في عام 1922م تغير علم المصريات تغيراً كبيراً وإلى الأبد، وكان ذلك بعد أن تمّ اكتشاف مقبرة الملك الفرعوني توت عنخ آمون، حيث وجد العديد من القطع الفنية والكنوز التي لا مثيل لها، وتمّ صناعة هذه القطع النادرة في العصر الذهبي لإمبراطورية الفراعنة (1327-1550ق.م).
بناء الإمبراطورية الفرعونية
كانت الإمبراطورية التي ورثها الملك توت عنخ آمون قد نمت من الرماد الذي خلّفته الدولة الوسطى ما بين عاميّ (1650-2005ق.م)، وهي الفترة التي قامت بها مصر بالمحاولات الأولى للتوسع، وذلك بالإضافة لبناء القلاع في النوبة بالجنوب، وخلال الأسرتين حدث هجوم أجنبي من غرب آسيا عبر الدلتا، وكان هذا الوقت الذي بدأت فيه السلطة المركزية بالانحطاط.
وحينئذ بدأ الغزاة بالسيطرة على شرق الدلتا أولاً وبعد ذلك انتشروا إلى أغلب أراضي مصر، وخلال الأسرة حكموا من قلعتهم الشمالية بمنطقة أورايس والتي كان يطلق عليها اسم ( حقاو خاسوت)، أما بالنسبة لأراضي النوبة سيطر عليها حكام الأسرة، وبذلك تكون قد أصبحت جزءاً من مملكة كوش، وكانت تتمركز في أقصى الجنوب بالقرب من الشلال الثالث عند موقع الكرما.
في عام 1950 ق.م قامت أسرة وطنية باعتلاء العرش في منطقة طيبة، وكانت هذه الأسرة تابعة لمنطقة أواريس، وكان الملك سقنن رع تاعا الثاني؛ وهو الملك الثامن لهذه الأسرة، قد قام بقيادة حملة لصد الغزاة، أما والدة الملك سقنن وهي تيتي شرى كانت أول من سجّل في قوائم الملكات العظيمات، وقد عاشت وقتاً طويلاً بعد وفاة زوجها وابنها.
كان الملك سقنن قد تزوج من (إعح حتب) وأنجب منها ولدان وهما كامس الذي استأنف الحرب بعد أبيه ضد شعب أواريس، ولكن سجلاته اختفت من التاريخ بسبب ظروف الحرب وكانت فترة حكمه لا تتجاوز الخمس سنوات، وبعد وفاته استلم أخيه الأصغر أحمس، وفي بداية حكمه كانت جميع القوى الروحانية والمعنوية في يد أمه التي كانت تتميز بشجاعتها المطلقة، كما قيل عنها أنها من قادت الحملات ضد الغزاة.
وعندما وصل الملك أحمس إلى أوج عظمته قام بقيادة جيش التحرير الذي نجح فيها بطرد المحتلين خارج البلاد، كما قام بقيادة حملات لتأديب الجنوب واشتبك مع جيش الملك كوش في معركة حربية، وللملك أحمس العديد من الآثار في أنحاء مصر، إذ قام ببناء قصر على أطلال قلعة الهكسوس في في أواريس، كما بنى آثاراً لآمون بالقرب من الكرنك.
كان آمون إلهاً محلياً في منطقة طيبة، وكان له شأناً كبيراً ومهماً في الدولة الوسطى التي جاء أول الحكام منها، وبعد أن قدم الملك أحمس وخلفائه أصبح آمون ربّاً للدولة، وبعدها تم توسعة المعبد الخاص به والذي يتواجد في الكرنك.
نستنتج مما سبق أن الإمبراطورية الفرعونية قد ولدت من الرماد وأصبح لديها عصر ذهبي وصلتنا آثاره الفاتنة .