الخطوط الفرعية للأنثروبولوجيا:
لأن التجارب البشرية متنوعة ومعقدة، نحتاج إلى مجموعة أدوات متنوعة لدراستها، لذلك الأنثروبولوجيا تشتمل على أربعة تخصصات فرعية: بعضها أكثر علمية مثل الأنثروبولوجيا البيولوجية، بينما البعض الآخر أكثر إنسانية مثل الأنثروبولوجيا الثقافية، حيث تميل التخصصات الفرعية العلمية إلى استخدام المنهج العلمي للتطوير النظريات التي تشرح أصول الإنسان أو تطوره أو بقايا مادية أو سلوكيات.
بينما تميل التخصصات الفرعية الإنسانية إلى استخدام أساليب الملاحظة والأساليب التفسيرية لفهم المعتقدات البشرية واللغات والسلوكيات والثقافات، والتنظيم الاجتماعي، حيث تساهم النتائج من جميع التخصصات الفرعية الأربعة في تقدير متعدد الأوجه للتجارب البشرية الثقافية الحيوية، في الماضي والحاضر.
الأنثروبولوجيا الثقافية:
يركز علماء الأنثروبولوجيا الثقافية على أوجه التشابه والاختلاف بين المجتمعات الحية، ويعلقون شعورهم الخاص بأمر طبيعي من أجل فهم وجهات نظر الناس الذين يدرسونهم النسبية الثقافية. ويتعلمون وجهات النظر هذه من خلال العمل الميداني لمراقبة المشاركين أي الطريقة التي تنطوي على التعايش، والملاحظة، ومن أجل وصف طريقة أخرى للحياة، يطرح علماء الأنثروبولوجيا الثقافية أسئلة أوسع حول الجنس البشري.
مثل، هل المشاعر الإنسانية عالمية أم ثقافية محددة؟ هل العولمة تجعلنا جميعًا متشابهين أم تجعلنا مختلفين للحفاظ على الاختلافات الثقافية؟ بالنسبة لعلماء الأنثروبولوجيا الثقافية، لا يوجد جانب من جوانب الحياة البشرية خارج نطاق اختصاصهم أي إنهم يدرسون الفن، والدين، والشفاء، والكوارث الطبيعية، حتى مقابر للحيوانات الأليفة. في حين أن العديد من علماء الأنثروبولوجيا الثقافية نظرًا لاهتمامهم بالتنوع البشري، فهم يدركون أن الناس في جميع أنحاء العالم يتشاركون كثيرًا.
دراسات حول النوع الاجتماعي وممارسات التنشئة الاجتماعية في الأنثروبولوجيا الثقافية:
أجرت عالمة الأنثروبولوجيا الثقافية الأمريكية الشهيرة مارغريت ميد من عام (1901-1978)، العديد من الدراسات عبر الثقافات حول النوع الاجتماعي وممارسات التنشئة الاجتماعية. ففي أوائل القرن العشرين، تساءل الناس عما إذا كانت الاضطرابات العاطفية المراهقة نشأت بسبب بيولوجي “سن البلوغ” (وبالتالي طبيعية وعالمية) أو شيء آخر. ولمعرفة ذلك، انطلقت ميد إلى دراسة هذه الاضطرابات، حيث عاشت عدة أشهر للتعرف على المراهقين.
وعلمت أن المراهقة لم تكن عند العديد من المجتمعات تعاني من الاضطرابات، ولكنها كانت هادئة نسبيًا ومرحلة وتعيش حياة سعيدة. وانتقدت الأبوة والأمومة في بعض المجتمعات باعتبارها مقيدة بشكل مفرط للمراهقين. في النهاية، جادلت بأن التنشئة أي التنشئة الاجتماعية أكثر من الطبيعة لعبت دورًا رئيسيًا في تجربة تنمية الطفل للوصول للمراهقة.
تقديم علماء الأنثروبولوجيا الثقافية نظرة ثاقبة للتجربة البشرية:
لا يسافر علماء الأنثروبولوجيا الثقافية دائمًا بعيدًا لتقديم نظرة ثاقبة للتجربة البشرية. ففي الثمانينيات، أراد عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي فيليب بورجوا عام 1956 أن يفهم كيف تستمر جيوب الفقر المدقع وسط الثروة. وجودة حياة عالية بشكل عام في الدول العظمى. وللإجابة على هذا السؤال، عاش مع تجار هذه الدول، ووضع تجاربهم في سياق تاريخي على حد سواء (من حيث الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية وحاليًا (من حيث التهميش الاجتماعي والعنصرية المؤسسية).
وبدلاً من إلقاء اللوم جادل التجار عن خياراتهم السيئة أو إلقاء اللوم على المجتمع لتكريس عدم المساواة، وأن كلا الخيارين الفرديين وعدم المساواة الاجتماعية يمكن أن يحبس الناس في العالم المتداخل بسبب الفقر.
الأنثروبولوجيا اللغوية:
اللغة هي سمة مميزة للبشر. في حين أن الحيوانات الأخرى لديها أنظمة اتصال، إلا أن البشر فقط لديهم لغات معقدة ورمزية حيث يوجد أكثر من 6000 لغة! ولغة الإنسان تجعل من الممكن التدريس والتعلم والتخطيط والتفكير بشكل تجريدي، لتنسيق الجهود، والتفكير حتى في الزوال. حيث يسأل علماء الأنثروبولوجيا اللغوية أسئلة مثل: كيف ظهرت اللغة لأول مرة؟ كيف تطورت وتنوعت بمرور الوقت؟ كيف ساعدت اللغة بالنجاح كنوع؟ كيف تدل اللغة على الهوية الاجتماعية؟ كيف تؤثر اللغة على وجهات نظرنا حول العالمية؟
فإذا كنت تتحدث لغتين أو أكثر، فقد تواجه كيف تؤثر اللغة عليك. على سبيل المثال، باللغة الإنجليزية، تستطيع قول أحبك. لكن المتحدثين باللغة الإسبانية يستخدمون مصطلحات مختلفة لاختلاف أنواع الحب: الحب الرومانسي، الحب الأفلاطوني، حب الأم، إلخ. ويمكن القول إن اللغة الإسبانية تعبر بشكل أكثر دقة عن الحب من اللغة الإنجليزية.
أحد اهتمامات البحث الأنثروبولوجي اللغوي:
يركز أحد السلالات المثيرة للاهتمام من البحث الأنثروبولوجي اللغوي على العلاقات بين اللغة والفكر والثقافة. وقد يبدو ذلك بديهيًا حيث أفكارنا تأتي أولاً بعدها كل شيء، أي أن الإنسان يفكر قبل أن يتحدث. ومع ذلك، وفقًا لفرضية بنجامين وورف (المعروفة أيضًا باسم linguistic النسبية)، أن اللغة التي يتحدثها الإنسان تسمح لك بالتفكير في بعض الأشياء وليس اشياء اخرى. فعندما درس بنجامين وورف من عام (1897-1941) لغة الهوبي، كان لم يتم العثور على اختلافات على مستوى الكلمات فحسب.
بل وجد أيضًا اختلافات نحوية بين الهوبي والأزمنة الإنجليزية. وكتب أن الهوبي ليس لديها أزمنة نحوية للتعبير عن مرور الوقت. وبدلاً من ذلك، تشير لغة الهوبي فقط إلى ما إذا كان أو لم “يتجلى” شيء. وجادل وورف أن الأزمنة النحوية الإنجليزية (الماضي، الحاضر، المستقبل) تلهم إحساسًا خطيًا بالوقت، بينما تلهم لغة الهوبي تجربة زمنية دورية. وبعض النقاد مثل اللغوي إيكيهارت مالوتكي دحض نظرية وورف، مجادلاً أن الهوبي لديه مصطلحات لغوية للوقت وأن الإحساس الخطي بالوقت طبيعي وربما عالمي.
وفي الوقت نفسه، أدرك مالوتكي أن اللغة الإنجليزية والهوبي يختلفان، وإن كان ذلك بطرق أقل وضوحًا مما اقترحه وورف. حيث يتتبع علماء الأنثروبولوجيا اللغوية ظهور وتنوع اللغات، بينما يركز آخرون على اللغة واستخدامها في السياقات الاجتماعية اليوم.حيث لا يزال آخرون يستكشفون أهمية اللغة في التنشئة الاجتماعية حيث يتعلم الأطفال ثقافتهم والهويات الاجتماعية من خلال اللغة وأشكال التواصل غير اللفظية.
أنثروبولوجيا علم الآثار:
يركز علماء أنثروبولوجيا الآثار على الماضي من: الأدوات، الطعام، الفخار، الفن، الملاجئ، البذور والأشياء الأخرى التي تُركت وراءها من قبل الناس. حيث يسترد علماء أنثروبولوجيا الآثار في عصور ما قبل التاريخ هذه المواد ويحللونها لإعادة بناء طرق حياة المجتمعات السابقة التي تفتقر إلى الكتابة. ويسألون أسئلة محددة مثل: كيف يعيش الناس في منطقة معينة؟ ماذا أكلوا؟ ماذا حدث لهم؟ ويسألون أسئلة عامة عن الجنس البشري: متى ولماذا طور البشر الزراعة لأول مرة؟ كيف تطورت المدن لأول مرة؟ ما نوع التفاعلات التي أجراها أناس ما قبل التاريخ مع جيرانهم؟
وإحدى الطرق الرئيسية التي يستخدمها علماء أنثروبولوجيا الآثار للإجابة على أسئلتهم، هي التنقيب وهي طريقة للحفر الدقيق وإزالة الأوساخ والحجارة لكشف بقايا المواد أثناء تسجيل سياقها. حيث يمتد البحث الأثري ملايين السنين من أصل الإنسان حتى الوقت الحاضر. على سبيل المثال، كاثلين كينيون، عالمة الآثار، كانت واحدة من عدد قليل من النساء العاملات في هذا المجال في الأربعينيات. وأثناء تنقيبها اكتشفت هياكل المدن والمقابر التي شُيدت خلال العصر البرونزي المبكر.