عانى بعض الأفراد على مرّ العصور من الإحساس بالتوتر والخوف بسبب العديد من الأخطار المعقدة التي كانت تحيط بهم مثل حالات المِحن والمآزق غير المتوقعة أو الهجوم المفاجئ للأمراض التي تنزل به أو بعائلته، ومن هنا جاء افتراض بوجود قوة كبيرة تحكم وترشد الأحداث وجاء حرصه على الاتصال بها بحثاً عن الأمن الروحي، ولماّ عجز عن تفسير ما يراه ويشاهده من أحداث الطبيعة توصل بخياله إلى أن هناك قوى فوق الطبيعية.
المعتقدات الثقافية للصحة والمرض
مع تطور الإنسانية وتخطي المرحلة البدائية نشأة الديانات القديمة مثل الوثنية أو الديانات القائمة على عبادة بعض الظواهر الطبيعية ثم ظهرت بعد ذلك الديانات السماوية التي تقوم على مبدأ التوحيد، على الرغم من أنه لا يزال هناك كثير من المجتمعات البسيطة تسودها كثير من المعتقدات البدائية التي تتصل بالدين والسحر وما ينتج عنهما من أنماط سلوكية في شكل طقوس وعادات للسيطرة على الظواهر الكونية والأحداث والتعامل مع المرض، بحيث أصبحت هذه الطقوس جزءاً مهماً من الطريقة التي تحتفل بها أي جماعة للمحافظة على تحديث العالم الذي تعيش فيه، والطريقة التي تتصرف بها مع الأخطار التي تتوعد ذلك العالم، متخذه أشكالاً متعددة ومؤدية لوظائف متنوعة سواء دينية أو غير دينية وخاصة تلك الطقوس التي ترتبط بالصحة والمرض والتي تتعامل مع النكبات والمحن.
وكما توجد هذه المعتقدات في جميع المجتمعات والثقافات على اختلاف وتفاوت أنماطها، فإنها تقوم بوظائف اجتماعية داخل هذه المجتمعات، وشعور الشخص بالكائنات فوق الطبيعية أدى إلى تدخله معها بوسائل مختلفة، ولذلك استعملت المجتمعات البسيطة السحر لكي تتعامل مع العالم الغيبي.
وقد حظيت دراسة الدين والسحر من منظور التبادل الثقافي باهتمام الأنثروبولوجين منذ البداية الأولى لعلم الأنثروبولوجيا، فقد بحث علماء النشوء الاجتماعي الثقافي مثل إدوارد تايلور في تحليل الظواهر الدينية من حيث مراحل التطور الثقافي، أن الإنسانية ينبغي أن تمر يثلاث مراحل من السحر والخرافة إلى الدين ثم بعد ذلك إلى العلم والعقلانية، ووضع مفهومه عن السحر والخرافة بأنه مثل العلم الزائف فالسحر يحاول السيطرة على الأحداث ولديه قناعة كبيرة بالنظام واتساع الطبيعة ويؤمن بقوانينها الثابتة.