النسق الاجتماعي ازدواجية وتكامل في الفعل الاجتماعي:
إن مفاهيم المكانة والدور والوضع الذي يوجد فيه الفاعل بالنسبة للغالبية الأخرى داخل النسق الاجتماعي، لا يمكن أن تكون محايدة على الأقل، في إطار الهرمية البنائية للأنساق، والتي تتصل بمصالح متأصلة متمايزة، وامتيازات متباينة يحظى بها شاغلي الأدوار والمكانات، باﻹضافة إلى تمايزات السلطة واتخاذ القرار، التي تظهر بشكل واضح بين المكانات العليا والمكانات الدنيا.
وهنا، فإن قول أن الفاعل موضوعاً لغيره من الجهة والناحية النسقية، يكشف عن نوعين من الفاعلين في الأنساق التفاضلية وهما:
الفاعل الموضوع: هو الفاعل الذي يلعب دوره بسلبية طبقاً لمقتضيات الطاعة التي يفرضها الآخر أو يحتاجها، بحيث يكون موضوعاً فعلياً لتلاعب الآخر.
الفاعل المؤثر: الذي يمتلك القدرة الحقيقية على التصرف، وإحداث النتائج المطلوبة على حساب اﻵخر.
وإذا أُدخلت المفاهيم في مستواها الحقيقي، فإن المكانة والدور هي وحدات نسقية، تنسب إلى النسق، وليس إلى الفاعل، لذلك يمكن الكشف عن مكانات قوة، ومكانات خضوع، وأدوار إعادة إنتاج، وكما هو واضح، فإن هذا التقسيم لا يلغي الفاعل وجودياً، كما أنه ليس من قبيل تطابق الصفات والخصائص بين الفاعل والمكانة والدور، ولكن الفاعل هو المحرض الرئيسي للتفاضل النسق، وينطبق ذلك على الفاعل المؤثر بتوظيفه مصادر القوة وامتيازاتها لخدمة مصالحه.
وكذلك ينطبق على الفاعل الموضوع، الذي يعيد إنتاج الخضوع، إذن يكشف النسق الاجتماعي عن ازدواجية في المكانات والأدوار، وفي إطارها الفاعلين الذين يتعاملون بموجب محتوياتها المعيارية، التي تعمل على تثبيت الوضع الحالي من جانب، واقتران الأدوار ببعضها تفاضلياً وتكاملياً من جانب آخر، وكما هو واضح، فإن هذا التكامل لا يعني الأنساق، ولا يمثل حالة من التوازن الثابت، بل في جوهره تناقض وازدواجية تجعله معتلاً.
يمثل نسق التفاعل الثنائي، أسهل الشكال النسقية التفاضلية، وهو يتكون عن تفاعل طرفين متفاضلين في القوة، بحيث يترتب على وجود التفاضل، أن كل ما يتطور في محتوى العلاقة، بما في ذلك المعايير الاجتماعية، الموجودة على أساس التفاضل، وفي هذا المستوى النسقي، تبيّن شكل الفاعل المؤثر الذي ينشأ قواعد الفعل للفاعل الموضوع بشكل واضح، حيث أن العلاقة غالباً ما تكون واضحة ومباشرة في الأنساق الثنائية.