التنظيمات التي أسهمت في تطور الدولة السعودية في عهد الملك سعود

اقرأ في هذا المقال


مفهوم التنظيم الإداري:

التنظيم الإداري هو عبارة عن عمل فرعي من فروع العملية الإدارية في التنظيمات التي تعمل في القطاعات العديدة، ويعبر على أنه من العمليات الإدارية المعاونة والمتتالية والمستمرة، ومن العمليات الفنية المتخصصة في استثمار الموارد التي تملكها المنظمة، بنوعيها البشرية وغير البشرية أو المادية، حيث تنحصر مهام هذا النشاط بشكل رئيسي في تحقيق رؤية المؤسسة ورسالتها وأهدافها البعيدة والمتوسطة والقريبة المدى.

وهو عبارة عن مجموعة من المهام والوظائف التي تساعد المنظمات على تعيين أهدافها، وتحديد الطرق الكفيلة بتحقيقها، وقياس مدى إنجازها وتقدمها وتطورها على جميع الأمور ومدى سيرها نحو التطور والتحديث وهي عبارة عن وسائل لقياس الأداء البشري، ذلك عن طريق تحديد طريقة عملية تقييم ما يتم اعتباره مناسباً أو غير مناسب.

هناك العديد من التنظیمات الأخرى التي أسهمت في تطوير الدولة السعودية وحافظت على الأمن والاستقرار العام، وحفظ حقوق الأفراد وحرياتهم، والمحافظة على أموال الدولة وأملاكها ومنع كل من يقوم في التعدي عليها، ومن أبرز هذه التنظيمات ما يأتي:

قطاع المعلومات:

وهو من القطاعات المهمة التي يرتكز عليها بناء الأمن الوطني من حيث متابعة التطورات والأزمات الناشئة والمحتملة، ومن حيث استعداد الأجهزة السياسية والأمنية والدفاعية لمواجهة الأحداث والتطورات التي قد يكون لها تأثير سلبي أو إيجابي في الأمن الوطني. وأجهزة قطاع المعلومات تتوزع مهماته بين مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الاستخبارات العامة، الحرس الوطني، وزارة الدفاع والطيران، وزارة الداخلية، وزارة المالية، وزارة التخطيط ووزارة البترول وبقية الوزارات الأخرى كل لها قطاع معلومات خاص به يخدم الدولة.

اللجنة العليا للإصلاح الإداري:

عندما تم تأسيس اللجنة العليا للإصلاح الإداري، كان هدفها هو تنظيم الأجهزة الإدارية وتطوير الإدارة بالمملكة، وتختص هذه اللجنة باتخاذ جميع الإجراءات التي تحقق الإصلاح الإداري عن طريق تحديث وتطوير نظام الإدارة واتخاذ الإجراءات الإدارية لجميع الوزارات والمصالح الحكومية، خاصة أن في عام 1957 ميلادي، تمت الاستعانة بصندوق النقد الدولي الذي استجاب لطلب المملكة وأرسل بعثة من خبراء اقتصاديين قاموا بدراسة الوضع المالي والإداري في المملكة، وقدموا تقريراً مفصلاً اشتمل على عدد من التوصيات.

وأدت هذه التوصيات إلى تعديل الإجراءات والقواعد المتعلقة بميزانية الدولة السنوية، وأسلوب الرقابة المالي والإداري على إيرادات ومصروفات الدولة، كما أدت التوصيات إلى قيام الحكومة في تبني أسلوب الميزانية بوصفه أداة للسياسة المالية مع استخدام واردات النفط واستثمارها لأغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ثم قامت بعثة البنك الدولي للإنشاء والتعمير في عام 1380 هجري الموافق 1990 ميلادي، بدراسة الوضع الإداري في المملكة لمدة ستة أشهر.

 ونتج عنها العديد من التوصيات كان من أهمها تأسيس جهاز مركزي للتخطيط لوضع خطط التنمية، وإعادة تنظيم الجهاز الحكومي، وإيجاد كفاءات وطنية مؤهلة للعمل في الأجهزة الحكومية فكان من نتائج تلك التوصيات أن أنشئ المجلس الأعلى للتخطيط . وفي عام 1380 هجري، أرسلت الأمم المتحدة مدير معهد الإدارة العامة في مصر، فقدم تقريراً اشتمل على عدد من التوصيات.

 كان من التوصيات، دمج الأجهزة الإدارية ذات الأعمال المشابهة في جهاز واحد، وإنشاء معهد الإدارة العامة كذلك إرسال بعثات للخارج لدراسة الإدارة، وأيضاً تسيير الإجراءات الإدارية. وأخذت المملكة بعض هذه التوصيات منها تأسيس معهد الإدارة العامة الذي تم ذكره في السابق. وأخيراً قامت البلاد بالاستعانة بمؤسسة فورد الأمريكية التي استجابت الطلب المملكة في العام 1383 هجري ونتيجة للدراسات التي قامت بها خرجت إلى نتيجة مهمة وهي ضرورة إعادة التنظيم الإداري للجهاز الحكومي بشكل شامل وتعاقدت وزارة المالية والاقتصاد الوطني مع مؤسسة فورد للقيام بهذه المهمة.

لقد قامت اللجنة العليا للإصلاح الإداري منذ تأسيسها في دور هام وحيوي في دفع حركة الإصلاح الإداري في الدولة وتطوير الأداء في الأجهزة الحكومية والرفع من كفاءتها خاصة منذ صدور اللائحة التي تنظم عمل هذه اللجنة. من ذلك وضع خطة لتنظيم الإدارة الحكومية والقيام ببعض الدراسات حول نتائج التقارير والتوصيات المقدمة من قبل اللجنة الإدارية ومشروعات الأنظمة الجديدة أو التعديلات على الأنظمة الحالية، يضاف إلى ذلك أخذ رأي مجلس الوزراء بالقرارات التي ترى اللجنة ضرورة عرضها.

نظام محاكمة الوزراء:

لقد صدر هذا النظام لمعاقبة كل من أعضاء مجلس الوزراء وجميع الأشخاص الذين يعملون بمرتبة وزير، كما يشمل الفاعل الأصلي ومن اشترك معه في الجرم، إذا ارتكب أحدهم مخالفة في أعمالهم الرسمية فيحاكمون على مخالفتهم بموجب نظام خاص بيين المخالفات ويذكر إجراءات الاتهام والمحاكمة وكيفية تأليف هيئة المحكم.

تتكون هيئة محاكمة الوزراء من ثلاثة وزراء بالقرعة، الأكبر عمراً بهم هو رئيس الهيئة مع عضوين من القضاة، حيث يختار رئيس مجلس الوزراء من يقوم بالادعاء العام وللمتهم حق اختيار محام للدفاع عنه، ويكون قرار الهيئة بالأغلبية، إلا في حالة الحكم بالإعدام فيشترط الإجماع، ومن ثم تحال القضية للقضاء. وللمتهم الحق في الطعن في الحكم والاستئناف إذا ثبت اتخاذ أي إجراء في أثناء التحقيق ويخالف نظام محاكمة الوزراء، وفي هذه الحالة يكون الأمر عائداً للملك لاتخاذ القرار المناسب.

نظام مكافحة الرشوة:

إنّ صيانة الإدارة الحكومية من الفساد يقتضي تعقب من يسيء من موظفيها ويستغل وظيفته أو يستخدم نفوذه، ذلك حرصاً على سلامة الجهاز الإداري للدولة، من هنا كان صدور البيان الملكي الكريم بنظام مكافحة الرشوة. أما الذين يتولون هذا العمل أو التحقيق في هذه الجرائم هم أحد رجال ديوان المظالم وأحد رجال الشرطة، ويجوز لرئيس مجلس الوزراء انتجاب من يراه مناسب.

لجنة مكافحة التزوير:

إنّ الهدف من تأسيس هذه اللجنة هو النظر في جرائم التزوير وتزييف العملة وتعمل على التحقيق فيها، ومن ثم تصدر العقوبات التي صدرت في نظام عقوبات التزوير إما السجن أو الغرامة حسب نوع الجرم المرتكب. وتتكون لجنة مكافحة التزوير من عضوين من ديوان المظالم وعضو من وزارة الداخلية، كذلك مستشار من مجلس الوزراء وذلك تحت رئاسة وزير الداخلية أو من ينيب عنه وخلاصة القول أنه من السهل الكتابة عن أي ناحية من جوانب الحياة في عهد الملك عبد العزيز لأنها موسوعة متنوعة يستطيع الباحث أن يختار منها ما يشاء دون عناء كبير، لكن الكتابة عن خلفائه أمر فيه نوع من الصعوبة لقلة المصادر والوثائق التي تتحدث عن عهد الملك سعود وصعوبة الحصول عليها.

إنّ مرحلة الملك سعود بالذات كانت مرحلة ثرية من حيث بناء الدولة وخاصة بناء الجهاز الإداري للدولة. حيث برزت في عهده الحاجة إلى التوسع في تقديم مزيد من الخدمات، كذلك تطورت الموارد المالية والبشرية وتم تحويل العديد من الإدارات والمديريات إلى وزارات وأجهزة إدارية مستقلة ومؤسسات عامة وتم تأسيس العديد من الوزارات والأجهزة الإدارية المستقلة، فتمكنت الدولة من توفير معظم الخدمات التي يحتاجها المواطن بشكل فعال

أبرز ما تميز به عهد الملك سعود من هذه الناحية هو خضوع أجهزة الدولة تحت إشراف إداري موحد وذلك عندما أنشئ مجلس الوزراء. والتوسع العددي والنوعي في حجم الجهاز الحكومي من حيث تأسيس العديد من الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية، فترتب على ذلك إصدار العديد من التشريعات المنظمة، فزاد العبء على الجهاز الحكومي، فأصبحت الحاجة ملحة إلى وجود كفاءات إدارية مؤهلة وأساليب وأنظمة جديدة.

وكذلك العمل على تأهيل الفرد السعودي بما يخدم بلده عن طريق زيادة كفاءة هؤلاء وذلك بتطوير مناهج التعليم بحيث تحتوي على قيم ومبادئ العمل بشكل فعال وبأقل قدر من الأخطاء، ولتكون أسس ومبادي الجودة والتميز، ثقافة يشترك فيها جميع أفراد المجتمع وزيادة فرص التدريب المستمر وتحقيق الكفاءاتها الإدارية والعلمية، لأن سياسة الدولة أدركوا أنّ الفنيين والعلماء والمبدعين هم أساس تقدم الدولة ونمائها.

قامت الدولة في الاستعانة إلى جانب إدارييها بمؤسسات عالمية وهيئات وخبراء من أجل تنظيم الجهاز الحكومي وتطويره في جميع القطاعات. لذلك فقد رأت لزوم التطور في الأنظمة العسكرية، عملت الدولة في الاهتمام بتعليم العنصر البشري وتأهيله من أجل النهوض بالقوات المسلحة، فافتتحت الكليات والمعاهد العسكرية التعليمية مثل كلية الملك عبد العزيز الحربية عام 1370 إلى 1950 ميلادي، والمعهد البحري بالدمام لتخريج الضباط البحريين السعوديين عام 1377 ميلادي.

كما أرسلت البعثات العسكرية الخارجية للدول المتقدمة لتطوير أبنائها عسكرياً وعلمياً لاقتناع الملك سعود بأن قوة السلاح الحقيقية يقررها حامل السلاح المتعلم الخبير باستخدامه. تم صدور العديد من التنظيمات المهمة خلال تلك المدة والتي ساهمت في تطوير إدارة الدولة وكان من أهمها نظام المقاطعات ونظام محاكمة الوزراء، اللجنة العليا للإصلاح الإداري، لجنة مكافحة التزوير، نظام الجنسية العربية السعودية، ونظام الموظفين العام في المملكة وغيرها.


شارك المقالة: