الفاعل وتفاضلات الحرية والقيد في الفعل الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


الفاعل وتفاضلات الحرية والقيد في الفعل الاجتماعي:

تمثل القوة معياراً مهماً للحرية والقيد معاً، ولا شك أن الحرية والقيد متغيران يتصلان بالفاعل الاجتماعي أساساً، وليس بالقوة نفسها، ولذلك فإن تحليل القوة ضمن الأطر المرجعية، يبيّن أن القوة ليست محايدة، بل هي متصلة بأوضاع الفاعلين وقدراتهم ومقاصدهم، كما يكشف عن مرجعة القوة كصفة متصلة بالفاعلين ومحتوى أفعالهم ونتائجها.
إن الفاعل القوي صاحب القوة الذي يستطيع أن يختار بين بدائل مختلفة ذات امتياز، هو كذلك، مقابل الفاعل الضعيف أو الخاضع، الذي يمكن أن يختار بين بدائل معينة وليست ذات امتياز، حتى وإن لم يتصل معه بعلاقة نسقية مباشرة.
وهكذا، فإن الحرية الحقيقية تلتصق بصاحب القوة، بينما يلتصق القيد بالضعفاء، فالقوة تمنح صاحبها مستوى عالٍ من الحرية في الاختيار وطرق الإشباع، بينما يفرض القيد على الفاعل الضعيف دائرة معينة من الاختيار والإشباع، وبذلك فإن مستوى الاختيار، يمثل بالنسبة للطوعية المقيدة، معياراً لقوة الفاعل، الذي يتصل بوضع اجتماعي معين في الإطار المجتمعي العام.
ومن هنا، فإن الكشف عن التفاعل بين قوة الفاعل ومستوى الاختيار، والوضع الاجتماعي، يميط اللثام، على المستوى الواقعي للحياة الاجتماعية، عن الطروحات المضللة، التي تريد رد الاعتبار إلى الفاعل بإظهار حريته في إطار حيادية المعايير والأوضاع الاجتماعية، وتمايز مستويات الاختيار.
يثبت ريتشارد جوهارت شيئاً من السابق، بقوله: “ينبغي أن يسير المجتمع الجديد تبعاً للحاجة إلى خلق ذوق الدائم والتبدل والتغير، ولذلك ينبغي أن يتجه نحو ذلك الهدف الأساسي، ﻷن معظم المكاسب والأرباح تكمن فيه، إلا أن التكنولوجيا الجديدة والرفاهية الجديدة يمكن أن يتفقا ويعملا معاً حتى على تلبية ما تشتهيه أذواق الأقلية، وإنجاز الربح من وراء ذلك، ما دامت تلك الفئة قادرة على دفع قيمة اختياراتها الخاصة المميزة.
ويبيّن جوهارت: “أن الدليل على استمرار وجود اختلافات المرتبة المعنوية يمكن أن نراه في إنجلترا في أكشاك بيع الصحف والمجلات بمحطات القطارات، إذ تضم ذلك الأكشاك مجموعة كبيرة ومختلفة من المجلات المصورة، والتي من السهل تقسيمها إلى مجموعتين، إحداهما للفئة الوسطى الساعين إلى الراحة بكافة أشكالها بوجه خاص، والمجموعة الأخرى موجه للفئة الأولى الأكثر رقياً، أما الفئات الأخرى فلا يبقى لها الكثير، كما يمكن تقسيم المجتمع إلى طبقات تبعاً لمعظم الأنشطة والأعمال الأخرى”.


شارك المقالة: