السلطان المملوكي قانصوه الغوري في العهد المملوكي

اقرأ في هذا المقال


السلطان المملوكي قانصوه الغوري في العهد المملوكي

خلال الفترات التي سادها الفتن والصراعات السياسية، كانت الصراعات دائماً على السلطة والحصول عليها بجميع الطرق الموجودة، لابد من الإشارة أنه عند ذكر تاريخ الدولة المملوكية، إلا ويأتي على الذهن تاريخان مهمان أول تاريخ هو تاريخ العظمة الحضارية والعسكرية التي اتصف بها هذا العصر وأيضاً تاريخ من الفتن الاقتصادية والاغتيالات السياسية التي انعرفت بها طوائف المماليك عند اختلاف مصالحهم وسلطتهم، لقد كانت وفاة السلطان القوي الأشرف قايتباي وحصول ابنه محمد على عرش المملكة بداية فترة الاضطهاد وسفك الدماء بين المماليك على العرش في مصر والشام والتي امتدت إلى خمسة سنوات.

كيف تولى السلطان المملوكي قانصوه الغوري الحكم

لقد حصل على منصب السلطنة خمسة من السلاطين الجشعين، جميع هؤلاء كان هدفهم السلطة والحصول على المال، لذلك كان بالمقابل تصارع ونزاعات من الكثير للحصول على الحكم، مما ولد الكثير من الحروب، لقد كان آخر هؤلاء السلطان طومان الأول أو العادل الذي كان من بين الأكثر والأسعد حظاً من اللذين سبقوه، وذلك عندما قام مجموعة من قادة الجيش بتدبير انقلاب وهجوم عسكري عليه، لذلك تباعاً قام بالهرب على إثر ذلك وقام بالاختفاء في مدينة القاهرة قبل أن يتم قتله كمن سبقه من الضحايا.

لقد اجتمع مجموعة من الأمراء في القلعة، حيث كان المرشح للحصول على منصب السلطنة الأمير تاني بك الجمالي وهو قائد الجيش المملوكي الذي كان مختفي على إثر بطش العادل طومان باي قبل أن قام بالانقلاب عليه وهروبه من القاهرة، لكن أغلب الأمراء والجنود قام برفضه كسلطان بسبب ما انعرف به من التشدد، لذلك كان المرشح الثاني لذلك المنصب هو الأمير قانصوه الغوري والذي كان رئيس أركان الجيش، وبالتالي قام الأميران المتزعمان بالإعلان عن الانقلاب العسكري على العادل طومان باي والأمير مصرباي أنهما يريدان ترشيح الأمير قانصوه الغوري، حيث جلسوا معه وتم تنصيبه بالرغم من امتناعه وعدم قبوله ورغبته في ذلك وبكاه.

لم يكن بكاء الغوري بسبب الورع أو التقوى، إنما كان بسبب الخوف على نفسه من خاتمة السلاطين السابقين الذين تم قتلهم أو سجنهم على أبسط الأحوال، وفي المقابل كان اتفاق الأمراء على حصول قانصوه الغوري على الحكم نظراً لما انعرف به من السلاسة في التعامل، لكن رأى البعض من هؤلاء أنه من السهل طرده بشكل أسهل من اللذين سبقوه دون اللجوء للدم أو التصارع بين المماليك، لذلك كانت ردة فعل الغوري بالموافقة، وكان شرطه عدم قتله، وبالتالي تم تتويج قنصوه الغوري سلطان على عدة مُدن في مرحلة من أسوء المراحل في تاريخ تلك المناطق وهي مصر، الشام والحجاز وأخطرها.

التعريف بقانصوه الغوري

كانت نشأت قانصوه بن عبد الله الأشرفي الغوري في عام 1446م، يعود نسبه إلى طبقة من طبقات الغور وهم عبارة عن مجموعة من الناس انعرفوا بشكل أساسي بتعليم الأطفال وتربيتهم، لقد كان الغوري من أهم مماليك السلطان الأشرف قايتباي، والذي أبقاه لفترة من الزمن في السكنات العسكرية في قلعة الجبل بالقاهرة، وذلك من أجل تعلم المهارات والأساليب العسكرية، بالإضافة إلى تعلم مناهج الثقافة الإسلامية كباقي الأفراد من المماليك، ثم بعدها قام بإعتاقه وتعينه مع العساكر المسئولون عن خزائن ملابس السلطان.

وبالتالي أصبح  الغوري بعد ذلك من أهم الفرسان في الحرس السلطاني الخاص “الخاصكية”، بعدها تمت ترقيته حتى أصبح كاشف الوجه القبلي ما يعني أنه أصبح المسئول عن الأمن ومهام عمارة الجسور وإصلاح الطرق وغير ذلك من المهام المرتبطة بتلك الأمور، ثم بدأت رتبته العسكرية في التطور حتى أصبح أمير عشرة، ما يعني أنه أصبح أمير على عشرة فرسان، كما قام بالاشتراك في بعض الحملات والهجمات العسكرية المملوكية التي قامت ضد العثمانيين.

لذلك خلال سلطنة الناصر محمد بن قايتباي أصبح من الأمراء أصحاب المستوى الأول في الجيش المملوكي، مما فتح له الطريق حتى يتولى المناصب العسكرية العالية، حيث تم ترقيته حتى أصبح رئيس أركان الجيش المملوكي في دولة الظاهر قانصوه الأشرفي، وخلال تلك الأثناء قرّبه الأمير طومان باي الأول، بعدها أصبح وزير كبير بعد سلطنته، واستمر على ذلك حتى تم الاستغناء عن العادل طومان باي الأول.

لقد تلقب قانصوه الغوري بلقب أستاذه وسيده الذي قام بشرائه السلطان قايتباي، حيث كان لقبه الملك الأشرف أبو النصر، والذي كان أول ما قام به بعد سلطتنه القضاء على رأس النظام القديم، ذلك السلطان الذي قام بتقريبه وجعله وزير، حيث تتبع الغوري أخبار السلطان المخلوع طومان باي، وبالفعل تمكن من القبض عليه في بيته القديم الموجود بالقاهرة، وتباعاً بشكل مباشر قام بإصدار عقوبة الإعدام عليه، تم قطع رأسه وتعليقه في قلعة الجبل.

وهنا نستنتج من تاريخ حُكم السلطان المملوكي قانصوه الغوري في العهد المملوكي أنه تم تنصيبه على السلطنة رُغماً وأنه لم يكن يرغب في تولي العرش خوفاً على نفسه من القتل لحصول غيره على عرشه، كما تولى الحكم في أصعب وأخطر المراحل في تلك الفترة، بالإضافة إلى كون الغوري كان من أهم المماليك والفرسان، كما تمّيز بتربيته على أصول الدين والشريعة الإسلامية، فضلاً عن امتلاكه لأفضل المهارات العسكرية المطلوبة.


شارك المقالة: