تعتبر الخصائص الذهنية المنهجية للتخلف الاجتماعي الأكثر محبةً بين المواطنين حين التحدث عن التخلف من الناحية العقلية، وتتلخص في أمرين رئيسيين، اختلال منهجية التفكير من جانب، وقصور الفكر الجدلي من جانب آخر، ويتلخص الخلل في الحالتين بصعوبة السيطرة الذهنية على الواقع بكل تفاصيله.
الخصائص الذهنية المنهجية للتخلف الاجتماعي
هناك عجز عند الشخص المتخلف المقهور بالأخص اتجاه ظواهر الطبيعة والحياة والممارسات الحياتية، تجعله خاضعاً مستجيباً تجاه ما يبدو عليها من تعقيد وتداخل، تبدو له ظواهر الحياة والمجتمع أقوى من طاقته على الاستيعاب، ذلك أمر متصل بعقدة النقص، وهو لذلك يتوسل وسائل سحرية أو خرافية لاشباع النقص هذا، من وجهة نظر التحليل النفسي يأخذ الأمر على المستوى اللاواعي طابع الخصاء الذهني، الذي يفرّق بعض حالات الضعف العقلي الزائف.
يتلخص الخصاء الذهني بنوع من صد الاستطاعة على الإدراك، بنوع من الضعف عن توكيد النفس في مقاومة العالم، أما من الجانب الاجتماعية فيعود الأمر إلى رضوخ الشخص المتخلف لاعتباط قوى الطبيعة، وتسلط المجموعة المتحكمة، هذا الإذعان والخضوع هو المسؤول عن خلق حالة الخصاء الذهني التي نحن بصددها، والتي تكوّن الامتداد النفسي لوضعية القهر الاجتماعي.
وهكذا فالشخص المتخلف لا يقبل على العالم بخطى مستقرة، يبدي التردد ويتجنب وضع إمكاناته موضع الاختبار خوف الفشل، وقد يذهب في ذلك إلى درجة يدعي معها عدم القدرة سلفاً حتى لا يصاب بخيبة أمل أو حتى لا يتبيّن أو هو يميل إلى التعسف هرباً من عجزه فيطلق الأحكام المسبقة والآراء السريعة مدعياً الاستطاعة على الإدراك والوعي وعفويته، دون أن يرهق ذاته عناء الجهد الفكري المهم لتحليل الواقع، والتوصل إلى استنتاجات بخصوصه.
في الحقيقة يتذبذب الشخص المتخلف ما بين الشعور الشديد بالعجز عن استيعاب العالم، وبين طغيان مشاعر السيطرة على الواقع عن طريق الحذق، الذي يعتد به الجمهور كوسيلة مفضلة للمعرفة.
1- اختلال منهجية التفكير
أول ما يشدنا في اضطراب منهجية التفكير هو سوء التنظيم الذهني في مواجهة الواقع، حيث تقترب الذهنية المتخلفة من الواقع وتتصرف معه دون تخطيط سابق ذات مراحل منطقية مبيّنة سلفاً، الفوضى والعشوائية والتخبط والمحاولة شبه العمياء هي المميزة.
2- قصور التفكير الجدلي
قصور التفكير الجدلي هو جوهر العقلية المتخلفة، فهو قوة قطعية، تلحق مبدأ السببية الميكانيكية، وهي تعجز عن المهام وفقاً لمبدأ التعارض، ويلاحظ هذا القصور في متنوع النشاطات وعلى متنوع الأصعدة ومختلف مستويات المسؤولة.