطور الإداري:

يحتوي مفهوم ومصطلح التطوير الإداري الكثير من المفاهيم، فقد يحتوي على مصطلح القيادة والإدارة وكذلك خبراء تطوير القدرات البشرية، ومن أهم التعريفات التي أطلقت عليه أنه عملية تطوير وتحديث في المجال الإداري، بمكانة تعليم جميع أفراد الشعب في أي مؤسسة بناء على الفهم واستغلال الفرص المتاحة، وتم إضافة فكرة تطوير القدرة العامة في الإدارة المؤسسية وذلك باستخدام الموارد الشاملة والمتاحة في الدولة.

التطور الإداري في عهد الملك سعود:

التطورات الإدارية في عهد الملك سعود أدى أثرها في تنشيط الحركة التعليمية، وإنّ ذلك يتصل في البناء الإداري في حالة ما، وكذلك بنظامها السياسي، لأن الأجهزة الإدارية لذلك النظام هي وسيلته في ممارسة المسؤوليات العامة في الدولة وترجمة سياستها العامة إلى واقع في إطار العقائد والمفاهيم والقيم الموجودة في المجتمع، أي إن عملية صنع القرارات ورسم السياسة العامة للدولة تتولاها السلطة السياسية.

فبعد انتهاء الملك عبد العزيز من بناء الكيان السياسي الكبير لدولته، سعى جاهداً لتوحيد أنظمتها الإدارية في جميع المناطق، حيث كان لكل إقليم نظمه، حيث تختلف من إقليم إلى آخر، بسبب الظروف التاريخية والسياسية السابقة لتكوين الدولة، وبدأت عملية تنظيم الدولة من الحجاز تلبية لاحتياجات الإقليم في مواجهة موسم الحج ومن ثم امتدت عملية التنظيم الإداري بعد ذلك إلى جميع مناطق وأقاليم الدولة، على الرغم من أنه كان هناك تغيرات بطيئة في طريقة الحكم وأساليب الإدارة في الأقاليم الرئيسة للبلاد نظراً للأزمة التي واجهتها الدولة فيما بعد أزمة الإخوان، إضافة إلى نشوب الحرب العالمية الثانية.

وكان الملك عبد العزيز يتولى رئاسة شؤون الحكم وإدارته بطريقة معينة، عرف بها واتبعها أسلافه من بعده وهي تطبيق الشريعة الإسلامية، واستشارة ذوي الرأي الصائب من علماء الشريعة وأمراء الحاضرة ورؤساء البادية وبعض أفراد أسرته، واستفاد من بعض الشخصيات المتعلمة، علاوة على تجربته وحنكته وصفاته الذاتية فكانوا نعم العون له. وكما كان يقول فيلبي: ” إنّ من أعظم إنجازاته هو أنه في خلال خمسة وأربعين عاماً من مدة حكمه الطويلة حول واحدة من أكثر بلدان العالم اضطراباً إلى دولة يسودها السلام والأمن والنظام.

تسلسل تاريخي للتطورات الإدارية في عهد الملك سعود:

لقد سار الملك سعود على سياسة والده في رسم سياسة الدولة خاصة، أنه اكتسب خبرة طويلة وتجارب متعددة ساعدته في تنظيم دولته، علاوة على أنه في عهد والده كان يحكم إقليم نجد مركز السلطة العليا في الدولة، وإليه يرجع أمراء هذا الإقليم ورؤساؤه والأمير هو الحاكم الإداري للمدينة والمسؤول الأول عنها، وإليه يرجع القاضي ومأمور المال، وهو المسؤول عن أمورها الداخلية، وكان يشرف على تنفيذ الأحكام القضائية والأنظمة والتعليمات، وعليها يرفع تقارير للملك مع التوصيات اللازمة.

من هنا كانت خبرته وحنكته في إدارة أمور الدولة خاصة عندما وضعت الرياض قدمها على طريق التنظيم الإداري الحديث، وذلك بصدور البيان الملكي في عام 1373 الموافق 1953 ميلادي، القاضي بتأسيس مجلس الوزراء، وقد كان مقرر أن يفتتح المجلس في 1/ 4/ 1373.

ولكن وفاة الملك عبد العزيز رحمه الله قبل شهر من صدور بيان إنشاء المجلس، قام في تأخير افتتاحه إلى 1373 هجري، ويتكون  هذا المجلس من جميع وزراء الدولة المكلفين بإرادة ملكية لإدارة شؤون الوزارات المعهودة إليهم، وكذلك من مستشاري الملك باعتبارهم وزراء دولة، مع تعيين نائب للرئيس في أثناء غيابه. وقد بلغ عدد الوزارات في آخر أيام حياة جلالة الملك عبد العزيز خمس وزارات، وهي وزارة الخارجية، وزارة المالية، وزارة الدفاع وزارة الصحة، وزارة الداخلية. ولم تكن هذه الوزارات إلا نواة للوزارات التي ظهرت بعد ذلك.

وقد افتتح الملك سعود عهده بتثبيت جميع الوزراء والأمراء والموظفين في وظائفهم وولي رئاسة مجلس الوزراء إلى أخيه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل ولي العهد. ووجه دیوانه بإصدار بلاغ يشرح فيه الخطوط التي سيسير عليها في إدارة البلاد، وجاء فيه: ” لقد كان همنا منذ تولينا مقاليد الأمور أن نعتصم بكتاب الله، ونهتدي بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم نتبع سيرة والدنا في السياسة والإدارة وفي كل مجال من مجالات الإصلاح وأول ما عقدنا عليه العزم أن نجعل منكم إخواننا وأبناءنا ووزراءنا موضع ثقتنا ومشورتنا نتعاون معكم على النهوض بأعباء الحكم في هذه البلاد، فأنشأنا هذا المجلس ليكون مصدراً لجميع الأعمال التي نقوم بها في خدمة هذه الدولة والشعب.

وفي عهد الملك سعود أنشئت العديد من الوزارات الجديدة التي كان لها دور في رقي البلاد وازدهارها، منها وزارة المعارف، ثم أنشئت وزارة الزراعة والمياه، كما أنشئت وزارة المواصلات، ونظمت التجارة وأصبح لها وزارتها المستقلة مع الصناعة، وعين لهذه الوزارات وزراء أكفاء، وجعل لكل منهم صلاحياته في مجال وزارته، وتعمل كلها على أساس بأن مجلس الوزراء هو المرجع الأعلى للسلطة، ويرأسه الملك وفق صلاحيات دستورية واسعة. وقد استدعى الملك سعود كل واحد من المسؤولين على حدة وأمرهم بالاستمرار في أعمالهم حتى إشعار آخر.

ومن أهم أعضاء مجلس الوزراء في تلك الفتره الأمير فيصل وكان قد تولى العهد وقتها، ووزيراً للخارجية، الأمير عبدالله الفيصل وزيراً للداخلية، والأمير فهد بن عبد العزيز وزير للمعارف. الأمير مشعل بن عبد العزيز وزير للدفاع والطيران، الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير للمواصلات، الشيخ محمد سرور الصبان وزيراً للمالية والاقتصاد الوطني الشيخ محمد علي رضا زينل وزيرة للتجارة والصناعة. الدكتور رشاد فرعون وزيرة للصحة. الشيخ يوسف ياسين وزير دولة ونائب وزير الخارجية الشيخ أحمد السديري وزيراً للزراعة .

ومن الملاحظ أنّ اختصاصات هذا المجلس تجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فهو يشرف على جميع الوزارات والمصالح العامة ويشرف على تفيذ الأوامر والبيانات الملكية والقوانين والقرارات، ويشرف على تنفيذ الميزانية بواسطة مراقبة حسابات الدولة. وأخيراً يقوم بإصدار القرارات والتعليمات واللوائح التنظيمية اللازمة لتنفيذ الأوامر والبيانات الملكية والقوانين والقرارات التي يوافق عليها مجلس الوزراء، ويصدق عليها جلالة الملك سعود.

وقد استمر الملك سعود في توليه منصب رئيس مجلس الوزراء مدة تزيد عن خمسة أشهر وبعدها عهد برئاسة المجلس لأخيه وولي عهده الأمير فيصل، وقد ترتب على تكليف الأمير فيصل برئاسة مجلس الوزراء إلغاء منصبي النائب العام ورئيس مجلس الوكلاء اللذين كانا يشغلهما، وتم تعيين رئيس ديوان النيابة العامة رئيس الديوان رئيس مجلس الوزراء بمرتبة وزير. وقد استمر مجلس الوزراء في ممارسة صلاحياته وإشرافه على تنفيذ السياسة الداخلية والخارجية مدة تزيد عن أربع سنوات إلى إن قام الملك سعود بتفويض ولي عهده بصلاحيات واسعة.

وترتب على ذلك صدور نظام جديد لمجلس الوزراء سنة 1377 إلى 1900 ميلادي، واستمر كذلك الوضع حتى سنة 1960 ميلادي، حيث تولى الملك سعود رئاسة مجلس الوزراء مرة أخرى بناء على طلب الأمير فيصل إعفاءه من مهام منصبه رئيساً لمجلس الوزراء، وفي سنة 1382 الموافق 1992 ميلادي، أصبح ولي العهد فيصل يتولى رئاسة المجلس للمرة الثانية بناء على أمر ملكي كريم، حيث وافق كذلك جلالة الملك على التشكيل الوزاري الجديد الذي اقترحه سمو الأمير فيصل.

ومن اختصاصات هذا المجلس هي تحديد السياسات في الدولة على المستوى الداخلي وكذلك الخارجي، وأيضاً تحديد اختصاصات الدولة من النواحي التعليمية والاقتصادية وجميع الشؤون العامة للشعب ويشرف على تنفيذها، ويملك السلطة التنظيمية والسلطة التنفيذية والسلطة الإدارية وهو المرجع للشؤون المالية ولجميع الشؤون المرتبطة بجميع وزارات الدولة والمصالح الأخرى، وهو الذي يقرر ما يلزم اتخاذه من إجراءات في ذلك. وقرارات هذا المجلس نافذة ونهائية إلا ما يحتاج منها إلى إصدار أمر ملكي طبقاً لأحكام هذا النظام.

ثم صدر البيان الملكي الذي بمقتضاه أصبح الأمير فيصل مرة أخرى رئيساً لمجلس الوزراء وتقرر فيه مبايعة فيصل ملكاً، وذلك بناء على طلب مجلس الوزراء والأمراء وأهل الحل في البلاد فوافق على ذلك الملك سعود، وأعلن في ذلك البيان الملكي بأن فيصل سيتولى شخصية صلاحيات رئيس مجلس الوزراء ومسؤولياته وبالتالي فإن الرؤية للإدارة الحديثة بالدولة تتمثل في السلطات الآتية الملك وهو رجل الدولة الأول ومرجع جميع السلطات فيها، وتعود إليه كل الأجهزة في أعمالها في الداخل والخارج.

الديوان الملكي:

من خلاله يتم رصد كل الإنجازات وتحركات كل أجهزة الدولة في جميع مناطق البلاد، حيث يتكون من عدة شعب وإدارات، ويضم المستشارين والعديد من الموظفين المتمرسين مجلس الوزراء ويعد الملك رئيساً لهذا المجلس، ومهمته النظر في جميع شؤون الدولة خارجية كانت أم داخلية، وقرارات هذا المجلس تخضع لموافقة رئیسه وتصديق. ونتيجة للتوسع العددي والنوعي في حجم الجهاز الحكومي ونشاطاته أدى ذلك إلى مضاعفة عدد الوزارات والمصالح الحكومية المركزية والمؤسسات العامة والأجهزة الإدارية المستقلة.


شارك المقالة: