اقرأ في هذا المقال
لقد طرح فلاديمير لينين مسألة تعدد وتنوع أشكال الانتقال إلى الاشتراكية وطورها في مؤلفاته، فأكد قائلاً: إن كافة الأمم ستصل إلى الاشتراكية، إن هذه المسيرة حتمية، حيث أنها ستصل إلى الاشتراكية بطرق ووسائل متباينة، فسيكون لكل قطر هذا الشكل أو ذاك من الديمقراطية، وهذا الطراز أو ذاك ديكتاتورية البروليتاريا، كما أن التحولات الاشتراكية لمختلف جوانب الحياة الاجتماعية ستجري بهذه الوتائر أو تلك.
القوانين العامة للانتقال إلى الاشتراكية في التطور الاجتماعي
إن الاشتراكية هي المرحلة الأولى من التشكيلة الشيوعية ولها قوانينها، وهي واحدة لكافة الأقطار، بالرغم من الخواص التي ينفرد بها هذا القطر أو ذاك في تطوره، وهناك صفتان رئيسيتان تلازمان هذه القوانين العامة، كغيرها من القوانين، فهما أولاً، قوانين موضوعية أي أنها لا تتوقف على وعي الناس وإرادتهم، وثانياً هي قوانين عامة أي أن أهميتها تحتوي كافة الأقطار السائرة في طريق الاشتراكية.
فيما يتعلق بالنقطة الأولى فنكتفي بالقول أن موضوعية القوانين لا تتعارض والإقرار بإمكانية اختيار الناس لسبيل تطورهم ولكن إذا فهمنا إمكانية الاختيار هذه بأن الناس يتمكنون من الانتقال إلى الاجتماعي الذي يرغبون فيه حسبما يرتأون فهذا التفسير وهم من الأوهام، والواقع أن الإمكانيات التي تبدو للناس ووسائل تحقيقها على السواء هي من ثمرات التاريخ.
فحينما يستغل الناس الإمكانية الواقعية ويشرعون في السير في طريق بناء الاشتراكية، فهذه الحقيقة تجعلهم يواجهون مهام تعميم وسائل الإنتاج في كل فروع الاقتصاد، ومن المحتمل أن هذه الاجراءات كتأميم الصناعة وجعل الزراعة تعاونية، تقوم بها مختلف الاقطار في أوقات متباينة، مبكرة أو متأخرة، بحكم هذه الظروف الملموسة أو تلك، حيث أنه يستحيل عليها أن تتجاوزها، فطبيعة الاشتراكية هي التي تطالب بالقيام بها بصرف النظر عن إرادة الناس، ولكن المهمة هي مهمة القيام بهذه المطاليب في حالة وجود ظروف اقتصادية لا بدّ منها بدون أية مغامرات.
أي عدم التسرع في السير إلى أمام ولا التأخر في التقدم، وعلى شرط أن تكون هذه المطالب قد تمخضت اقتصادياً في أشكال معينة تنسجم أكثر من غيرها والأوضاع التاريخية الملموسة في كل قُطر، دون الالتجاء إلى أشكال تقليدية أو جامدة.
والصفة الثانية لقوانين الانتقال إلى الاشتراكية، تعتبر أنها قوانين عامة لكل الأقطار التي تسير في طريق الاشتراكية، وأن الكلاسيكية الماركسية اللينينية هم الذين صاغوا هذه القوانين نظرياً وأما خبرة الاتحاد السوفييتي فقد أكدت على سلامتها لأول مرة في التاريخ، ولهذا فإن للسمات الأساسية التي تتميز بها الثورة الاشتراكية أهمية عالمية، وليست محلية أو خاصة بوطن من الأوطان.
الصفات العامة لقوانين الثورة الاشتراكية
لقد شخصت وثائق الحزب الشيوعي السوفييتي والحركة الشيوعية العالمية الصفات العامة لقوانين الثورة الاشتراكية، لا يمكن اعتبار هذه القوانين قوانين اقتصادية فقط، فالثورة الاشتراكية تعيد صياغة حياة المجتمع الاقتصادية والسياسية والروحية على السواء بصورة جذرية، لذلك فإن صفاتها العامة وقوانينها تبدو في كافة مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والروحية، فهي تعبر عن الظروف الموضوعية لاعادة صياغة المجتمع على الأسس الاشتراكية، وهذه الظروف لا تتوقف لا على إرادة بعض الشخصيات ولا حتى على إرادة أحزاب بكاملها.
إن الشرط الرئيسي لمواجهة مهام الثورة الاشتراكية في المجال الاجتماعي والسياسي هو السلطة السياسية للطبقة العاملة التي تتحالف مع الشعب الكادح بأسره، فالسلطة هي الإداة الحاسمة لاعادة صياغة المجتمع على الأسس الاشتراكية، وأن الاستيلاء على السلطة السياسية يسبق لا محالة إعادة تنظيم الاقتصاد والثقافة بصورة جذرية، كما أنه نقطة انطلاق لإعادة صياغة المجتمع على الأسس الاشتراكية في كل قطر من الأقطار.
وإن تحالف الطبقة العاملة مع جماهير الفلاحين الأساسية وفئات الشغيلة الأخرى هو قانون عام كذلك؛ ﻷن الثورة الاشتراكية بعد اندلاعها لا تجد الرأسمالية في شكلها النقي في أي قطر من الأقطار، فإلى جانب الطبقة العاملة هناك فئات عديدة ومتنوعة من الكادحين غير البروليتاريين، وكذلك فئات اجتماعية أخرى وأما الأساس الموضوعي لهذا التحالف فهو أن الطبقة العاملة والكادحين الفلاحين معنيين بصورة عامة بالتحرر من الاستغلال الرأسمالي، ويستحيل عليهم تحقيق هذا الهدف دون أن يوحدو جهودهم وقواهم.
ومن الطبيعي أن لا يتوقف قيام هذا التحالف على الضروف الموضوعية فحسب، إنما على العوامل الذاتية كذلك، كسياسة حزب البروليتاريا وصواب قيادته وغير ذلك، وبفضل تحالف الطبقة العاملة مع جماهير الفلاحين الأساسية وفئات الشغيلة الأخرى تستطيع أن تنتصر على أعدائها الطبيقيين، وكذلك أن تصفي الظلم القومي وتقيم التكافؤ والصداقة الأخوية بين الشعوب.