العادات والتقاليد نماذج للتعارف الإنساني

اقرأ في هذا المقال


العادات والتقاليد نماذج للتعارف الإنساني:

على الرغم من أنَّنا نجد كمية كبيرة من تقاليد التناقض والاختلاف بين البشر في معظم الطقوس والتقاليد، ربَّما نجد صعوبةً كبيرة تصل إلى حدِّ المستحيل إذا حاولنا البحث عن مجموعتين تتفقان تماماً في العادات والتقاليد، إنَّ هذا عسير حتى على التصوُّر؛ لأنَّه حتى في المناطق المتجاورة جغرافيّاً، التي لها الاحتياجات الاقتصاديَّة نفسها، وتمتلك اللغة نفسها، وتعتنق الدين ذاته، نجد بينها.

على الرغم من كل هذا قد وجد الكثير من الاختلافات في بعض الطقوس والقيم والتقاليد؛ من حيث طرق الزواج وتقاليد الطلاق، والاحتفال بالمناسبات والأعياد، أو طقوس الموت والدفن، غير أنَّ العادات والتقاليد إذا نظرنا إليها بمنظور التعارف والتعايش والتواصل، فسنجد فيها قاعدة أخرى من قواعد الالتقاء بين الإنسان وأخيه الإنسان.

الأمر لا يحتاج أكثر من فكرة تغيير النظرة بالبحث عن الشيء المشترك لا عن المختلف، ثُمَّ طرح هذا المشترك والإصرار عليه في كافة مناسبات الالتقاء، مع الحرص والحذر الشديد من الاصطدام في الجانب المختلف؛ بل العمل على تثبيته في خانة الخصوصيَّات التي يجب احترامها، ولا يُحاوَل تغييرها إلَّا في نطاق الحوار، عن طريق “الحكمة والموعظة الحسنة”، وتحت مظلَّة الحريَّة الكاملة في الاستجابة لهذه النصيحة الهادئة، أو رفضها دون أن يُؤَثِّر هذا على مساحة المشترك التي تُؤَصّل لمجالات التعاون والتفاهم والبناء.

مميزات العادات والتقاليد:

تتميز كافة العادات والتقاليد بأنها ذات قدرٍ غير محدد من كافة أشكال الاختلاف، يُمكن لأي شخص أحبَّ التقارب حيث يتخذ النظرة الموحدة للأحداث أن لا يتوقَّف إلَّا عند جوانب الاختلاف بما يولد رابطة الرفض والكراهية والتعالي ثُمَّ العنصريَّة، ويُمكن لمن يبحث عن التعايش أن يتوقَّف عند مساحات الاتفاق ليبني جسورًا من التوافق والتفاهم، تستطيع أن تُثمر إمكانيَّة من الحوار في مناطق الاختلاف في ظلِّ المودَّة والاحترام.

ولا ننسى هذا الأمر ذو الأهميَّة الكبيرة؛ وهو أنَّ تلك القيم والتقاليد في العامية لا يوجد معنى لها ولا أيّ فائدة، بما يُؤكد أنَّ الأفراد ليس مجرَّد شخص ذو طبع مادي فقط، يتحرَّك بوحي من حاجاته الاقتصاديَّة، بل هو كائن مركَّب مُتجاوز للبُعد المادي؛ فهو ذو أبعاد أخرى رُوحيَّة أو نفسيَّة، ما يجعلنا نضع هذا الواقع أمام أعيننا ونحن نُحاول الالتقاء أو الحوار، فليست الأمور ذات تفسيرٍ مادي، إِذَنْ فالحلُّ والتعاون والتفاهم لا يقتصر على الجانب المادي فقط.

المصدر: موجز تاريخ العالم، هربورت جورج ويلز، 2005آثار البلاد وأخبار العباد، أبو يحيى القزويني، 2016تاريخ واسط، أسلم بن سهل الرازيدول العالم حقائق وأرقام، محمد الجابري


شارك المقالة: