العادات والتقاليد الرمضانية في المغرب

اقرأ في هذا المقال


العادات الرمضانية المغربية:

لشهر رمضان الكريم في المغرب خصوصية متميزة عن باقي الدول الأخرى، إذ تتسم لياليه بأجواء مليئة بالإيمان والرحمة، وهذا ما يتجلى بشكل واضح في اكتضاض المساجد بالمتعبدين كباراً وصغاراً سواء كانوا رجالاً أم نساءً، غير أن العادات الرمضانية المغربية لا تتجلى على المساجد فقط، بل كان واضحاً فيما يجري من أحداث وفعاليات في الشوارع المغربية، إذ أنَّ هذا كان يجعل من يعيش في المغرب أو الزائر لهذه الدولة يشعر بقيم رمضانية عريقة وتميزه عن باقي الأشهر.

وفي العادة يغادر الناس منازلهم للتمتع بسماع ابتهالات رمضانية مغربية، حيث كانت تقام طوال الليل بأصوات مرتفعة وواضحة، حيث تجعل الناس يتمتعون دون أن يشعروا بالوقت وهو يَمرّ بشكل سريع ومتفاوت، ومنهم من كان يتجه للمقاهي والأماكن العامة المنتشرة في شوارع المدن المغربية الرئيسية؛ وذلك ليتناولوا القهوة والشاي الأخضر، ويعوضون عن وقت الصوم في ساعات النهار بالسهر للمناقشة والرفاهية.

أما بالنسبة لِليالي شهر رمضان في المغرب فهي تنقلب إلى نهار، وحافلات نقل الركاب تبقى تعمل حتى وقت متأخر بعد منتصف الليل قريب من وقت السحور، حيث تقام الاحتفالات والسهرات العامة في الشوارع، التي تبقى مضاءة طالما ظلت حركة الناس متواصلة لا تهدأ حتى مطلع الفجر.

كما يمثل شهر رمضان في المغرب فرصة للذين يعانون من مشكلة البطالة كي يخرجوا منها ولو بشكل جزئي أو مؤقت أو موسمي، فتظهر لهم وظائف رمضانية مثل بيع السلع المختلفة التي يهتم بها الناس في هذا الشهر الكريم، وبالرغم من أن هذه الوظائف تظهر في مناسبات أخرى، كالمولد النبوي والأعياد، إلّا أن طول شهر رمضان يوفر لصاحبها دخلاً معقولاً، كما أن بعض المغربين يترك مهنته الدائمة؛ ليعمل في أعمال وحِرف رمضانية توفر له دخلاً أكبر حتى لو كانت لمدة شهر واحد.

وكذلك تتحول شوارع المدن الكبيرة والصغيرة والأحياء المغربية إلى أسواق تعرض منتجاتها على جانب الطرقات، فهناك بائعات الحلوى والخبز اللذيذين، وهناك مجموعات من الطبَّالين والمدَّاحين والموسيقيين، والمُقرئين ومربّي القرود، وباعة الأعشاب والأدوية الطبية المستخلصة من الطبيعة.

الطقوس الرمضانية في المغرب:

في هذا الشهر الكريم، تتجدد الكثير من الطقوس المؤثرة التي تستمد قوتها من التراث الشعبي المحلي، ومن أشهر هذه الطقوس التي انتشرت في هذا الشهر الكريم:

الفنار: هو رجل يحمل طبلاً بلدياً قديماً أو مزماراً ينادي به الناس استعداداً للسحور، وهو عنصر أساسي في معادلة أعراف المجتمع لا يفارق الأزقة والدروب والسكان في بلد المغرب.

آلة الغيطة: من أشهر الآلات التي اشتهرت لدى الشعب المغربي العريق، التي يزيد العزف عليها جمالاً وطابعاً شعائرياً مغربياً أصيلاً، يَستحضر خلاله الإنسان كينونته العريقة، هذا بالإضافة إلى حميمية وجمال الجلسات الشعبية التي تجمع العائلات والأصدقاء على موائد الإفطار الرمضانية، فرمضان في المغرب أكبر هدف للتسامح والتزاور والاجتماعات العائلية الحميمة التي ساعدت على انتشار وتوطيد أواصر المحبة والود والاحترام بين الأسر المغربية.

تقاليد مميزة في المغرب في شهر رمضان:

من التقاليد المعروفة لدى أبناء الشعب المغربي، أن الجدة والأم والحفيدة يتوجهن سوياً إلى المطبخ؛ ذلك لتجهيز وجبة الإفطار في شهر رمضان الكريم، إذ تقوم الأم برواية الحكايات الدينية المميزة والقديمة على الصغار طوال أيام الأمسيات الرمضانية المغربية، إضافةً لذلك حرصها على اصطحابهم للمسجد للصلاة والعبادة، وكذلك اهتمامها الكبير بزينة البيت الرمضانية وتجهيزه لاستقبال الضيوف من الأهل والجيران والأقارب، حيث تزين جميع أركان المنزل بالزهور الطبيعية والأعشاب الخضراء الزاهية وتعبق أرجاؤه بالرائحة الزكية العطرة.

وقد اكتسب رمضان في المغرب تقاليد مميزة، ففي ليلة السابع والعشرين وهي ليلة القدر، تمتد السهرات العائلية المغربية إلى آخر الليل وحتى مطلع الفجر من اليوم التالي، ويحرص الشعب المغربي فيها على التزاور فيما بينهم، كما يتم الاحتفال بالأطفال الصغار، حيث يرتدي فيها الأطفال زيّ تقليدي ويتزين بأشكال بديعة من الحناء، أما الصغار لدى الشعب المغربي يتباهون بلباس الجلباب ذو اللون الأبيض والطربوش الأحمر، وهم يخرجون مصحوبين بآبائهم الكبار لصلة الرحم وتفقد الأهل والأحباب والأقارب.

وجرت العادة المغربية أن الأطفال الذين يصومون شهر رمضان لأول مرة، يعمل لهم أهلهم مائدة كبيرة تقوم بإعدادها جميع النساء من عماتهم وخالاتهم، والطفل الذي في الخامسة من العمر يصوم نصف يوم ذلك لتعويده وتشجيعه على الصيام.

يبدأ تجهيز أهل المغرب لاستقبال شهر رمضان في وقت أبكر عن باقي الدول الأخرى، ويقومون بالاستعداد له كامل الاستعداد، وذلك عن طريق الصيام في شهر شعبان الذي يبشرهم بهلال شهر رمضان الكريم، وتعيش العائلات المغربية ما يشبه بإعلان حالة الطوارئ الكاملة؛ ذلك لتحضير الأنواع المختلفة من الحلوى التي تزين موائد الإفطار الرمضانية.

حيث يحرص الشعب المغربي على إعداد الترتيبات وتوفير اللوازم جميعها، التي تعتبر من أهمها المستلزمات من المواد الغذائية المهمة التي يمكن حفظها أو تحضيرها مُسبقًا كالأرز بمختلف أنواعه والتمر وجميع البقوليات الجافة. حيث تقوم كل أسرة بإعداد ما يناسبها من وجبات رمضانية لذيذة، لكن قد أجمع الشعب المغربي على أن تكون المشروبات المثلجة وعصائر الفواكه الطازجة بمختلف أشكالها وألوانها حاضرةً على المائدة بشكل رسمي.

مكونات المائدة الرمضانية المغربية:

تُعَدّ المائدة الرمضانية في المغرب من أفضل الموائد العربية وأشهرها بالطعام الشهي على الإطلاق، وتجتمع العائلة المغربية حولها وهي عامرة بأشهى المأكولات المغربية اللذيذة، ويأتي في مقدمة الأكلات الشعبية المغربية طبق”الحريرة” وهي حساء غليظ من الحمص والعدس والشعيرية مخلوطة بالكزبرة والبقدونس والكرافس والطماطم والبصل.

بالإضافة إلى الأكلات الأخرى مثل خبز “البغرير” و”الرغايف” و”السلو” وهو معجون الدقيق والزبدة والسكر معاً و”الشباكية” المصنوعة من الدقيق الأبيض والعسل والسمسم وماء الورد و”الكسكس” الذي يُعد وجبة شعبية مفضلة في المغرب العربي شأنه شأن الكبسة التي تُعد الوجبة المفضلة لدى معظم أبناء الخليج العربي.

واعتاد الشعب المغربي بمجرد الإعلان عن ثبوت رؤية هلال شهر رمضان الكريم، القيام بالتهاني للأقارب والأصدقاء البعيدين بحلول شهر رمضان والسعادة تغمر عيونهم، مستعملين في ذلك عبارات التهنئة الجميلة من أشهرها “عواشركم مبروكة” وهي جملة بالدارجة المغربية تعني “أيامكم مباركة”.

وما أن يحل شهر رمضان الكريم حتى تنطلق الألسنة بالدعاء إلى الله والتقرب منه؛ لكي يجعله بداية الخير ونقلةً في حياة المرء، فتجد الناس يتبادلون الأدعية والتبريكات فيما بينهم فرحين بالضيف الفضيل، الذي يغير حياتهم رأساً على عقب، وتعود فضيلة صلة الرحم لتطرق أبواب البيوت، وتفتح القلوب للآخرين بمحبة غير معهودة في الشهور الأخرى من السنة، حيث يتبادل الناس الزيارات في الأسبوع الأول من رمضان، حاملين لبعضهم البعض أطيب الأماني في شهر الإيمان والرحمة.


شارك المقالة: