المشكلات التي يواجهها الباحثون في مجالات التخطيط الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


يواجه الباحثين والعاملين في مجالات التخطيط الاجتماعي بعض المشكلات، وخصوصاً في الإحصاءات الرسمية، كأن تكون ناقصة أو مدوّنة بصفة إجمالية، ممَّا يُسبّب بعض المشكلات.
كما أنَّ المفاهيم قد لا تكون واحدة في اﻹحصاءات المتنوعة، بل قد تتغير، بتغير المصدر، والزمان، والمكان ممَّا يجعل من الصعوبة استخدام البيانات اﻹحصائية، بطريقة بسيطة ميسّرة، فقد لا تكون الوسائل التي اتبعت في جميع البيانات اﻹحصائية صحيحة، أو لا تكون مُعبّرة تعبيراً دقيقاً عن الواقع.
فإحصائيات الجريمة مثلاً، تعتمد على الحالات التي ضُبِطَت فعلاً، ولكن يوجد حالات أخرى من الجريمة، التي ما زالت مجهولة، وغير معروف عددها لغاية الآن، ويُضاف إلى ذلك أنَّ نتائج اﻹحصاءات، لا تظهر إلا متأخرة عادة، وبعد أن تكون قد فقدت كثيراً من قيمتها الرئيسية.
تعداد السكان مثلاً، لا تظهر نتائجه في كثير من البلدان، حتى يبدأ التعداد التالي، نتيجة لعدم وجود العدد الكافي من ذوي الكفاءة العلمية والخبرة والاتقان العلمي، في جمع وتبويب البيانات اﻹحصائية، ولتأخّر معظم الدول النامية، عن متابعة التطورات الحديثة في علم بيانات اﻹحصاء.

هذه المشكلة ليست خاصة بمجتمع دون آخر، بل إنَّها شكوى عامة تشترك فيها كثير من المجتمعات اﻷخرى، وقد أشار إلى ذلك “المكان القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية” في أحد منشوراته حيث يقول:
“إنَّ كثيراً من جوانب خبرتنا العلمية، تشير إلى أنَّ هذه الشكوى عامة في المجتمعات المختلفة، مع تفاوت في الدرجة، غير أنَّ هذه الخبرات جميعها، لا تبرر الإسراف في الاهتمام بهذا الأمر؛ لا سيما وأنَّ اﻹحصاءات الاجتماعية، هي المادة الخام التي يمكن الاعتماد عليها، وعلى ذلك فليس أمام الباحثين، إلّا أن يختاروا واحداً من أمرين وهما :
إمَّا أن يتقبلوا هذه الحقيقة ويحاولوا السيطرة على بعض من آثارها السيئة، مع التواضع فيما يولونه من الاستنتاجات، التي يرتبونها على تحليل هذه اﻹحصائيات، أو أن يمتنعوا تماماً عن البحث، حتى تتوافر اﻹحصائيات الدقيقة تماماً.
اﻹحصائيات ذات الدقة التامة، أمر يستحق التقدير، وبخاصة فيما يتعلق بجوانب الحياة لاجتماعية، ويبدو أنَّ تحقّقها سيظل كذلك مثالاً أعلى نادر الحدوث، نظراً للعوامل التي لا نهاية لعددها، والتي تتدخل بطرق لا حصر لها، في تحديد المستوى الذي تصل إليه هذه الدقة”.

ويقترح “لوبريتون وهيننج” عدّة فرضيات، وهو أن يعمل على توفيرها في البيانات اﻹحصائية اللازمة لعمليات التخطيط الاجتماعي، وهذه الفروض يمكن النظر إليها، على أنَّها مَثل أعلى يجب الاقتراب منه بقدر اﻹمكان.

أهم الشروط التي يجب توافرها في البيانات الإحصائية عند التخطيط الاجتماعي:

  • الشمول: يتضمن في طلب التخطيط الاجتماعي وفرة في البيانات، عن ظروف المجتمع وأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولمّا كانت عمليات التنمية الاجتماعية متشعبة الجوانب، متعددة اﻷبعاد، فإنَّ من الضروري أن تغطي تلك البيانات، مختلف الجوانب التي تشتمل عليها كافة قطاعات الحياة الاجتماعية، حتى يمكن وضع الخطة على أساس علمي متكامل.
  • الخصوصية: وتشمل على أنّ البيانات، ينبغي أن تتعلق بالمجالات الاجتماعية المُرادَة فقط، فعند زيادة الخصوصية لكل البيانات، تزداد أهميتها من الناحية العلمية، وأصبح باستطاعتنا الاستفادة منها بطريقة مباشرة.
  • الكفاية والكمال: بمعنى أنَّ البيانات المطلوبة لمختلف المجالات الاجتماعية، ينبغي أن تكون كاملة ولا تنطوي على أي ثغرات، وقد يحدث القصور في هذا الجانب، نتيجة لعدم وجود بعض البيانات المطلوبة، أو لعدم توفر العدد الكافي من الباحثين والخبراء، أو نتيجة لقصور في إعدادهم، أو لعدم توفر الوقت، واﻹمكانيات المادية المُخصصة لجمع البيانات.
  • المرونة: يجب أن تكون البيانات اﻹحصائية، مُعَدّة بطريقة تسمح باستنباط معلومات جديدة منها، وذلك عن طريق إدماج بعض البيانات اﻹحصائية، أو تفسيرها باستخدام اﻷساليب الرياضية.
  • الدقة: من الضروري أن تكون البيانات واقعية، تعبّر عن أشياء ووقائع لها وجود حقيقي، ولا تحتوي على بيانات متكررة.

أمَّا بخصوص البيانات اﻷخرى، التي تلزم لعمليات التخطيط الاجتماعي، والتي لا يتيسر الحصول عليها عن طريق الرجوع إلى اﻹحصاءات، فيمكن الحصول عليها بإجراء بحوث اجتماعية، تفيد في التعرّف على اﻷهداف المختلفة للأفراد والجماعات، وقياسها كمّاً ونوعاً، وترتيبها حسب أولوياتها.
ما ينبغي التعرّف على ميول اﻷفراد واتجاهاتهم، والوقوف على المشكلات الاجتماعية القائمة، وتحديد مدى تأثيرها في المجتمع، والتعرف على الجماعات المهتمة بحل هذه المشكلات الاجتماعية، وتقدير الموارد واﻹمكانيات، التي يمكن استخدامها لعلاج المشكلات الاجتماعية، ثمَّ اقتراح الحلول الاجتماعية لها.


شارك المقالة: