الثقافة الأسرية وسلوك المرض في علم الاجتماع الطبي

اقرأ في هذا المقال


تعد العائلة مجتمع صغير الحجم وتمتاز بتنظيمها الداخلي الفريد وثقافتها الممتازة الخاصة بها، وثقافة العائلة مثل الثقافة الكبيرة التي تتواجد فيها، وهي تعرف بالعدسة التي تعكس النظر المتوارثة من المفاهيم المشتركة ويفهم من خلالها أبناء العائلة العالم الذي يعيشون فيه كما توجه ردود أفعالهم الوجدانية وسلوكياتهم أثناء حياتهم اليومية وتنظم ارتباطاتهم مع الآخرين ومع البيئة الطبيعية والقوى فوق الطبيعية.

الثقافة الأسرية وسلوك المرض في علم الاجتماع الطبي

تعد كل عائلة عالماً اجتماعياً فريداً بعض الشيء، فعلى الرغم من أنها تشترك في الكثير من السمات مع العائلات الأخرى وخاصة التي من نفس الخلفية وفي نفس المكان، فإن لها أيضاً صفاتها الخاصة التي تمتاز بها، فلها مفاهيمها المنفردة ﻷبنائها وغير أبنائها وللنجاح والفشل ولحدودها الداخلية والخارجية وديانتها ونظرتها للعالم وتاريخها الذاتي وأساطيرها وعاداتها وتوضيحها للأمراض وسائل علاجها، كما لها لغتها المنفردة في التعبير عن الألم سواء بأسلوب لفظي أو غير لفظي.

وتنتشر ثقافة العائلة بين الأجيال عن طريق النصوص المكتوبة والخرافات والأساطير وهي مثل ثقافة أي مجتمع بشري ليست ثقافة موحدة، حيث عادة ما يكون هناك بعض التنازع وعدم التوافق بين أبنائها، غير أنهم دائماً ما يشتركون في جوانب نظرة العالم والتي تنتقل إلى الأجيال التالية لتكوّن ثقافة كل عائلة.

والعائلة من وجهة رأي الطب الأسري تعد مجتمعاً صغيراً يقوم على معايير اجتماعية وبيولوجية وسيكولوجية كما تعد جميع وظائف العائلة أيضاً وحدة سياسية واقتصادية صغيرة بالنسبة للإنتاج والتوزيع واستهلاك الامكانيات ولها وجهة رأيها المنفردة بالنسبة للصحة والمرض.

إن جميع الثقافات العائلية تثمر وتحتفظ بنماذج محددة من المعتقدات والسلوكيات والعادات أو أنماط الحياة بالنسبة ﻷبنائها وارتباطاتهم المباشرة بالصحة والمرض، وقد تكون هذه العادات والأداءات كحماية لصحة أبناء العائلة أو قد ترتبط بأسباب المرض بالنسبة لهم، ولذلك تعتبر معرفة وإدراك ثقافة العائلة التي ينشأ فيها الفرد المريض أمراً رئيسياً ومهماً بالنسبة للمزاولة الناجحة للعائلة، حيث يساعد هذا الإدراك الطبيب المعالج في الفهم والتنبؤ بنماذج الأعراض والمرض وبالمتغيرات في نمط الحياة والعادات السيئة في المشروبات والتغذية والاستجابة للمعالجة الطبية، وكذلك تأثير الأزمات وتحوّلات دورة الحياة على صحة العائلة.


شارك المقالة: