النمط المثالي أساس الفهم عند ماكس فيبر في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


النمط المثالي أساس الفهم عند ماكس فيبر في علم الاجتماع:

يعد النمط المثالي عند ماكس فيبر مفهوماً مجرداً، أو مقولة وصفية عامة تمكننا على معرفة سلسلة من الظواهر وتوضيحها والتنظير لها، وليس من المهم أن تكون صفات هذا النمط متاحة بشكل دائم، وبصورة جيدة في الظواهر والملاحظة والمعرفة.

فهدف النمط المثال هو إنشاء نموذج للظاهرة الاجتماعية أو ظاهرة هادفة لها، فقد استخدم المقصود من قبل منظري المنظمات الاجتماعية للدلالة إلى الدراسات التجريبية المرتبطة بالبيروقراطية، ولا يحيلنا مقصود النموذجي على الجودة والإبداع والحكم البنّاء، بل هو دليل لتكوين الأسس، ونموذج لمعرفة الظواهر المعروفة في الواقع، أو تعبير عن الفكر المنظم.

بمعنى أن النمط النموذجي هو نتاج لعملية تركيبية لسلسلة من السمات والمواصفات لظاهرة مجتمعية ما، تكون مجردة وعامة، وتصنيفها ضمن نموذج فكري وعقلي ومنطقي متسق، وللتمثيل حينما ندرس البيروقراطية، فإننا ندرسها في مجالات متفرعة وفي أمكنة متنوعة، لكننا نتحدث عنها بأسلوب مثالي عام، بالتشديد على صفاتها ومميزاتها المنفردة والمشتركة في عمومها، لتشكيلها ضمن نموذج مقصود ووصفي ما.

أضف إلى ذلك أن النمط النموذجي هو نتيجة لسلسلة من المقارنات والعمليات الوصفية لظاهرة مجتمعية ما، ومن هنا فالنموذجية لا علاقة لها بالقيمة، بل يتصل بمنظومة من الخصائص والصفات المشتركة المحصلة عن ملاحظة ظاهرة ما، وبمفهوم آخر، يعني النمط النموذجي تجريد أو تغيير الظاهرة المجتمعية الواعية والملاحظة إلى نموذج عقلي مجرد في شكل خصائص ومكونات وسمات مشتركة مجردة وعامة، أي الارتحال من المحسوس إلى المجرد المثالي، فحينما يرصد الملاحظ ظاهرة مدركة ما ومعزولة، فإنه يختزلها في سلسلة من المكونات والخصائص والسمات العامة والمجردة لتكوين نمطها النموذجي والمفاهيمي.

إذاً فالأنماط الأدائية، كالأداء العقلي والأداء اللاعقلي، والأداء القيمي العقلي، والأداء العاطفي، بمثابة نماذج أو أفكار عقلية نموذجية، هي نموذجية بمعنى أنها ليست صادرة من الحياة الاجتماعية الواقعية، لا بمعنى أنها ناشئة من ما هي مجردة مثل أفلاطون، إنها نماذج نموذجية لكونها مشتقة أصلاً من الواقع التاريخي، ذلك الواقع المعقد جداً، وتعتبر هذه التصنيفات السلوكية مجرد تبسيط لها.

يدرس علم الاجتماع عند فيبر تلك الأنماط الاجتماعية النموذجية التي تعين طبيعة تصورات الإنسان ومعرفته ومواقفة الأدائية في المجتمع، وإذا كانت هذه الأنماط غير ظاهرة حقاً في بنيات المجتمع، فهي مع ذلك بمثابة أنماط قياسية تعين السلوك وتوجه العقل.


شارك المقالة: