الحاجة إلى مراجعة التراث وظهور نظرية تستند إلى الواقع الاجتماعي:
1- أنه من الممكن لنا أن ندرس علم الاجتماع كظاهرة اجتماعية من خلال استخدام مدخل علم الاجتماع في دراسة ظواهر وموضوعاته، كما يتضح بشكل أدق في علم اجتماع المعرفة، وعلم اجتماع العلم.
2- يكشف لنا الاستعراض السوسيولوجي لنظريات علم الاجتماع، سواء في الغرب أو الشرق عن استناد هذه النظريات على خلفيات أيديولوجية متصارعة ومنحازة، وهذا هو ما أثر كثيراً على تراث ذلك العلم، حيث عوق نموه في طريق العلمية والموضوعية من أجل تحقيق الفهم العلمي للمجتمع، ولعل هذا هو أحد الأسباب التي أخرت هذا العلم من التوصل إلى قوانين علمية أو حتى ما يشبه القوانين العلمية.
3- يذهب بعض نقاد النظرية السوسيولوجية إلى امكان تصنيف النظريات الكبرى المطروحة في علم الاجتماع إلى نموذجين أساسيين هما، نموذج التوازن ويمثله أغلب أقطاب علم الاجتماع في الغرب، والنموذج الصراع ويمثله أغلب علماء الاجتماع في الاتحاد السوفيتي وشرق أوربا.
4- إن هذا الانقسام والانشطار الأيديولوجي أو السياسي داخل نظريات علم الاجتماع، لا يعني أن هذا العلم دراسة المجتمع، يحمل في ذاته مضموناً أيديولوجياً، أو أنه دون نزعة محافظة أو راديكالية ثورية، ولكن هذا الانقسام يصدر في الواقع عن محاولات التوجيه الأيديولوجي لتلك الدراسة.
5- إذ كان بعض الدارسين للنظرية السوسيولوجية، خاصة من أنصار علم الاجتماع المادي، يفضلون تصنيف علم الاجتماع من المنظور السياسي، إلى علم اجتماع محافظاً يحاول الحفاظ على الأوضاع القائمة، وعلم اجتماع ثوري يحاول تجاوز هذه الأوضاع تتطلعاً إلى مراحل مستقبلية، فإن هذا التصنيف يتسم بالنسبية والمرحلية، فضلاً عن صدوره عن منظور أيديولوجي معين.
التحديات التي تواجه أنصار علم الاجتماع المادي:
وهناك مجموعة من التحديات التي تواجه هذا التصنيف فعلى سبيل المثال، ما هو موقف علم الاجتماع السوفيتي من الأوضاع القائمة داخل الدولة السوفيتية؟ من الثابت أن علم الاجتماع في الدول الشيوعية، يرتبط بالنظام الحزبي ونظام الدولة وتنظيم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي القائم هناك.
ومن هذا المنظور يستوي علم الاجتماع السوفيتي مع علم الاجتماع الأمريكي من حيث أنه يسعى في كل من هاتين الدولتين، كما يسعى في كل دولة ظهر فيها، خاصة ذلك العلم الذي تتبناه الدولة، إلى الدفاع على الأوضاع القائمة فيها، وبقول آخر فإن علم الاجتماع الرسمي في كل دول يتسم بنزعة محافظة بغض النظر عن الاختلاف الأيديولوجي.