الفرق النوعي بين قوانين الحياة الاجتماعية وقوانين الطبيعة

اقرأ في هذا المقال


إن نقطة الانطلاق في إدراك الحياة الاجتماعية على الطريقة الماركسية هي الاقرار بوحدة الطبيعة والمجتمع، وإلى جانب ذلك الاعتراف بالخواص النوعية للحياة الاجتماعية، إن هذه الخواص تميز الحياة الاجتماعية عن العالم المحيط بها، باعتبارها ميداناً خاصاً من ميادين الواقع.

الفرق النوعي بين قوانين الحياة الاجتماعية وقوانين الطبيعة

إن السبب الذي نستطيع أن نفسر به وجود بعض القوانين التي تحافظ على قوتها لكل حركة ولكل تطور في مجال الطبيعة ومجال التاريخ البشري على حد سواء، إنها قوانين المادية الديالكتيكية، كقانون الوحدة وصراع الاضداد بكونه المضمون الداخلي لمسيرة التطور، وقانون تحول الكمية إلى نوعية وغيرهما، حيث أن هذه القوانين العامة نفسها تظهر على أشكال خاصة في حقول مختلفة من الواقع.

يسير العالم المادي على درجات عديدة من تطوره، مع العلم أن هناك قوانين أخرى تتحكم في كل مرحلة من هذه المراحل، أي أشكال أخرى لظهور الحركة العامة نفسها، نستنتج من هذا القول أننا نقر، إلى جانب الاعتراف بوحدة العالم، بوجود أشكال متنوعة فيه في كل ميدان ميادين الواقع حيث لكل شكل من أشكال الحركة قوانينه الخاصة الملازمة له، وللمجتمع البشري كذلك قوانين كهذه يتسم بها.

لهذا فإنه ليس في وسع قوانين الطبيعة أن تفسر الحياة الاجتماعية، حتى تلك القوانين التي لها أهمية واسعة للغاية، كقانون الحفاظ على الطاقة وتحولها في علم الفيزياء وقانون الانتقاء الطبيعي في علم الأحياء، أن الحياة الاجتماعية تسيرها قوانين خاصة بها.

نذكر في مقدمة هذه القوانين القانون الأساسي لتطور المجتمع الذي اكتشفه كارل ماركس، وأما فريدريك إنجلز فقد صاغه على الشكل التالي، كان ماركس على غرار داروين، لقد اكتشف تشارلز داروين قانون تطور عالم الكائنات الحية، وأما كارل ماركس فقد اكتشف قانون تطور التاريخ البشري، إن هناك حقيقة بسيطة ظلت أقوال العلماء المثاليين تطمس معالمها حتى أيامنا الأخيرة، وهي أن الناس يجب أن يأكلوا ويشربوا ويلبسوا ويسكنوا قبل أن يكون في وسعهم أن يزاولوا السياسة والعلم والفن والطقوس الدينية وغير ذلك.

وبالتالي انتاج الوسائل المادية المباشرة للحياة، وبذلك فإن كل درجة معينة من التطور الاقتصادي للشعب أو العصر تكون أساساً تتطور عليه هيئات الدولة والنظرات الحقوقية والفنون وحتى تصورات الناس الدينية، وهذا الأساس هو الذي ينبغي أن يفسر لنا ظهور هذه الهيئات والنظرات والتصورات، وليس بالعكس، كما جرت الأمور حتى يومنا هذا.

القانون الأساسي لتطور المجتمع في علم الاجتماع

إن هذا القانون الأساسي لتطور المجتمع يعبر عن الدور المقرر للانتاج بالنسبة لكل الأشكال الأخرى من الحياة الاجتماعية، وإن أسلوب الإنتاج هو الذي يحدد في نهاية المطاف وجه المجتمع وطبيعة نظامه، ثم أن حلول أسلوب انتاج محل أسلوب آخر للانتاج هو أساس استمراية تطور المجتمع، ويعطينا المفتاح لادراك تعاقب التشكيلات الاجتماعية والاقتصادية، هذا هو القانون الأساسي الذي بدأ يفعل مفعوله منذ أن قام المجتمع البشري أي منذ ذلك الحين الذي انفصل فيه الإنسان عن عالم الحيوانات، وسيظل يفعل مفعوله ما دام المجتمع البشري قائماً.

تعارض الماركسية اللينينية بحزم وعزم جعل قوانين الأشكال العليا للحركة تشمل بصورة آلية الأشكال الدنيا للحركة، وهي تعارض، بالتالي أن يفسر قوانين التطور الاجتماعي بقوانين الطبيعة، من الطبيعي أن يكون تحليل وترتيب الظواهر المتشابهة حسب عناصرها عاملاً من العوامل الضرورية للمعرفة، إلا أن اكساب هذا العامل صفة الاطلاق يفضي إلى فقدان وحدة النظام وخواصة النوعية، ويؤدي إلى خلق فكرة خاطئة عن أن الخواص النوعية للأشكال العليا من الحركة هي ذاتياً ليست سوا نتيجة لعدم قدرتنا على ترتيبها حسب عناصرها البسيطة.

تشخيص الطريقة الماركسية عند فريدريك إنجلز

لقد شخص فريدريك إنجلز الطريقة الماركسية لمعرفة هذه المسألة في مؤلفه ديالكتيك الطبيعة على الوجه التالي كل حركة تتضمن تحركات آليه وانتقال اجزاء كبيرة من المادة أو أصغرها، إن معرفة هذه التحركات الآلية هي مهمة العلم الأولى، ونؤكد أنها لا تكون سوى مهمة العلم الأولى، حيث أن هذه التحركات الآلية لا تستنفد الحركة على وجه العموم، وهكذا نستنتج من فكرة فريدريك إنجلز  هذه:

1- هناك موضوعياً أشكال نوعية مختلفة للحركة.

2- تتضمن الأشكال العليا للحركة دائماً الأشكال الدنيا باعتبارها أشكالاً ثانوية.

3- في الوقت ذاته فإن هذه الأشكال العليا للحركة لا يمكن الانحدار بها مطلقاً إلى مستوى الأشكال الدنيا للحركة، إنما هي تخضع إلى قوانين خاصة بها، التي بطبيعتها تلازم وحدة وتكامل النوعية العليا.


شارك المقالة: