التقسيم الطبقي والصراع الطبقي عند ماركس في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


التقسيم الطبقي والصراع الطبقي عند ماركس في علم الاجتماع:

قرر ماركس أن الطبقات قد ظهرت إلى الوجود عندما تطور تقسيم العمل وتطور الإنتاج، بحيث أصبح من الممكن لبعض الناس أن يتملكوت فائض عمل غيرهم، وبالتالي استطاعوا أن يحققوا تراكماً من هذا الفائض، مكنهم من أن يدخلوا في علاقات استغلالية مع جماهير المنتجين، وهكذا أصبح من الممكن أن تسيطر طبقة من الناس على طبقة أخرى.

وقد عرف لينين الطبقات بقولة: الطبقات عبارة عن مجموعات كبيرة من المواطنين تتفاوت كل مجموعة منها عن الأخرى، حسب الموقع الذي تشغله من نظام الإنتاج الاجتماعي المعين تاريخياً، وحسب علاقتها بوسائل الإنتاج وحسب الدور الذي تلعبه في التنظيم الاجتماعي للعمل، ويترتب على ذلك كل تنوع جوهري في كيفية حصولها على نصيبها من الثروة الاجتماعية، والطبقات مجموعات من الناس يمكن ﻹحداها أن تكتسب ناتج عمل الأخرى نظراً للمواقع المختلفة التي تشغلها كل منها في نظام محدد من العلاقات الاقتصادية الاجتماعية.

ومن وجهه نظر ماركس يرى وسائل الإنتاج لها علاقة بالطبقة وهي العامل الأساسي المحدد لموقعها، ودورها في الإنتاج الاجتماعي وأيضاً المحدد لكيفية حصولها على الدخل وحجم ذلك الدخل، والطبقات لم توجد منذ بداية المجتمع البدائي فلم تكن هناك طبقات ذلك، أن الإنتاج كان ضعيفاً للغاية بحيث لم يكن يكفي إلا كيقيم أود الناس أو يبقيهم على قيد الحياة، وبالتالي فإنه لم تكن هناك إمكانية ما، ﻷن تتراكم أي ثروة في أيدي أي مجموعة من الناس.

بعبارة أخرى لم تكن هناك أي إمكانية للملكية الخاصة التي ما أن ظهرت حتى ظهرت الطبقات وتمايز الناس إلى مجموعات تملك وأخرى لا تملك أي شيء، ولكن مع تطور قوى الإنتاج ومع زيادة إنتاجية العمل بدأ الناس بنتجون أكثر ممّا يستهلكون، وهكذا أصبح من الممكن أن تتجمع ثروة مادية لدى بعض الناس وأن يمتلك بعضهم وسائل الإنتاج، وهكذا ظهرت الملكية الخاصة التي ساعد على زيادتها التزايد المستمر في تقسيم العمل والتبادل التجاري.

وقد أدى ظهور وتطور الملكية الخاصة وحلولها، محل الملكية العامة إلى تزايد اللامساواة الاقتصادية، فبعض الناس وبخاصة زعماء القبائل أصبحوا أغنياء واستولوا على وسائل الإنتاج الجماعي، أما البعض الآخر الذين حرموا من ملكية وسائل الإنتاج فلم يكن أمامهم من مفر إلا أن يعملوا لدى أولئك الذين أصبحوا مالكين لوسائل الإنتاج.

وقد ظهرت الطبقات الاجتماعية حين تداعى النظام الجماعي البدائي، وبدأ نظام الرق في الظهور، وقد كان هذا الوضع المتناقض للطبقات في المجتمع هو مصدر الصراع الطبقي، وأصبح الصراع الطبقي هو العلامة المميزة لتطور البشرية خلال قرون طويلة.

وقد رفض ماركس تماماً تعريف الطبقة على أساس المحكات التي كان يستخدمها المفكرون المثاليون في ذلك الوقت، والتي ما زالت تستخدم حتى الآن في علم الاجتماع الغربي، فقد قرر ماركس عند حديثة عن الطبقات في كتابه رأس المال أنه لا يمكن التعرف على الطبقة على أساس مصدر الدخل، أو على أساس الوضع الوظيفي للأفراد في عملية تقسيم العمل فهذه المحكات سوف تؤدي بنا إلى تقسيم الناس إلى عدد هائل من الطبقات، الأطباء الذين يحصلون على دخلهم من معالجة مرضاهم سوف يصبحون طبقة منفصلة عن طبقة الفلاحين الذين يحصلون على دخلهم من زراعتهم للأرض.

وفضلاً عن ذلك فإن استخدام مثل هذه المحكات سوف يؤدي إلى تداخل وضع تجمعات الأفراد في العملية الإنتاجية، فمثلاً قد نجد شخصين يشتغلان بنفس العمل ولكن أحدهما قد يكون مستخدماً لدى شركة، بينما يمتلك الآخر محلاً أو ورشة صغيرة يعمل بها.

كما رفض ماركس استخدام محك الدخل للتمييز بين الطبقات الاجتماعية، ذلك أن الدخل ليس منفصلاً بأي شكل من الأشكال عن العملية الإنتاجية ولكنه يتحدد بأسلوب الإنتاج، وبالتالي فإن ماركس قد رفض دعاوي المفكرين المثاليين أمثال جون ستيورت ميل، بأن الطبقات ليست إلا نتاجاً للامساواة في توزيع الدخل، وبالتالي فإنه يمكن تخفيف حدة الصراع الطبقي أو حتى إزالته عن طريق تقليل الفوارق بين الدخول التي يحصل عليها الناس.

رأى ماركس إذن أن أساس تقسيم المجتمعات إلى طبقات هو ملكية أولاً ملكية وسائل الإنتاج، وأن الموقع من وسائل الإنتاج هو الذي يحدد كل العوالم الأخرى التي يتحدث عنها المفكرون المثاليون مثل المهنة والدخل وأسلوب الحياة ومحل السكن إلى آخره.

ورأى ماركس أن كل المجتمعات الطبقية يوجد بها صراع طبقي بين الطبقة المسيطرة، أي تلك التي تمتلك وسائل الإنتاج المادية، وبالتالي تكون لها السيطرة السياسية والقانونية والعسكرية والفكرية والطبقات الخاضعة أو المستغلة، وطالما توجد ملكية خاصة في وسائل الإنتاج وطالما ينقسم الناس في المجتمع إلى من يملكون هذه الوسائل ومن لا يملكون سوى جهدهم يبيعونه لملاك وسائل الإنتاج الذين يستغلونهم.


شارك المقالة: