من الأمور المهمة عند الدارسين والمهتمين في علم السكان بأنه علم لا يكتفي فقط بدراسة الظواهر والمشاهدات السكانية مثل المواليد أو الوفيات أو الهجرات بل يتخطى ويتعدى ذلك الشكل أو الإطار للبحث عن مسببات هذه الظواهر والقوانين التي تتبع وتخضع لها وانعكاس هذه الظواهر وتأثيرها على المجتمع.
الدراسات السكانية وعلاقتها بعلم الاجتماع:
هناك مجموعة من المسلمات التي يهتم بها علماء علم السكان، من خلال دراسة الظواهر السكانية وآثارها وانعكاساتها على المجتمع التي تؤكد علاقة علم السكان أنه على صلة قوية مع العلوم الأخرى، فإن الأساس في أي علاقة بين فروع العلوم والمعرفة الإنسانية تعتبر علاقة تكاملية وليست علاقة منفصلة.
وإن اختلفت نوعية العلاقة وشدتها في الدرجة بين علم السكان والعلوم الأخرى، فمن الممكن القول أن العلاقة التي تربط علم السكان بفروع العلوم الإنسانية والاجتماعية تعد من أقوى العلاقات، إذا ما تم مقارنتها مع العلوم الطبيعية الأخرى، ولكن هذا لا يعني بشكل مطلق انعدام العلاقة مع علم السكان.
فالكائن البشري له علاقة قوية مع أنواع العلوم والمعارف جميعها، وبشكل خاص تلك المعارف التي تدور حول الإنسان نفسه، والتي لها ارتباط بحياة الإنسان وتعتبر من أقوى درجات العلاقات والترابط بين علم السكان والعلوم الإنسانية والاجتماعية الأخرى وهي باختصار العلاقة التي تنشأ بين علم الاجتماع وعلم السكان.
إن علم السكان هو علم يهتم بدراسة عناصر ومكونات السكان وخصائصها، والعوامل التي تؤثر في تغير هذه العناصر والمكونات، سواء كانت هذه العوامل اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو سياسية أو بيولوجية، على الرغم من أن بداية علم السكان كانت بداية إحصائية بشكل بحت.
حيث قامت أكثر الدراسات على عقد المقارنات بين أعداد المواليد و أعداد الوفيات والفروق في ما بين هذين المعدلين، غير أن هذه الأرقام تبقى مجرد أرقام صماء ما لم يتم أخذها وتناولها من قبل الباحث أو الدارس في علم الاجتماع، حيث يقوم الباحث أو الدارس بتحويل هذه الأرقام إلى مؤشرات ودلالات تحمل معاني من الممكن تفسيرها وفهم الواقع الاجتماعي الذي تتضمنه من خلالها.
هناك الكثير والعديد من الظواهر السكانية، هي في الأصل ظواهر اجتماعية ولها صفات وسمات الظواهر الاجتماعية ومن سماتها أنها إنسانية وجمعية وتلقائية وموضوعية وهذه الظواهر السكانية هي من صنع الحياة الاجتماعية والأفراد في داخل المجتمع.
حيث أن الكثير من الظواهر السكانية لا يمكن فهمها بمعزل وبُعد عن الظواهر الاجتماعية والنظم الاجتماعية، وبالتالي فإن الظواهر السكانية الأساسية مثل الخصوبة أو الوفاة أو الهجرة أو الزواج ترجع بالدرجة الأولى لمجموعة من الأسباب الاجتماعية وليس إلى أسباب تحمل صيغ نفسية أو بيولوجية أو فلسفية.
علم الاجتماع وعلم السكان:
علم الاجتماع علم يدرس العلاقات الاجتماعية بين الناس، ويدرس أشكال وأنواع وتطور العلاقات الاجتماعية بينما الديموغرافيا تدرس البحث العلمي للسكان على أساس حجم وتوزيع السكان والكثافة والولادة والوفاة واتجاهات الهجرة، فإن الإنسان أو السكان هو محور البحث وتعتبر الديموغرافيا فرعًا من فروع علم الاجتماع العام وبالنظر إلى الخصائص المشتركة للظواهر الاجتماعية أو الديموغرافية، فهي واحدة من أكثر العلوم صلة بعلم الاجتماع علم الاجتماع والديموغرافيا علمان متكاملان علم الاجتماع يوفر بيانات نوعية والديموغرافيا توفر بيانات كمية وهذا هو جوهر هذه العلاقة.
إذا أراد الباحث أو الدارس وضع الأساس لخطة التنمية فيجب علينا استخدام البيانات العلمية وإذا كان الباحث يدرس مجال العلاقة والتفاعل فيجب عليه استخدام البيانات الاجتماعية لتطوير العلاقات والتفاعلات والتعاون والمنافسة والصراع وغيرها، وعلى الرغم من ذلك فإن الدافع واضح للعلاقة بين هذين العلمين والتعاون، حيث تركز التركيبة السكانية على التغيرات في عدد السكان وتأثير هذه التغييرات على حجم السكان توزيع السكان وخصائصه النوعية.
سواء كان بالزيادة أو النقصان الوضع السكاني له تأثير اجتماعي عندما يتوسع حجم المدينة يظهر التخصص وتقسيم العمل، قد اتخذت الحضارة الإنسانية خطوات ملموسة على طريق التنمية والتقدم، قد ينتج عن الزيادة في عدد السكان مجتمع اجتماعي وظهرت العديد من المشاكل التي يجب مواجهتها ويجب تشخيص أسبابها واقتراح طرق التعامل معها أو القضاء عليها.
تمثل الهجرة السكانية موضوع بحث مشترك بين علم الاجتماع والديموغرافيا وقد تكون الهجرة هجرة خارجية أو هجرة داخلية وتعتبر الهجرة ظاهرة شائعة ربما تكون ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدينة تعرف باسم التحضر، خاصة في دول العالم الثالث من الواضح أنها تخلق ظروفًا اجتماعية يهتم بها علماء الاجتماع مثل التوافق والتفاعل مع الظروف الحديثة التي يواجهها المهاجرون.