الخليفة المستنصر بالله الفاطمي

اقرأ في هذا المقال


يعتبر أبو تميم معاد بن الظاهر أطلق عليه لقب المستنصر بالله هو الخليفة الفاطمي ولد في سنة 1029 ومات سنة 1094، حيث يعتبر والده الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله ووالدته السيدة رصد جارية نوبية.

لمحة عن الخليفة المستنصر بالله الفاطمي

كانت الدولة الفاطمية عندما تولى الخليفة الفاطمي المستنصر عرشها مستقرة تماماً وتوسعت بشكل كبير وبلغت دعوتها ذروتها في الدعاية والانتشار وازدادت خزائنها بالمال، إلا أن سقوطها في أيدي المغامرين والطامحين واندلاع الفتنة والثورات بين فرق الجيش والتنافس على الهيبة والسلطة خسر كل شيء منها.

الدولة التي امتدت من أقصى أطراف المحيط الأطلسي إلى نهر الفرات تم تقليصها إلى مصر فقط، وبعد أن كانت فاخرة في ثرائها وثروتها ووفرة خيراتها ذبلت وشحبت بسبب المجاعات التي أصابتها، حيث هذا التحول من الغزارة إلى الضيق ومن الثراء إلى الفقر هو ما عاشته فترة الخليفة الفاطمي المستنصر بالله.

كانت بداية أيام عهد المستنصر بالله مشرقة بفضل الوزير القوي أبي القاسم علي بن أحمد الجرجرائي، حيث سبق له أن عمل وزيراً في عهد الحاكم بأمر الله ونجله الظاهر واكتسبته هذه السنوات خبرة ومعرفة واسعة بشؤون الحكومة.

حياة الخليفة المستنصر بالله الفاطمي

تولى السيطرة الكاملة على الدولة وتحسين سياستها وتوجيه شؤونها حتى موته سنة 1045 بعد وزارة استمرت 18 سنة وتركت أثراً جيداً في تاريخ الدولة، حيث زار الرحالة الفارسي ناصر خسرو مصر بعد موت الجرجرائي وأشاد بازدهار مصر وأمنها ووصف أنظمتها ومدنها وثرائها وثروتها وحضارتها واصفاً المعجب بما رآه وشاهده.

امتدت سلطة الخلافة لتشمل بلاد الشام وفلسطين والحجاز وصقلية وشمال إفريقيا، كما ورد اسم الخليفة على منصات في هذه البلدان، حيث تطلع إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية السنية لتلتحق بها في سلطته فنجح في إقناع أبو الحارث البساسيري أحد القادة العباسيين وأمده بالمال والذخيرة.

ثار على الخليفة العباسي واستولى على بغداد وألقى خطبة هناك للمستنصر لمدة سنة لكن حركة البساسيري لم تستمر ولم تتقوى من قبل الدولة الفاطمية رغم أنهم كانوا ينتظرون هذه الفرصة، حيث في الوقت نفسه بدأت قوة السلاجقة في الظهور وجاء زعيم السلاجقة طغرل بك إلى بغداد وأوقف حركة البساسيري وأعاد الخليفة العباسي إلى منصبه.

أعمال الخليفة المستنصر بالله الفاطمي

بعد موت الوزير القوي أبي القاسم الجرجرائي بدأت والدة الخليفة المستنصر بالتدخل في شؤون الدولة وكان لها الكلمة الأولى في وضع الوزراء والإشراف عليهم، حيث أصبحت الدولة بيد مساعديها وأطلق عليها لقب سيدة الملكة وخاطبها الرجال بحضور ابنها الخليفة بمولاتهم وأشاروا إليها بالجانب الكريم.

أدى تدخلها في شؤون الحكومة إلى تأجيج نار العداء والفتنة بين طوائف الجيش فاختالت الخلافات والمعارك بينهما، حيث لم تجد السيدة رصد وزيراً قوياً بعد إقالة اليزوري سنة 1058 يتولى زمام الأمور ويحكم العسكر، وهو الأمر الذي جعل أوضاع البلاد تتدهور بسرعة وسادت الفوضى والصراع وحلت الخراب.

لم تقتصر معاناة البلاد على سوء الإدارة والفوضى السياسية فقد أدى انخفاض منسوب مياه النيل إلى تفاقم الأزمة الحادة في البلاد، حيث تكرر هذا الانخفاض ليصيب البلاد بكارثة كبرى ومجاعة حاذقة استمرت 7 سنوات متتالية، حيث إن ما أصاب الناس من هذه المجاعة من قلة الطعام وارتفاع الأسعار واضطر الناس إلى أكل الكلاب والقطط الميتة والبحث عنها لشرائها، حيث بل أن الناس يأكلون جثث الموتى ورافق هذه المجاعة انتشار الأوبئة والأمراض التي أهلكت الناس.

لم يعد يشاهد في الأسواق أحد ولم تجد الأرض من يزرعها وباع الخليفة المستنصر ممتلكاته وهربت والدته السيدة رصد وبناته إلى بغداد، حيث كان الوضع سيئاً للغاية لدرجة أن بعض الذين كانوا في بعض الراحة اعتادوا إعطائه ما يأكله في يومه.

نتيجة لهذه الأزمة الشرسة بدأت دولة المستنصر بالله في الانهيار وسقط العديد من الدول عن سلطته وقتل البساسيري وعادت بغداد إلى الخلافة العباسية وانقطعت الخطبة للمستنصر، حيث خطب الخليفة العباسي عبد الله الحاكم بأمر الله ودخل النورمان إلى صقلية وسيطروا عليها وترك حكم الفاطميين بعد أن بقي جزءاً من ممتلكاتهم منذ قيام دولتهم.

وفاة الخليفة المستنصر بالله الفاطمي

وصلت سلطة بدر الجمالي إلى حد أنه أوكل الوزارة إلى ابنه الأفضل الذي كان يشاركه في أعمال الوزارة وعندما مات بدر سنة 1094 خلفه ابنه في الوزارة ووافقه الخليفة على منصبه، حيث لم يمض وقت طويل قبل أن مات المستنصر بعد بضعة أشهر سنة 1094 عن عمر يناهز 67 سنة بعد حكم دام حوالي 60 سنة.


شارك المقالة: