الملامح البنائية لدور الطبيب في علم الاجتماع الطبي:
اشتمل دور الطبيب على الاهتمام البالغ فإن شأنه من شأن الأدوار الأخرى الكثيرة، كما أنه ذو نمط ثابت محدد في مجتمعنا، وعلى ذلك فإننا لا نرى الطبيب على أنه فقط رجل المعرفة والعلم، والذي باستطاعته مقابلة الأعراض المرضية الخطيرة، وإنما نتطلع إلى الطبيب على أنه يمثل صورة الإنسان الرؤوف والذي يمتلك رقة القلب والمفكر الواثق، الذي يهتم أساساً بالمريض الفرد، والمسؤول الذي يحقق راحته، وعلى هذا فإن لدور الطبيب في المجتمع المعاصر ملامح بنائية وأنماطاً ثابتة تجعله حليفاً جذاباً في أوقات الألم والشدة.
فقد يشير العالم الاجتماعي تالكوت بارسونز إلى أن الاعتناء بالمريض يعد نشاطاً احترافياً ومختصاً وظيفياً طوال المدة، ويتحقق هذا الوضع عن طريق تطور المستوى الأدنى من الإتقان الفني، أما الخبرة والكفاءة الفنية العالية فإنها تتطلب من الطبيب أن يتصف بالاختصاص الوظيفي الدقيق.
وبالتالي فإن هذا الترسيخ والتأسيس الكثير والعظيم للخبرة في قضيتي الصحة والمرض، يلحقه مباشرة ترسيخ الخبرة والكفاءة وتكثير لها المجالات الأخرى، والأكثر من هذا أن المتوقع من الطبيب أن يلتزم على حالة الحياد العاطفي، ويتخذ الطريقة العلمية المبيّنة والمفهومة علمياً وموضوعياً.
إن نسق التنبؤات المعينة والمفهومة لدور الطبيب لا يمثل ضماناً بأنه سيرسخ حياته للأبد لهذه المستويات، كما أنها لا تفصل بمحكات الإنجاز وحدها كأصل لانتقاء الأطباء، ولما كانت كليات الطب لا تتقبل إلا نسبة قليلة من الطلاب، فإن الانتساب بها يكوّن أحد العوائق التي تمنع من إنجاز المكانة الطبية.
الأخلاق والقيم عند الطبيب:
وعلى الرغم من اعتقادنا بأن الطبيب يعالج جميع أفراد المجتمع بصورة متساوية، بغض النظر عن قابليته في المعالجة، أو قابلته عنها، إلا أن الأطباء شأنهم شأن أغلبية أفراد المجتمع لديهم تفضيلاتهم التي تؤثر على أسلوب علاج مرضاهم، كما أن الأخلاق والقيم التي يمتلكها الطبيب لا تؤثر أيضاً على القرارات التي يتخذها للوقاية والمحافظة على حياة المريض.
وهناك أساليب كثيرة متفاوته ومختلفة لدى استجابات الأطباء، التي لا تتآلف ولا تتناسب مع المتوقع منهم، فمنهم من لا يقبل الكشف المنزلي، وبعضهم لا يتحرك لمقابلة حالات في قسم الطوارئ، بينما يعطي بعض الأطباء أهميتهم الأولى للحصول على الحد الأقصى من العائد المالي، وإن كان على حساب الذي يتعالج ومستقبله.
على حين يذهب بعض ثالث منهم سلوكاً أنانياً في العديد من الأحيان، وبذلك يمكن الاستنتاج بأن مهنة الطب تجمع نوعيات بشرية مختلفة من الذين يهبون أنفسهم للمرضى، ومن الذين لا يخافون عن بيع المريض للحصول على أتعابهم الطماعة، وفي النهاية نستنتج أن الطب شأنه شأن كل المهن يحتوي على الأفراد الصالحين والأفراد الفاسقين أيضاً.