العلامة وسيميائية التلقي لدى أمبرتو إيكو

اقرأ في هذا المقال


يركز العالم أمبرتو إيكو في سيميائية التلقي على مفهوم العلامة من حيث الترجمة أو التفسير كما يهتم بفعل التفسير في تكوين الثقافة كمصفوفة فكرية من خلال الفرضية النظرية التنظيمية للموسوعة.

العلامة وسيميائية التلقي لدى أمبرتو إيكو

سيميائية التلقي لأمبرتو إيكو عبارة عن مختارات من الدراسات حول نظرية أومبرتو أمبرتو إيكو في السيميائية، وتسعى هذه السيميائية إلى جلب نقاش أوسع ومتنوع للقراء حول عمل أمبرتو إيكو من حيث صلته بمجالات واسعة من النشاط البشري.

وعلى وجه الخصوص تركز على فعل التفسير وعلى تكوين الثقافة كمصفوفة فكرية وعلى أفعال الترجمة المحسوسة وغير المحسوسة، وعلى الفرضية النظرية التنظيمية للموسوعة، كما تتناول قضايا مقنعة للغاية في الدراسات السيميائية والثقافية وتعكس الجدل الذي بدأ في التسعينيات بين أمبرتو إيكو وبعض باحثيه وطلابه، ولكن لم يكن له تأثير كافٍ في الخارج بسبب محدودية التداول خارج حدود اللغة.

والعلامة من وجهة نظر سيميائية التلقي لدى أمبرتو إيكو هي لغة معبرة ولكن في المخطط الأكبر للأشياء، فهي لغة لا يمكن الوصول إليها إلا لأقلية نسبية، ومن ناحية أخرى تقدم العلامة بانتشارها العالمي وهيمنتها في الساحتين العلمية والأكاديمية وقرائها الهائل مزايا واضحة في انتشار الأفكار وتأثيرها.

والحل يكمن بوضوح في فعل الترجمة وأصبحت العلامة هي اللغة الآلية للمعرفة المتراكمة التي لها جذور في مختلف الثقافات واللغات والتواريخ، ولقد أصبح عالم الأفكار متاحًا للجهود الكبيرة التي بذلها العديد من المترجمين الذين ظلت مساهماتهم في نشر المعرفة يكتنفها الظل إلى حد كبير.

والحقيقة الثقافية المثيرة للاهتمام وهي أن دور الترجمة في حركة معرفة العلامة هذه غالبًا ما لا يُنسب إليه، ولا يتم التركيز عليه وجعله ذا صلة، وبالتالي يظل المصطلح غير مرئي، والتفضيل الراسخ لأسلوب ترجمة السيميائية الشفاف، الذي لا يلفت الانتباه إلى نفسه كترجمة.

والذي يقرأ بسلاسة وطلاقة ويخلق انطباعًا بأن العمل كتب في الأصل باللغة، ولا يشجع المتلقي على دفع مبالغ مطولة والاهتمام الكبير بالتغييرات المحتملة التي قد تحدثها الترجمة على النص والأفكار الواردة فيه، وتتيح سيميائية التلقي لأمبرتو إيكو نقل الأفكار والموضوعات والحفاظ عليها من مختلف الأشكال اللغوية الآخرى.

والتي هي في الماضي كانت أشكال لغة أكثر شيوعًا ومعاصرة في متناول أعداد أكبر من المتلقيين، وحتماً ليست خالية من الآثار الجانبية، وأحد الموضوعات التي يتم عرضها في سيميائية التلقي المخصصة للعمل النظري لأمبرتو إيكو هو بالتحديد موضوع ترجمة العلامة.

وقد ركزت بعض أعمال أمبرتو إيكو الحديثة بشدة على هذه القضية حيث إن تجربته في كونه مترجمًا وكاتبًا مترجمًا تقدم بنفسه نظرة ثاقبة للتعقيدات العملية لعملية ترجمة العلامة، مما يوفر له أساسًا متينًا يمكن من خلاله تطوير حجته حول ترجمة العلامة كشكل من أشكال التفسير، ويجادل أمبرتو إيكو بأن الترجمة هي أداة من أدوات السيميائية.

ويذكر أن ترجمة العلامة أو الترجمة الفورية للعلامات تقول دائمًا شيئًا أكثر، وبالتالي لا يمكنها أبدًا قول ذلك بالضبط لنفس الشيء مثل الأصل، وهناك وساطة للمعنى تستلزم شكلاً من أشكال التلاعب من جانب المترجم وهذا يترك الباب مفتوحًا.

كما هو الحال في جميع أشكال التفسير لمجموعة من الاستخدامات وسوء الاستخدام للقراءات والقراءات الخاطئة وسوء الفهم، والتلاعب المتعمد والعرضي للمعنى المقصود من النص، ويسلط الضوء على فكرة أن التفسير يمكن اعتباره المحور المركزي لكل أفكاره في سيميائية التلقي، والذي طور فيها نظرية عضوية للسيميائية المعرفية، وحددت مجالاتها وأساليبها.

وفي النهاية حدود البحث المحتمل في مجال السيميائية، ومع ذلك ساعد تحليله للنصوص الجمالية مثل تلك الخاصة بالموسيقى الغنائية والرسم غير الرسمي والشعرية، كما كان أومبرتو إيكو يعتمد على تحديد فكرة النص المفتوح وبالتالي البدء في تأملاته حول العلاقة التعاونية بين العلامة والنص ومترجمه.

ومع ذلك لا تزال نظرية السيميائية هي المحاولة الأكثر أصالة لخلق حوار خصب بين البنيوية والبراغماتية، ومن ناحية نظرية الأكواد التي تُترجم ببطء ولكن بثبات إلى نظرية التفسير التي حولها تشارلز ساندرز بيرس كعملية ديناميكية، ويظل تفسير العلامات هو محور انعكاسات أمبرتو إيكو بعد ذلك.

السيميائية وفلسفة اللغة لأمبرتو إيكو

من أعمال أمبرتو إيكو الأخرى ذات الصلة بشكل خاص بالعلامة وسيميائية التلقي هي السيميائية وفلسفة اللغة في عام 1984، والتي تضم في مركزها النظري مفهوم الموسوعة، حيث وصف أمبرتو إيكو الموسوعة بأنها مجموعة من جميع التفسيرات المسجلة التي يمكن تصورها بمصطلحات موضوعية.

بالإضافة إلى مفهوم الشبكة والتي يمكن تعريفها بإيجاز على أنها الأفق الشامل للمعرفة الذي يشار إليه من أجل جعل معنى وتفسير أي نوع من النص، ولهذه الأسباب فإن الموسوعة تشبه الشبكة أو المتاهة المتصورة على أنها تجميع لانهائي لوحدات المعنى.

ويمكن زيادة تفصيل الموضوعين المهيمنين للتفسير والموسوعة بعدة طرق، ففي السيميائية وفلسفة اللغة يقترح بعض التطورات والمناقشات التي تبدو مواتية بشكل خاص للتفكير النظري الأعمق للدور المحوري الذي يلعبه في التنظيم والتخوف من المعرفة.

وتبرز له مجموعة العادات التفسيرية والموسوعية التي تحدد التركيبات المختلفة للمعرفة، ويبدأ أمبرتو إيكو بربط نظرية الموسوعة مع نظريته في التفسير من خلال إثبات الطابع الديناميكي الجوهري للنموذج الموسوعي، ويتبنى أمبرتو إيكو وجهة نظر تشارلز بيرس حول السميوزيس كتدفق للمفسرين.

لكن فكرة النموذج الدلالي لا يمكن العثور عليها في عمل تشارلز بيرس، وهكذا ينجذب أمبرتو إيكو إلى التحدي المتمثل في الجمع بين نموذج التفسير القائم على العمليات والنموذج الرسمي للنظام الدلالي، وتواجه المحاولة بعض الصعوبات بسبب الاختلاف بين النهجين.

ومع ذلك وفقًا له فإنه يفتح مشهدًا رائعًا للبحث في المستقبل، ووفقًا لأمبرتو إيكو فإن تفسير النص يعني استيعاب عملية صنع المعنى عن طريق التفسير، ومع ذلك فإن السؤال الذي يجب طرحه هو ما المقصود بمعملية صنع المعنى وكيف يعرف؟ هذه العملية ليست واضحة على المستوى السطحي للنص ولكن يتم فهمها في التعرف على القرائن والاقتراحات المختلفة التي يتم نشرها في جميع أنحاءه، ويشارك القراء بنشاط في التعرف على صنع المعنى مع تطوير تفسيرهم الخاص للنص في نفس الوقت.

وللنصوص القدرة على إثارة عواطف القارئ من خلال استراتيجيات نصية مختلفة، والتي بدورها تمكن القارئ من الانخراط عاطفياً في السرد، وعلاوة على المشاركة في مشاعر الشخصيات يعمل النموذج التفسيري الذي وضعه أمبرتو إيكو جنبًا إلى جنب مع عملية القراءة العادية.

وهو في الواقع يؤكد ويطور الطريقة التي يشارك بها القارئ ويلتقطها النص كعنصر أساسي في العملية التعاونية، ويقع مفهوم الموسوعة في مركز نظرية الترجمة والموسوعة، ولكن يتم التعامل معه من زاوية مختلفة في كل منهما يطور الجانب العملي للمعنى المعجمي، بينما ينصب تركيز على أنظمة القيم المشتركة.

وتقدم مساهمته العالمية والمحلية إعادة النظر في المعنى الموسوعي تحقيقًا معمقًا في الفهم اللغوي كعملية تفسيرية وليس كممر بسيط للمعلومات، ويجادل بأن المعنى واستخدام اللغة والتواصل مرتبطون من خلال مفهوم الموسوعة.

وهي فرضية نظرية تنظيمية تفترض كيف يمكن ربط المعاني المعجمية بخلفية معرفية شديدة التعقيد، وتتزامن هذه القراءة مع دراسات مختلفة في البراغماتية وكذلك مع الأبحاث الحديثة في المجالات اللغوية الضيقة.


شارك المقالة: