اهتم العالم جوليان غريماس بدراسة السيميائيات السردية لما لها من أهمية في فهم الأشياء والمفاهيم المختلفة في الحياة الاجتماعية، كما أن السيميائيات السردية لها دور في تحليل الصور المرئية.
السيميائيات السردية عند العالم جوليان غريماس
العلامات هي أشياء يمكن إدراكها أو المفاهيم التي يتم أعطائها معنى، على سبيل المثال عندما تتحول الأوراق على الأشجار من الأخضر إلى الأصفر يتم فهم أن الصيف قد انتهى وأن الخريف قد حل، وأثناء القيادة عبر المدن يتم قرأت إشارات المرور بامتنان.
وبعد حدث سياسي سلبي يبدو أن وجوه الآخرين في الشوارع قد سقطت بشكل جماعي، وعندما يتم أعطاء معنى لما يتم رؤيته فإنه يتم إدراك ذلك أو في الغالب لا، لكن يتم فعله باستمرار، وحتى تمكن هذه الأشياء من التواصل والتفكير والتخيل باختصار لا بد من العيش اجتماعياً أو فردياً.
ولطالما كان العالم جوليان غريماس مهتمًا بالجانب السردي للحياة الاجتماعية الثقافية لأن السيميائيات السردية في نظر العالم جوليان غريماس، هو النمط الثقافي الأكثر تأثيرًا وأهمية، وكان السرد شغفه الفكري الأول.
ولا يزال الأمر يشغله في المقام الأول عندما ينظر إلى المصنوعات اليدوية أو طرق التحليل، وبدأت عمله كعالم أدبي لكن لاحظ بأثر رجعي في مرحلة ما وفي وقت مبكر مقدار العمل الذي كان في الواقع يتعامل مع التصور، وحتى دراساته الأدبية البحتة تطورت حول قضية التركيز وهو جسر بارز بين الأدبي والبصري.
ولم يرى هذا غريبًا أبدًا ولم يكن يعتقد حتى أن هذا المفهوم له علاقة بحدود السيميائيات السردية، ولديّه نفور من الحدود والفصل بين المجالات التي تبدو اعتباطية بالنسبة له، وأراد دائمًا أن ينظر حول زاوية لما يعرفه، وبمجرد أن عرف كيف يفعل شيئًا ما أراد المضي قدمًا واستكشاف مناطق غير معروفة، وفي الوقت نفسه لم يختف الاهتمام الأولي أبدًا عندما بدأ في استكشاف الحقول المجهولة.
ولم يستلزم انتقاله من الأدب إلى الفن المرئي تغييرًا بل امتدادًا، وبالنسبة لعلماء البصريات وخاصة مؤرخي الفن فإن مقاربته للصور تحمل آثار تلك الاهتمامات السابقة، لكن هذا يعني إثراء وليس تشويه للحقل الجديد.
وإن اهتمام العالم جوليان غريماس بالسيميائيات السردية يرجع إلى الميل إلى التصور في عين العقل، كما يقول بقدر ما يرجع إلى رسم التطورات، أو استحضار المزاج أو أوصاف الشخصيات والأماكن، لكن افتتانه يصبح أكثر حدة في الأماكن التي يتقاطع فيها مغامرات الناس بغض النظر عن كيفية الإشارة إليها.
وكما يقول علماء السيميائية تساعد السيميائيات السردية للعالم جوليان غريماس على فهم جنون العالم بشكل أفضل قليلاً، وبالتالي سواء في الكلمات أو في الصور، فإن السرد يلهم البصيرة ولكن للوصول إليها فإنها تتطلب أيضًا نظرة فاحصة ومتفاعلة.
وهذا ما حاول العالم جوليان غريماس تسهيله في عملية السيميائيات السردية، وينصب اهتمامه على مشاركة الحماس حول ما يمكن للفنانين أن يجعلونه يراه بأم عينيه، وبكثافة عاطفية وفي ضوء الاستجابات الاجتماعية والسياسية، وهذا يعني أنه لا يشعر بالراحة داخل حدود التخصصات الراسخة.
لكن هذا لا يعني أن هذه النظم غير مجدية على العكس تماماً تتطلب أي علاقة بين المجالات التأديبية كما بين الناس، الاحترام والبصيرة فيما يخص الآخر لم تعد تعددية، والتخصصات بديهية أكثر من المبادئ وأحيانًا عقائد للأنظمة الأحادية.
ولا تكمن النقطة في تفضيل أحدهما على الآخر ولكن في إنشاء روابط مفيدة وذات مغزى، ويجب أن يطور التحليل المرئي اليوم، سواء أكان متعلقًا بمجال تاريخ الفن أم لا وبمنهجية واضحة قابلة للتعليم إذا كان يريد المشاركة بجدية في التخصصات الأخرى والدراسات الأدبية، ولكن أيضًا دراسات الأفلام والأنثروبولوجيا الثقافية والفلسفة.
على سبيل المثال لا الحصر تنتظر في رموز الأجنحة، وفي بعض الأحيان رموز يد تمد الترحيب، وعلى الرغم من أن الرؤية هي جوهر هذه السيميائيات السردية إلا أن أسئلة العالم جوليان غريماس وأفكاره تتعلق أيضًا بمجالات الدراسة غير المرئية.
ففي المفاهيم في السفر في علم السيميائية اقترح العالم جوليان غريماس ترسيخ منهجية الدراسة متعددة التخصصات في المفاهيم بدلاً من الأساليب الكاملة، فالمفاهيم هي أدوات التبادلية وهي تسهل المناقشة على أساس لغة مشتركة.
لكن المفاهيم ليست ثابتة حيث إنها تسافر كما زعم ذلك بين التخصصات وبين العلماء والأفراد وبين الفترات التاريخية وبين المجتمعات الأكاديمية المتفرقة جغرافياً ومن تخصص إلى آخر، ويختلف معناها ونطاقها وقيمتها التشغيلية، ويجب تقييم عمليات الاختلاف هذه قبل وأثناء وبعد كل رحلة أي انتقال كل منها من سياق نظام او فترة إلى أخرى.
وكل هذه الأشكال من السفر تجعل المفاهيم مرنة، وإن قابلية التغيير هذه هي التي تصبح جزءًا من فائدتها لمنهجية جديدة ليست مخفية أو جامدة أو عشوائية أو قذرة، بينما يتم التماس ما قد يعنيه مفهوم معين بشكل مؤقت وجزئي، وذلك يكسب نظرة ثاقبة لما يمكن أن يتم فعله، وتتكون السيميائية من نظرية أو كما يفضل أن يسميها منظور ومجموعة أدوات مفاهيمية تساعد في مسعى السيميائيات السردية من حيث المبدأ، ومفيدة في أي مجال تكون فيه الأشياء المحسوسة هي أهداف الدراسة.
فقد طورت السيميائية طرقًا لمعرفة كيف يتم الرؤية وكيف يتم صناعة المعنى على أساس ما يتم إدراكه، وهذا هو تعريف الحياة الاجتماعية من حيث التعقيد والتناقض، والقراءات المتعارضة التي تؤكد العلاقة الديناميكية بين الصور والسرد، وبينها وبين العالم الذي يتم العيش فيه وهذا هو المجال الذي تساعد السيميائيات السردية على فهمه وتحليله، فكيف يمكن أن يتم افتراض أن أي تخصص واحد سيغطي كل ذلك؟ ومع ذلك إذا كان لعلم الاجتماع أن يخدم غرضًا ما فيجب أن يواجه هذا التحدي.
السيميائيات السردية في التحليل المرئي
ما يسمى عمومًا بالسيميائيات السردية في التحليل المرئي هو علم متعدد التخصصات بعمق لمجال لا يمكن حتى أن يحده حاسة البصر، بغض النظر عن مثل هذه الأجسام التقليدية التي يطلق عليها اسم الفن، وفي معظم السيميائيات السردية في التحليل المرئي تم الجمع بين الأفكار النقدية والأفكار من خلال الأمثلة حول كيفية القيام بذلك بشكل متعمد.
وهذا الاهتمام بعبور الحدود مع الآخرين في نسخة اجتماعية وتعليمية قد أجبرت علماء السيميائية على التنظير، ويساعد تطوير نظريات منطقية وقابلة للتعليم في تحليل الصور المرئية بطرق تؤيد وتتجاوز أيضًا المستوى الحدسي، بحيث يمكن تطوير الجانب الاجتماعي للتفسير من خلال الحوار مع الآخرين.
ومع الحرص على اهتمام العلماء بتعيين مسار التحليل من رؤية العلامات إلى تتبع السرد، ينصب التركيز على كيفية القيام بذلك وكيفية فهم طريقة الصورة الثابتة في تقديم قصة للمشاهدين وفي الحركة وفي المواجهة الصريحة مع الأيقونات التقليدية.
ويقدمون بعض الأمثلة على مثل هذه التحليلات السيميائية السردية ضمن التوتر بين نمطي التصوير السيميائي ورواية القصص، وتحدث بعض المواجهات الأساسية بين الاثنين عندما يلتقيان في منتصف الطريق، مما يثري بعضهما البعض، فالمصطلح السردي يركز على التعقيد وما تم تجاهله أو رفضه بشدة.