تنوع الثقافات في الحضارة المصرية

اقرأ في هذا المقال


في صعيد مصر بين أسيوط والأقصر (العقور) تم العثور على الثقافة التاسينية (سميت على اسم دير تاسا) وثقافة البداري (سميت على اسم البداري)، وهذه التواريخ من أواخر الألفية الخامسة قبل الميلاد.

أدلة ومصادر هذه الثقافات

تأتي معظم الأدلة الخاصة بهذه الثقافات من المقابر، حيث تضمنت المدافن فخارًا أحمر فاخرًا أسود اللون وزخارف وبعض الأشياء النحاسية وخرز من الحجر الصخري المصقول، وتعد لوحات الأردواز لطحن مستحضرات التجميل من أبرز الأشياء المميزة لفترة ما قبل الأسرات، والتي ظهرت في نفس هذا الوقت لأول مرة، وتظهر المدافن القليل من التمايز بين الثروة والمكانة ويبدو أنّها تنتمي إلى ثقافة الفلاحين بدون تنظيم سياسي مركزي.

من المحتمل أن تكون معاصرة مع كل من عصور ما قبل الأسرات، وهناك آلاف الرسومات الصخرية لمجموعة واسعة من الأشكال، بما في ذلك القوارب التي وجدت في كل أرجاء الصحراء الشرقية في منطقة النوبة السفلى، وكذلك في أقصى الغرب من مثل جبل العوينات الذي يقع بالقرب من حدود مصر في الوقت الحاضر مع ليبيا والسودان في الجنوب الغربي، وكما يستدل من الرسومات فأنّ سكان البدو كانوا يعيشون وينتشرون في كل أرجاء الصحراء ومن الممكن إلى أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد ومع ذلك لا يمكن تحديد تاريخ سكنهم وعيشهم بشكل دقيق، وربما تم إنتاجهم جميعًا من قبل البدو الرحل أو ربما اخترق سكان وادي النيل الصحراء ورسموا رسومات.

النقادة الأولى

تعتبر النقادة الأولى؛ والنقادة هي عبارة عن ثقافة لعلم المصريات لعصر ما قبل العصر الحجري النحاسي، والتي سميت بناءً على موقعها الرئيسي لمدينة النقادة في محافظة قنا ولكنها تسمى أيضًا الأمريتية نسبة إلى الأميرة؛ وهي مرحلة مميزة خلفت البدريان، والتي وجدت جنوبًا مثل الكوم الأحمر، والتي كانت قريبة من حاجز الحجر الرملي لجبل السلسلة، والذي يعد أحد الحدود الثقافية لمصر في عصور ما قبل الأسرات، وتختلف النقادة الأولى عن سابقتها البدارية في كثافة الاستيطان وتصنيف ثقافتها المادية ولكن نادرًا ما تختلف في التنظيم الاجتماعي الذي تضمنته الاكتشافات الأثرية.

تم تصميم المدافن عبر حفر غير عميقة، حيث توضع الجثث والرفات في جهة مواجهة الغرب وذلك مثل جثث المصريين اللاحقين، ومن أبرز المواد الموجودة والمتوفرة في المدافن أو المقابر هي الفخار المنقوش والفاخر بعدة تصاميم تتمثل باللون الأبيض على الأحمر، وكذلك تماثيل منحوته لرجال ونساء ورؤوس صولجان صلبة من الأحجار الصلبة التي هي مقدمة لأشياء مهمة في فترة ما قبل الأسرات.

النقادة الثانية

وهي تعرف أيضًا بالجرزان وذلك نسبة للجيرزا، والتي تعد من أهم ثقافات في عهد ما قبل الأسرات، وكان قلب تطورها هو نفسه الذي حدث في النقادة الأولى، ولكنها انتشرت تدريجياً في جميع أنحاء البلاد، وجنوب جبل السلسلة تتوفر مواقع المجموعة النوبية المتشابهة بالثقافة حتى الشلال الثاني للنيل وما بعده وهذه لها فترة طويلة، والتي استمرت حتى وقت متأخر من عهد الأسرات المصرية المبكرة، وقد تم تطوير مواقع كبيرة في كل من الكوم الأحمر والنقادة وأبيدوس وذلك خلال النقادة الثانية، وهذا يدل على حجمها ومكانتها حيث تركز الاستيطان بالإضافة إلى إبراز التمايز الذي تزايد في الثروة والمكانة.

تم تعيين أعداد قليلة من المواقع بين منطقتي أسيوط والفيوم، ومن الممكن أن هذه المنطقة كانت ذو استقرار قليل، ومن الممكن أيضًا أنّها كانت تعج بسكان رعويين وليس زراعيين، وبالقرب من القاهرة الحالية -في كل من منطقة العماري ومنطقة المعادي ومنطقة وادي دجلة، والتي تمتد إلى الجنوب حتى خط عرض الفيوم- فهي تعد مواقع ذو ثقافة تمتاز بانفصالها ومعاصرتها، كما كانت تعد المعادي مستوطنة كبيرة وواسعة والتي تم تداولها مع الشرق الأوسط ومن الممكن قامت كوسيط لنقل السلع باتجاه الجنوب، وفي هذه الفترة تقدم واردات اللازورد دليلاً على أنّ الشبكات التجارية امتدت إلى مناطق بعيدة مثل أفغانستان.

تم إيجاد عدة أماكن في أواخر النقادة الثانية (والتي يطلق عليها أحيانًا نقادة 3) في كل ارجاء مصر، بالإضافة إلى منطقة ممفيت والدلتا، ومن الظاهر أنّها أتت محل ثقافات مصر السفلى المحلية، وزادت العلاقات مع الشرق الأوسط وبعض الزخارف والأشياء المميزة لبلاد الرافدين كانت لفترة وجيزة في الموضة في مصر، وربما كان التوحيد الثقافي للبلاد مصحوبًا بتوحيد سياسي، ولكن يجب أن يكون هذا قد تم على مراحل ولا يمكن إعادة بنائه بالتفصيل.

في مرحلة وسيطة قد تكون الولايات المحلية قد تشكلت في الكوم الأحمر والنقادة وأبيدوس، وفي الدلتا في مواقع مثل بوتو (كوم الفرازان الحديثة) وسايس (حي الحجر)، ولربما برزت أبيدوس في نهاية الفترة، فقد توسعت مقبرة أم القصاب المتأخرة التي يشار إلى أنّها تعود إلى فترة ما قبل الأسرات، والتي تشكل موقع دفن رفات ملوك الأسرة الأولى، وبينما في عهد ما قبل الأسرات الأخيرة تم إضافة المواد التي تحمل رموزًا مكتوبة للملكية في كل أرجاء البلاد، وظهرت الكتابة البدائية أيضًا في علامات على الفخار.

ويبدو أنّ الرمز والإشارة الرئيسية للملك هي الصقر على واجهة قصر مزخرفة بالكاد يختلف، ويُعتقد أنّ هذه الرموز والأشياء كانت تنتمي إلى سطر واحد من الملوك أو دولة واحدة وليس لمجموعة من الدول الصغيرة، وأصبح هذا الرمز هو اسم حورس الملكي، وهو العنصر الأول في لقب الملك، والذي قدم الملك الحاكم باعتباره مظهرًا من مظاهر الإله حورس، وهو الإله الرائد في البلاد، وعلى مدى القرون القليلة التالية أضيفت إلى هذا التعريف العديد من التعريفات الأخرى لوجود الملك.

وهكذا في هذا الوقت يبدو أنّ مصر كانت دولة موحدة تحت الملوك الذين أدخلوا الكتابة والإدارة البيروقراطية الأولى، وقد يتوافق هؤلاء الملوك الذين كان من الممكن أن يحكموا لأكثر من قرن مع مجموعة من الأسماء المحفوظة على حجر باليرمو، ولكن لا يمكن إجراء تحديد مباشر بينهم، وربما كان آخرها نارمر الذي وجد على اسمه قريبًا من ممفيس في منطقة أبيدوس على لوحة احتفالية وكذلك رأس صولجان من الكوم الأحمر، وفي المواقع الفلسطينية في تل جات وعراد.

يبدو من مناظر الإغاثة على اللوحة أنّه يرتدي على رأسه التاجين الرئيسيين لمصر، كما يهزم وينتصر على الأعداء الشماليين، ولكن ربما أن تكون هذه رموز نمطية ومتعارف عليها لسلطة الملك، وكذلك لدوره وليست سجلات تؤرخ أحداث معينة ومحددة في عهده، وكما أوضحوا بأنّ الملك وضع في المجتمع وعرضه في صورة متشابكة ومختلطة وشكل مكتوب قد تم تطويره بحلول أوائل الألفية الثالثة قبل الميلاد، وخلال هذا الوقت تم صياغة الأسلوب الفني المصري والاتفاقيات مع الكتابة.


شارك المقالة: