تتميز الظاهرة الاجتماعية من رأي دوركايم بأنها تنشأ بطريقة تلقائية مستقلة عن تكوين الأفراد وإرادتهم الذين يكوّنون المجتمع فهي ليست من صنع فرد واحد أو بضعة أفراد مجتمعين.
التلقائية والترابط في الظواهر الاجتماعيةعند دور كايم:
تعتبر الظاهرة بأنها نتاج المجتمع كاملاً وتظهر في المجتمع بصورة تلقائية، من خلال العقل الجمعي وفاعلية التفاعل بين الأفراد والاحتكاك فيما بينهم وتحركاتهم ورغباتهم وانصهار آرائهم وإيراداتها، وتبادل الأفكار في ما بينهم ومن خلال وجهات نظرهم التي يمارسونها في النشاطات المختلفة في حياتهم اليومية وما يواجهونه من مشكلات اجتماعية.
فهي بالتالي ناتجة عن تأثير العقل الجمعي، وهناك أمثلة كثيرة على هذه الظواهر مثل النظم الدينية التي يستشعر الإنسان منها معتقداته وإيمانه ويعمل على الاستجابة لها تحت تأثير المسائل الأخلاقية ومعايير الخير والشر والفضيلة والرذيلة التي تنسجم مع المبادئ التي تناسب النظم الاجتماعية.
كذلك الحال بالنسبة للنظم الأسرية والسياسية والاقتصادية والقضائية اعتبارها كلها ناتجة عن العقل الجمعي، ولا يعمل الفرد على إقامتها بل إنها وجدت ورتبت أفكاره وسلوكه متأثراً بها في ذلك، وذلك حسب تربيته أو التوجيهات التي يتلقاها في حياته، سواء في إطار البيت أو المدرسة أو البيئة التي يعيش فيها.
حيث تعتبر الظواهر الاجتماعية بأنها تفرض نفسها على الفرد فرضاً، حيث أنّ الفرد يمتثل لها ويتكيف أسلوبه وسلوكه وعلاقاته تبعاً لهذه الظواهر بما تمليه عليه من تشريعات اجتماعية وقواعد المعاملات الاقتصادية ومبادئ في النظم السياسية والقيم والعادات والتقاليد والمثل الخُلقية التي تعترف بالعقوبات الاجتماعية.
وبالتالي يوجد ما يسمى بالوجدان الكلي أو العقل الجمعي، ولكل مجتمع وجدان كلي أو عقل جمعي يختلف عن مجتمعات أخرى باختلاف الزمان والمكان والإشكالات والمشكلات الاجتماعية ويشق طريقه من عناصر البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها.
تتميز الظواهر الاجتماعية بالترابط الاجتماعي، ويرى دوركايم هذا الترابط قد يكون ترابط له تاريخ زمني في المكان الواحد، أيّ نجد ترابط بين الزمن الماضي والحاضر، ونجد ذلك من خلال ظهور موجات اجتماعية تتمثل في تكرار الظواهر أو نزاعات اجتماعية كانت موجودة في فترة زمنية ماضية مثل عودة النظام الملكي في فرنسا بعد قيام الجمهورية وما صاحب ذلك من عادات وتقاليد اجتماعية أو سياسية وكذلك في حال عودة موضة الملابس التي كانت سائدة في الماضي.
ومن الممكن أنّ يكون الترابط مكاني في الزمن الواحد مع التأثير المتبادل بين الدول المتجاورة من خلال اقتباس العادات من بعضها البعض وذلك بسبب التجاور والتاثر المتبادل بينهما في اللغة وفي نفس الوقت من بعض العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية الغريبة التي وجدت في المجتمعات.