الهوية الثقافية وشأنها في المجتمع:
أصبحت الهوية الثقافية مع تشييد الدول ذات شأن مهم للدولة، إذّ أصبحت الدولة متصرفاً في الهوية تسن لها الترتيبات وتضع لها الرقابات.
تسجل الدولة في المجتمعات الحديثة بصفة أكثر فأكثر إفراطاً في هوية المواطنين، حيث يبلغ بها الأمر في بعض الحالات، إلى حد صنع بطاقات هوية غير قابلة للتزوير، كذلك إن الأفراد والجماعات هم أقل فأقل حرية في تحديد هوياتهم بأنفسهم.
إذّ تفرض بعض الدول المتعددة الإثنيات عاى مواطنيها، في قيامهم على أن يثبتوا هوية إثنية ثقافية أو طائفية على بطاقات هوياتهم، على الرغم من أن بعضهم لا يجدون أنفسهم في هذا التحديد للهوية، ويمكن أن يكون لها عنونة خاصة ما دام النزاع بين مختلف المكونات قائم.
النزعة في التعريف الأحادي:
تتوسع النزعة إلى التعريف الأحادي للهوية وإلى الهوية الحصرية في العديد من المجمعات المعاصرة والهوية الجماعية معلنة بصيغة الفرد سواء بالنسبة إلى الذات أو بالنسبة إلى الآخرين، وإذ تعلق الأمر بالآخرين سُمح بكل التعميمات المغالية.
تتبى دولة الأمم الحديثة في تصورها للهوية ومراقبتها لها أكثر صرامة بكثير مما كانت عليه المجتمعات التقليدية، وعلى عكس الفكرة الموروثة إذ لم تكن الهويات الإثنية الثقافية في هذه المجتمعات محددة بصفة نهائية، إذ أن لهذه المجتمعات مجالاً للتجديد الاجتماعي، كما أن ظواهر الانصهار والانقسام الإثنية معتاد فيها، ولا تؤدي بالضرورة إلى وجود نزاعات حادة.
يستمر الأفراد والجماعات في صراعات الترتيب بكامل قواتهم الاجتماعيه، ذلك بكل ما يحدد الفكرة التي يحملونها على أنفسهم، كذلك لا ينصب كل جهد الأقليات على أمر استعادة تملك هوية معينة وغالباً ما تكون هوية سلبية أو هوية متغايرة وتحويلها إلى هوية إيجابية.
يجب الاعتقاد ان عمل الدولة لا يستدعي أيّة ردة فعل ما والتي تبيدها مجموعات الأقلية التي تنكر هويتها أو تعمل على التقليل من شأنها، إذ أن تزايد مطالب الهوية يمكن أن نلاحظه في العديد من الدول المعاصرة، كذلك لا يمكن تمجيد الهوية القومية إلا بعد أن تتم عملية محاولة في الهدم الرمزي ضد ترسيخ مبادئ الهوية الثقافية بأكملها.