العالم بورديو ومفهوم الهابيتوس للثقافة:
لا يستعمل العالم بيار بورديو المفهوم الأنثروبولوجي للثقافة إلى قليلاً، سواء تعلق الأمر بالمجتمعات التي يطلق عليها اسم التقليدية، ضمن شأن المجتمع القبائلي، كذلك عندما أسس العالم أعماله العديدة ضمن المجتمعات المصنعة.
تأخذ كلمة الثقافة في كتاباته معنى أكثر ضيقاً وكلاسيكي ضمن الآثار الثقافية، وذلك اعتماداً على الإنتاجات الرمزية المكلفة اجتماعياً، تلك التي تكون في مجال الفنون والآداب حيث كان العالم بورديو يعتبر واحداً من الممثلين الرئيسين لعلم اجتماع الثقافة، ذلك العلم الذي يبين المقصد المطلوب الثقافة.
عندما يقصد العالم بورديو معالجة الثقافة في معناها الأنثروبولوجي، ذلك المعنى الذي يلجأ إلى استخدام مفهوم آخر وهو الهابيتوس، وذلك ضمن أحد مؤلفاته ومنها الحس العملي الذي يعتمد على التفسير الأطول والأوضح، ولا شك لتصوره الخاص بالهابيتوس.
وبحسب تعريفه للهابيتوس هو عبارة عن مجموعة أنساق من الاستعدادات المستدامة والقابلة للنقل، أي باعتبارها مبادئ مولدة ومنظمة لمجموعة من الممارسات والتمثيلات التي يمكن لها بشكل موضوعي أن تتأقلم مع هدفها الرئيسي، وذلك من دون افتراض رؤية واعية للغايات والتحكم الصريح في العمليات الضرورية من أجل بلوغها.
الاستعدادات المقصودة لمفهوم الهابيتوس:
تكتسب الاستعدادات المقصودة عبر سلسلة كاملة من التكييفات الخاصة بأنماط حياة معينة كذلك الهابيتوس هو ما يمييز طبقة أو مجموعة اجتماعية بالنسبة إلى الطبقات الأخرى التي لا تقاسمها الظروف الإجتماعية بحد ذاتها، وهناك أساليب حياتيه تتناسب مع مختلف المواقع في فضاء اجتماعي معين وهي التعبير الرمزي عن الاختلافات المنطبعة موضوعياً في ظروف الوجود.
الهابيتوس هو أيضاً تجسد بالمعنى الحرفي للذاكرة الجماعية، على أن الاستعدادت المستدامة التي تميز الهابيتوس هي استعدادات جسمانية، وهذه الاستعدادات تكوّن علاقة بالجسد، التي تكسب كل مجموعة أسلوب معين خاص فيها، ولكن الأمر كما يلاحظ العالم بورديو قد تجاوز ذلك حيث أن تجانس دراسات العالم بورديو لمجموعة ثقافية معينة يضمن إضافة التجانس على الأذواق فيها.
وهذا ما يجعل التفضيلات والممارسات المدركة على أنها تلقائية الحدوث، أي أنها قابلة للفهم والتوقع أي أن هذه الممارسات هي ممارسات مباشرة ومع ذلك من الواجب فهم هذه التنوعات الفردية بحس العالم بورديو بوصفها تنويعات بنيوية.