اقرأ في هذا المقال
- التفاعل بين الصحة والتنمية الاقتصادية في علم الاجتماع الطبي
- كيفية الاهتمام المتزايد في العناصر الطبيعية للتطور القومي
التفاعل بين الصحة والتنمية الاقتصادية في علم الاجتماع الطبي:
عندما نأخذ قضية التنمية في المجتمعات فلا بدّ لنا أن نوضح المكان الذي تشغله الصحة على خريطة التنمية، ذلك أن الصحة لا تنفصل عن جميع عناصر عملية التنمية ولا يصح الإغفال عنها، وذلك نظراً للارتباط الوثيق والتفاعل الدينامي المستمر بين صحة الفرد صانع التنمية، أو معوق انطلاقها، وبين هذه التنمية كغاية أسمى يسعى إليها الفرد وتنعكس دورها عليه مره أخرى، أنهما إذن وجهان لعملة واحدة هي الفرد كهدف ووسيلة.
ويتمثل تراث التنمية محاولات تثبت هذا التفاعل وتبيّنه، ومنها محاولة جونار ميردال الذي درس معيقات التنمية في جنوب آسيا، فأعطى الصحة الأهمية الأولى وقدم في هذا الصدد آراء وطرح مواضيع تنطبق على العالم النامي كله، فبيّن منذ البداية تأثير الصحة في الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وتأثر الصحة نفسها بهذه الظروف، وخاصة بما يتصل منها بالدخل ومستوى المعيشة ولا سيما الغذاء.
فالصحة والتعليم مثلاً يصل التفاعل بينهما إلى مستوى أن تقدم المتعلم في دراسته مرهون بمستواه الصحي، كما أن قدرة البالغين على استخدام المهارات، وممارسة المعرفة التي يمتلكونها تتوقف على مستوى صلاحيتهم الجسمية والعقلية، كما أن تحسين من المستوى الصحي وتحسين الظروف الصحية يتوقف على معرف الأفراد بالمزاولات الصحية اتجاهاتهم نحوها، ويضاف إلى ذلك أن المستويات الصحية والتعليمية معاً تستندان على الوسط الاجتماعي، وخاصة الاتجاهات والنظم المعروفة وعلى ذلك فإن بعض الإصلاحات الحيوية في مجالي الصحة والتعليم بالضرورة إصلاحات اجتماعية في المركز الأول.
كيفية الاهتمام المتزايد في العناصر الطبيعية للتطور القومي:
إذا كانت فلسفة التنمية الاقتصادية توضح وتبرز الأهتمام المتزايد للاستثمار في العناصر الطبيعية للتطور القومي، مثل الطرق والمصانع والسدود، إلا أنها تتجاهل الاهتمام بالتعليم والصحة، وتبعدهما من دائرة الاهتمام في فلسفة التخطيط، بالإضافة إلى ذلك أن التراث الاقتصادي وخطط التنمية جميعها قد قامت على أصل نظريات غربية في الأساس، على حد قول جونار ميردال، ولم تكلف ذاتها مجرد النظرة النقدية لتطبيق المفاهيم الغربية والنماذج التحليلية الاقتصادية على المجتمعات النامية في جنوب آسيا.
ومن هنا نرى أن الارتباط بين الصحة والتنمية الاقتصادية تزداد توطيداً بحيث تثبت الارتباط بين القرارات الاقتصادية من جانب، وبين جوانب الحياة الاجتماعية من جانب آخر، وكلاهما يؤثر بدوره على الصحة والمرض في المجتمع، فإذا كان المستوى الاقتصادي متدني أدى ذلك إلى تقلص الانتفاع من الخدمات الصحية، وعلاوةً على أن المعيقات الاقتصادية وما يصاحبها من فقر تجعل فرض أي رسوم ولو كان قليل على الخدمة الصحية قد يمنع الأفراد من الانتفاع منها.