السياق الثقافي والاجتماعي للأنثروبولوجيا الطبية

اقرأ في هذا المقال


لقد أصبحت معرفة السياق الثقافي للصحة والمرض موضوعاً معترف بأهميته الحيوية في الأعوام القائمة، فعندما تتعرض الخدمات الصحية في كل المجتمعات إلى الفحص والمراجعة المتواصلة، يكشف التعقيد في الارتباط بين الرعاية الصحية وأنماط الحياة وافتراضات أفراد المجتمع.

السياق الثقافي والاجتماعي للأنثروبولوجيا الطبية:

يزداد الاهتمام بالأساليب التي تؤثر على توقعات وسلوكيات المواطنين في مسببات المرض والوقاية منه في العالم الحديث، وبالتالي تحتاج هذه الأمور ليس فقط من خلال الدراسة الكمية للمواطنين وصفاتهم ولكن عن طريق البحث النوعي ﻷنماط الافتراضات والسلوكيات التي تشترك في الصحة والمرض في المجتمع.

ولذلك عادة ما يتمثل المدخل الأنثروبولوجي تفضيلات كيفية ودراسات إثنوجرافية لثقافة الجماعات البشرية، بمعنى أن اتجاهاتها التي تشترك في المعتقدات والسلوكيات، يمكن أن نميز بينها من فرد ﻵخر بالوسائل التي يدركون بها الصحة والمرض ويشعرون بالرعاية الصحية، ومن الذين سيلجأون في طلب للمساعدة.

أهمية السياق الثقافي للصحة والمرض:

ومن المهم أيضاً معرفة السياق الثقافي للصحة والمرض في المجتمع، من خلال دراسة التنظيم الاجتماعي للصحة والمرض في المجتمعات، والذي يمثل الأشكال التي تميز بها المواطنين كمرضى، وكذلك الأساليب والوسائل التي يعرضون بها هذا المرض على الآخرين وهم المعالجين، كما يركز الأنثروبولوجين بصفة منفردة بصفات ونوعيات هؤلاء المعالجين من حيث انتقائاهم وتمرينهم  وقيمهم وتنظيمهم الداخلي، كما يدرسون أيضاً الأسلوب الذي يتعايش به هؤلاء المعالجين داخل النظام الاجتماعي ككل من قبيل مستواهم الاجتماعي وسيطرتهم السياسية أو الاقتصادية، وتجزئة المهام بينهم وبين المواطنين الآخرين.

وقد يقوم المعالجين في الجماعات البشرية بأدوار أخرى بالإضافة إلى مهامهم العلاجية كمكملين للمجتمع إذ يدافعون عن قيمه بانتظام، أو كوكلاء للضبط الاجتماعي عندما يتساعدون في تصنيف ومعاقبة السلوك المنحرف اجتماعياً، ولذلك فإنه من الأهمية معرفة مكان دراسة الكيفية التي يدرك ويتفاعل بها المواطنين مع المرض ومع أنماط الرعاية الصحية التي يلجأون إليها وذلك لمعرفة الاتجاهات الاجتماعية والثقافية للمجتمع الذي يتكيفون فيه.

كما يعود تاريخ الأنثروبولوجيا الطبية كمجال ثانوي من الدراسات الأنثروبولوجية إلى الخمسينيات في القرن الماضي، وعلى الرغم من أن تاريخ الارتباط التبادلي بين الطب والأنثروبولوجيا يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، فهناك ثلاث مجالات نظرية وراء مصادر الأنثروبولوجية الطبية أثرت تأثيراً كبيراً في تقدمها وهي الأنثروبولوجيا البيئية ونظرية التقدم والسمو، ودراسات عن الصحة العقلية وعن ثقافة الاختلالات العقلية.


شارك المقالة: