اقرأ في هذا المقال
- الرمزية والظواهر الاجتماعية
- أمثلة على الظواهر الاجتماعية القائمة على التفاعل الرمزي في المجتمع
- علاقة نظرية التفاعل الرمزي مع الظواهر الاجتماعية
الرمزية والظواهر الاجتماعية
تتناول هذه المقالة حجة ما بعد الحداثيين بأن المفهوم المفرط للعقلنة للمجتمع يميل إلى تجاهل ظواهر اجتماعية مهمة مثل تلك التي تنتمي إلى المجال الرمزي، ويقترح علماء الاجتماع أن البرنامج الناشئ لعلم الاجتماع الرمزي قد يساهم في تفكير تركيبي جديد ومتعدد التخصصات في العلوم الاجتماعية، ويتم تقديم مفهوم الرمزية كظاهرة اجتماعية وليس كنظام لغوي أو سيميائي مستقل.
ويقال إنه إذا كانت المعرفة الاجتماعية مكونة للمجتمع فإن المشاعر الجماعية والزمانية والذاكرة الجماعية يتم إنتاجها أيضًا بشكل رمزي، ويتم إنشاؤها من خلق رموز استطرادية وأشياء رمزية وسلوكيات رمزية.
أمثلة التفاعل الرمزي في الحياة اليومية
تعتبر الطريقة التي يتم رؤية العالم بها فريدة من نوعها، وبناءً على التفاعلات مع الكلمات والأفكار والأحداث يمكن أن يكون للأشياء أو الكلمات المختلفة معاني مختلفة بالنسبة للجميع، واستكشف علماء الاجتماع أمثلة مختلفة للظواهر الاجتماعية القائمة على التفاعل الرمزي في المجتمع والحياة اليومية.
فما هو التفاعل الرمزي؟ على الرغم من إنه قد يبدو اسمًا كبيرًا، إلا أن علماء الاجتماع يعرفون التفاعل الرمزي بأنه كيف تضيف تجارب الفرد معاني ذاتية للرموز والحروف، على سبيل المثال كلمة كلب هي مجرد سلسلة من الأحرف، ومن خلال تفاعل الفرد مع الأحرف كلب، يرى هذا على إنه كلب فروي بأربع أرجل، لكنها لا تتوقف عند هذا الحد، فاعتمادًا على تجاربه مع الكلاب يمكن أن يحمل هذا الترتيب من الحروف معانٍ سلبية أو إيجابية.
على سبيل المثال إذا تم تعرض شخص ما لعضة كلب عندما كان طفلاً فإن الأحرف كلب قد تجعله يخاف، ومع ذلك إذا كان الكلب هو أفضل صديق له فقد يحمل كلمة كلب دلالة إيجابية، فبينما يعرف الجميع ما تعنيه الأحرف فإن المعنى الذي تحمله الكلمة بالنسبة للجميع شخصية، لذلك فإن تفاعلات الإنسان تلون المعاني الرمزية المخصصة للكلمات والأشياء والأفكار والأحداث والأشخاص.
فعند النظر إلى نظرية معقدة من الأفضل دائمًا البدء ببساطة، فمن السهل التعرف على بعض الرموز التي تحمل معاني محددة داخل المجتمعات، في حين أن البعض يمكن أن يكون ذاتيًا، وبعض الرموز التي يتم التعرف عليها من خلال التفاعلات معهم هي:
1- صورة شخصية لعصا مع فستان دلالة على المرأة.
2- صورة شخصية لعصا بدون لباس تعني الرجل.
3- رسم القلب يعني الحب.
4- النسر الأصلع يعني الحرية.
5- شخصية عصا جالسة على كرسي بعجلة كبيرة تعني معاق.
6- رفع الإبهام يعني نعم.
7- وضع الإبهام لأسفل يعني لا.
8- الجمجمة والعظمتان المتقاطعتان تعنيان الخطر.
9- التوازن يرمز إلى العدالة.
10- يرمز الشكل المنفرد إلى الصليب أو الروحانية أو الدين.
11- يحمل الماء معنى إعادة الميلاد أو الحيوية أو التطهير.
أمثلة على الظواهر الاجتماعية القائمة على التفاعل الرمزي في المجتمع
المجتمعات مليئة بالتفاعل الرمزي، وتختلف التفاعلات بناءً على المجتمع الذي يتم العيش فيه، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تكون العديد من أمثلة الظواهر الاجتماعية في المجتمع القائمة على التفاعل الرمزي التي شوهدت في جميع أنحاء المجتمع ذاتية بناءً على التجارب مع هذا الرمز المعين، وقد تحقق علماء الاجتماع من بعض أمثلة الظواهر الاجتماعية المختلفة في المجتمع القائمة على التفاعل الرمزي ومنها ظاهرة التحيز للجنس وظاهرة عنصرية العرق وظاهرة أدوار العلاقة.
1- ظاهرة التحيز للجنس
يمكن فهم الجنس من خلال التفاعل الرمزي لأن الجنس هو ظاهرة اجتماعية وبناء اجتماعي، على سبيل المثال بالنسبة للرموز المرتبطة بالذكور والإناث تستند الأفعال والمظاهر إلى ما يُعتقد إنه صحيح من التفاعلات بدلاً من ما هو صحيح من الناحية الموضوعية، على سبيل المثال قد يُنظر إلى النساء على أنهن أضعف من الرجال، ويمكن اعتبار الرجل الذي يرتدي فستانًا أنثويًا، وتؤدي هذه السمات الإشكالية إلى عدم المساواة والتحيز مثل حصول المرأة على أجر أقل من الرجل في القوة العاملة.
2- ظاهرة عنصرية العرق
العرق ظاهرة آخرى حيث يلعب التفاعل الرمزي دوره، ويمكن رؤية هذا بالتأكيد من خلال قضية عنصرية التلوين، ففي هذه الظاهرة الاجتماعية يتم التعامل مع الأشخاص الذين ينتمون إلى نفس الهوية العرقية بشكل مختلف بناءً على سطوع بشرتهم أو ظلامها، على سبيل المثال أظهرت دراسة أجراها علماء الاجتماع حول ظاهرة العرق أو التلوين أن اللاتينيين ذوي البشرة الفاتحة يبدون أكثر ذكاءً وفقًا للقوقازيين.
3- ظاهرة أدوار العلاقة
يلعب التفاعل الرمزي دورًا كبيرًا في الأسرة والعلاقات، ويتغير فهم المرء لكلمة أو حدث بناءً على التفاعلات معها، على سبيل المثال إذا كان لدى المرء علاقة رائعة مع زوجته فإن كلمة زوجة ستكون إيجابية، ومع ذلك إذا كانت علاقته بزوجته متوترة فإن المعنى الكامن وراء الكلمة وما ترمز إليه الزوجة يتغيران.
علاقة نظرية التفاعل الرمزي مع الظواهر الاجتماعية
نظرية التفاعل الرمزي هي منظور يدرس مستويات جزئية تهتم بالعلاقات بين الأشخاص في المجتمع، حيث يعتقد علماء الاجتماع أن ظاهرة التواصل من خلال المعنى واللغة والرموز تعتبر الوسيلة التي يعرف بها الأفراد عوالمهم الاجتماعية، إذ لاحظ عالما الاجتماع جورج هربرت وبلومر ميد أن هذه النظرية تعتبر الأفراد على أنهم هم من يشكلون العالم الاجتماعي بدلاً من أن يكونوا يتصرفون بناءً على ما هو عليه.
ويُعتقد أن عالم الاجتماع جورج هربرت هو مؤسس منظور التفاعل الرمزي مع إنه لم يقم بنشر أعمال له عنها أبدًا، وأيضاً عالم الاجتماع بلومر ميد يعتب هو من صاغ مصطلح التفاعل الرمزي والمقدمات المحددة الأساسية المبنية على أساس أن الناس يتفاعلون مع بعض الأشياء، وفق المعاني التي تنسب إلى هذه الأشياء، إذ يرى أن المعنى المنسوب للأشياء يأتي من التفاعلات مع الأشخاص الآخرين ومع المجتمع، ويتم تحليل وتفسير معاني الظواهر الاجتماعية من قبل الفرد عند التعامل مع الظروف المعينة للأشياء.
ويحقق علماء الاجتماع في الظواهر الاجنماعية التي تطبق تفكير التفاعل الرمزي، وغالبًا ما تضم تحقيقاتهم ملاحظة بعض التفاعلات الرمزية الفردية لتلك الظواهر الاجتماعية، على سبيل المثال عندما يحقق عالم الاجتماع الذي يدرس ظاهرة الصراع الاجتماعية كاحتجاج سياسي أو يدرس ظاهرة الاختلاف الطبقي الاجتماعية فإنه سيهتم بكيفية تفاعل رموز الأفراد عن تلك الظواهر، بالإضافة إلى اهتمامه بوسائل التواصل الرمزية التي يستعملونها هاؤلاء الأفراد لتوصيل احتجاجاتهم.
وقد نتج من الاهتمام المتزايد على دور الرموز في بناء أطار المجتمع إلى قيام علماء الاجتماع مثل إرفينج جوفمان بتكوين تقنية يطلق عليها التحليل الدرامي والتي استعملها عالم الاجتماع إرفينج جوفمان في الأداء المسرحي كتحليل للتفاعل الاجتماعي مع الظواهر الاجتماعية، وناقش أن تفاعلات الأشخاص كونت أنماطًا من الظواهر الاجتماعية والثقافية، ونظرًا لأنه قد يكون من غير الواضح ما هو الدور الذي قد يلعبه الشخص في ظاهرة اجتماعية معينة فيجب عليه الارتجال في دوره مع تطور الموقف.
وأيضاً تستخدم الدراسات التي تركز على المنظور التفاعلي الرمزي طرق البحث النوعي لفهم الظواهر الاجتماعية، مثل طرق المقابلات المتعمقة أو طريقة ملاحظة المشاركين، لأنها تهتم بفهم الأشياء الرمزية الموجودة بالعالم الذي يعيش فيه الأشخاص والظواهر موضوع البحث، فبنائية الظواهر الاجتماعية هي امتداد لنظرية التفاعل الرمزي التي ترى أن بناء الظواهر الاجتماعية هو ما يدركه البشر معرفيًا.
لذلك قام علماء الاجتماع بتطوير البنى المعرفية للظواهر الاجتماعية بناءً على ما يتم تفاعله مع الآخرين، وتلك البنى المعرفية التي تستمر مع الوقت هي البنى التي لها نفس المعاني المتفق عليها بشكل واسع أو لها قبول شامل وعام من معظم المجتمع.
وغالبًا ما يُستخدم هذا النهج لفهم ما يتم تعريفه من الظواهر الاجتماعية على إنه منحرف داخل المجتمع، فلا يوجد تعريف مطلق لظاهرة الانحراف، وقد بنت المجتمعات المختلفة معانٍ مختلفة للانحراف، فضلاً عن ربط السلوكيات المختلفة بالانحراف.