اهتمت الطريقة الاقتصادية في أول مراحل أدوات الإنتاج ومستواه، متخذه منطلقاً تقنياً صناعياً، ثم تقدمت في مرحلة تالية للاهتمام بدراسة البنى الاقتصادية للدولة المتخلفة، وهو نمو يذهب في اتجاه مزيد من العمق والشمول في البحث عن ديناميات التخلف، بينما اعتبرت المرحلة الأولى التخلف مجرد قضية تأخر تقني، بدائية في وسائل الإنتاج، ضآلة في مستوى التصنيع.
التخلف الصناعي والتقني
يكاد التخلف يكون مرادفاً لقلة التصنيع وبدائيته، هناك سوء استغلال للثروات، يبلغ أحياناً مستوى انعدام الاستغلال، وتظل الطرق الصناعية المستوردة الآلات وغيرها، مكدسة يصيبها التلف بعد حين، لعدم وجود من يستعملها ولرداؤة صيانتها، وتكون الزراعة بالطرق البدائية والأعمال الحرفية قليلة المردود هي النشاطات الأكثر انتشاراً.
حيث يتصل الاقتصاد المتخلف بمستوى الإنتاج وتقدم أدواته، بين الاقتصاد المتباطئ، والاقتصاد متباطئ التقدم، والاقتصاد في طريق التطور، أما الدولة المتأخرة فيتسم بالطابع السكوني للاقتصاد، وهذا يعني درجة منخفضة من القوى الإنتاجية، وبالتالي درجة منخفضة من وسائل العمل ومهارة اليد العاملة، فطرق الإنتاج بدائية بصورة عامة، يطغى عليها الطابع اليدوي الحرفي.
كما أن طرق الإنتاج لم تتحول منذ عهود متطاولة خلافاً لشأنها في الدول المتطورة، وينتج عن هذه الطرق إنتاجية قليلة ودخل ضئيل هو السبب الأساسي في ظاهرة الفقر وبؤس السكان معيشياً، العلة تعود إلى الحاجة إلى طرق ترفع من المستوى التقني للإنتاج، والافتقار إلى العامليين الفنيين الذين لا يمكن بدونهم الاستفادة من وسائل الإنتاج الجديدة، وينتج عن هذين الأمرين انخفاض في الدافع إلى التوظيف المالي بسبب قلة الربح.
القوى الإنتاجية والبنية الاجتماعية في التخلف الاجتماعي
كما أن انخفاض درجة القوى الإنتاجية، يتصل بشكل رئيسي بالبنية الاجتماعية، وبالنظام الاجتماعي السياسي السائد، وهو عادة من النوع الإقطاعي الذي تندر فيه التحولات الرأسمالية، إن ربط المستوى التقني بالبنية الاجتماعية بالإضافة إلى أهميته، يضع المشكلة في إطارها الصحيح، فالارتباطات الإنتاجية الإقطاعية لا تسمح بالتطوير الاجتماعي الكامل، وهي تعتبر في نظر معظم الباحثين المحدثين المعرقل الرئيسي لعملية التطور.
وينتج من هذا المنظور مقصوداً قدمه أوسكار لانج لصفات الاقتصاد المتخلف الاجتماعي على النحو التالي، إنه اقتصاد لا يغني جمع أصحاب الأموال المتاحة فيه، لاستعمال اليد العاملة المتاحة، على أصل التقنية الجديدة للإنتاج ولا لاستثمار الثروات الطبيعية، يركز هذا المقصود على مشكلة رأس المال من ناحية وعلى أدوات الإنتاج من ناحية ثانية.