العلاقة بين الثقافة والقيم

اقرأ في هذا المقال


العلاقة بين الثقافة والقيم:

ليس من الصدفة أن يتزامن ميلاد مبحث الثقافة مع ميلاد مبحث القيم ولا شك، فالقيم لم تكن مبحثاً خاصاً عرف فيما بعد بالأكسيولوجيا إلا في نهاية القرن التاسع عشر، وهي ذات الفترة التي بدأ فيها حيز معرفي مستقل يعتني بالثقافة من وجهة نظرية هي “سوسيو تاريخية المعرفة ” يوحي ذلك للوهلة الأولى أن قيمة الإنسان كقيمة ناشئة كانت تؤذن بضم قيم كثيرة، لعل أخطرها القيم الدينية و كأنه كان على المعرفة الإنسانية في القيم الدينية.

حتى تستطيع قيمة الإنسان أن يستحق المجد المطلوب، وذلك كان السبب الرئيسي لاعتبار الثقافة كمبحث رئيسي منذ بنائها للمشاركة في هذا الحوار القوي، الذي بدأ يدخل على العلوم الإنسانية الاجتماعية والذي مازالت آثاره قائمة حتى الآن، ويبدو لنا وبشيء من التسرع أن الثقافة انحازت إلى قيمة الإنسان، فقد اشتغلت عليه كموضوع.

فالقيم كمباحث متمزقة تهددها صراعات قوية يعود أصلها إلى الخلاف العميق في تحديد مصادرها، فالقيم الدينية للثقافة والبطاقة الوطنية هي الأكثر عرضة للتأثير، إضافة إلى وسائل الإعلام خاصة مع مساعيها التي تهدف لتغيير هذه القيم؛ إما بإذابتها وتعويضها بقيم استهلاكية غربية، أو جعلها قيم مجوفة لا تخدم المجتمع أو أفراده.

الأنثروبولوجيا والقيم الثقافية:

لقد أظهرت الأنثروبولوجيا الثقافية بمختلف مدارسها وجوانبها أن المجتمعات الإنسانية سواء البدائية منها أو غيرها، تعمل على بناء خرائط رمزية معقدة وتوزعها على أقاليم متعددة، تتكفل بدورها بتوزيع المعاني والدلالات على الأشياء والوقائع الثقافية، حتى يتم إدراك العالم على معنى من المعاني، وهذه الخرائط تتناضد على نحو يبيح بناء سلم أفضليات قيمية تحدد الحقيقة والحق والخير،حتى وإن كانت الفلسفة الثقافية قد تحدثت عن المنعطف القيمي الخطيرغيرها من القيم الكبرى.


هذه الثقافة التي تكونت في بداية القرن العشرين لوصف الارتباكات العنيفة ضد الثثافات، تلك التي أنهكت القيم العلمية والدينية والجمالية والسياسية المثارة سابقاً للقيم الثقافية، فإن الثقافة محمولة على أنها التربية أو التنشئة حاولت بدورها أن ترصَد القيم وهي واقعة تحت ضغوط توسع التحديث الاقتصادي للسوق، وتفكك أشكال حالة التضامن التقليدي وبداية استشعار القلق والرعب تعتبر الثقافة كهندسة رمزية معقدة ومركبة يعمد المجتمع إلى ابتكارها.


شارك المقالة: