العنف المشروع أو المبرر في السوسيولوجيا السياسية عند ماكس فيبر:
يقصد بالسياسة عند ماكس فيبر الدولة أو التجمع السياسي أو تلك التأثيرات التي تزاولها الدولة في الأفراد أو ما يزاول ضدها من تأثير، حيث ينظر فيبر على أن الدولة تمتاز بالقوة والعنف، وتمارس ما يسمى بمشروعية العنف، ويعني هذا أن الفرد ليس له الحق في ممارسة العنف مهما كانت قيمته الاجتماعية، ومكانته الوظيفية في المجتمع.
فالدولة هي المؤسسة الوحيدة التي لها الحق في ممارسة العنف والقوة باسم القانون والتشريع والدستور، ويكون العنف المبرر هنا بالسجن، أو الارتقاب أو اقتصاص الفاعل، وإبراز اللوائح القانونية التي تجرم الفعل الإجرامي الذي قام به الفاعل الاجتماعي.
سياسة إدارة التجمع السياسي:
وفي هذا السياق، يقول ماكس فيبر، نقصد بجملة سياسة إدارة التجمع السياسي الذي نطلق عليه اليوم دولة، أو الفاعلية الذي يزاول على هذه الإدارة، ولكن ما هو الاتحاد السياسي من وجهة نظر عالم الاجتماع؟ وما هي الدولة؟ لا يمكن أن نعرف الدولة بدورها من الجانب السوسيولوجي بمحتوى ما تعمل به، إذ لا توجد تقريباً أية مهمة لم يقم بها في يوم من الأيام تجمع سياسي ما، ومن جهة أخرى لا توجد أيضاً وظائف يمكن أن نقول عنها بأنها كانت في وقت ما تخص، على الأقل بصفة حصرية، الاتحادات السياسية التي نسميها اليوم دولاً أو التي شكلت تاريخياً أصول الدولة الحديثة.
هذه الأخيرة لا يمكن أن تعرف سوسيولوجيا إلا بالطريقة المميزة الخاصة بها، وأيضاً بكل اتحاد سياسي آخر، ألا وهو العنف الفيزيائي، حيث قال تروتسكي يوماً في بريست لتوفسك، كل دولة تتكون على القوة، وهذا أكيد طبعاً، إن العنف ليس بطبيعة الحال إلا الطريقة الوحيدة للدولة، ولكنه طريقتها الخاصة، وفي وقتنا هذا يعتبر الاقتران بين الدولة والعنف اقتراناً قوية جداً.
فقد كانت الاتحادات السياسية بمتنوع أشكالها، ويعتبر العنف الفيزيائي الطريقة العادية للسلطة، وعلى العكس من ذلك ينبغي تصور الدولة المعاصرة كجماعة إنسانية في حدود مجال جغرافي معين، تطلب بتحقيق ولمصلحتها الخاصة باستحواذ العنف الفيزيائي المشروع، وما هو بالفعل خاص بيومنا هذا هو أنه لا يسمح للتجمعات الأخرى أو للأفراد بالحق في اللجوء إلى القسوة إلا عندما تسمح بذلك الدولة، إذ تصبح الأخيرة المصدر الوحيد للحق في الاستحواذ.