هو أبو جعفر محمد بن الأشعث بن عقبة بن أُهبان بن الأكْوع مكلم الذئب بن عبّاد بن ربيعة بن كعب بن أميّة بن يقظة بن خُزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم بن أفصى الخزاعي من قبيلة خزاعة الشهيرة، عند وقوع الفتنة في أفريقيا وفد على أبو جعفر المنصور رجالات من جند أفريقيا يشكون ما نزل بهم ويستصرخونه، فوضع على مصر وأفريقيا محمد بن الأشعث.
الوالي محمد بن الأشعث الخزاعي:
كان محمد بن الأشعث الخزاعي قائد مشهور وأحد كبار قادة أركان حرب الدولة العباسية في الشرق والغرب العربي، ولد محمد الخزاعي في العراق ونشأ هناك وكان ذو ديناً تقياً وكان فارس شجاع، بالإضافة إلى أنّه كان يتمتع بقدر كبير من الذكاء والحكمة والمقاييس الحسنة وسياسي عظيم عارف بشؤون الحكم والسياسة في أراضي الدولة الإسلامية.
كان أبو جعفر المنصور محل ثقة واحترام وكان محمد بن الأشعث من قادة أبي مسلم الخراساني عند بدأ الثورة العباسية، كان أبو مسلم الخراساني قد جعله والي على بلاد فارس وطلب منه إقالة الخليفة المنصور؛ السبب في ذلك أنّ جمهور بن مرر العجلي عندما انتصر السنباد المجوسي على سندباد المجوسي، احتوى ما كان في جيشه وفيه كنوز أبي مسلم الخراساني ولم يوجههم إليه.
سار محمد بن الأشعث إلى الريي وغادرها حشد وسار نحو أصفهان، دخل محمد الريي وملك جمهور أصفهان فأرسل إليه محمد جنداً وبقي في الريي، فأشار إلى حشد من أصحابه أن يسيروا في نخبة من جنوده باتجاه محمد بن الأشعث فهو أقلية، وإذا فاز به فلا يبقى لمن بعده له، لذلك سار إليه الحشد بشكل مجيد، أُبلغ محمد بأخباره فكان حذر جداً وجاء إليه عسكري من خراسان وقوّيهم، فالتقوا في قصر فيروزان بين الري وأصفهان.
حدثت معركة كبيرة مع نخبة سلاح الفرسان الفارسي لذلك هُزم حشد وقتل العديد من رفاقه، فهرب حشد وسار إلى أذربيجان ثم قتل بعد ذلك بمدينة أسبار وقتله رفاقه وحملوا رأسه إلى أبو جعفر المنصور، لهذا لمحمد العديد من المواقف والمسائل التي طال انتظارها.
ولاية محمد بن الأشعث الخزاعي على مصر:
يوم الاثنين الخامس من ذو الحجة عام مئة وواحد وأربعون هجري تمّ تعيين محمد بن الأشعث على مصر والياً لأبي جعفر المنصور، حيث قام بتعيين المهاجر بن عثمان الخزاعي رئيس على الشرطة، بعد فترة وجيزة قام بإزالته ووضع مكانه محمد بن معاوية بن بحير بن ريسان القلعي، عندما استقر محمد بن الأشعث في سلطة مصر أرسل الخليفة أبو جعفر المنصور إلى نوفل بن الفرات.
كان ذلك حتى يعرض على محمد بن الأشعث جباية مصر فإن كان ضمنه فاشهد عليه واعرض للشهادة، من الضمان انتقل نوفل إلى المكاتب فقد عنه محمد بن الأشعث فسأل عنهم، فقال له: “هم مع صاحب المكاتب”، لذلك ابن العاش ندم على ما فعله لترك الضريبة.
حيث استقبله البريد بإقالته من قيادة مصر وتكليف محمد بن الأشعث الخزاعي بحرب الخوارج في بلاد المغرب العربي، فقد استبدله حاكم مصر بحميد بن قحطبة في أوائل عام ١٤٣ هجري، فكان حكمه على مصر سنة وشهر.
استعادة المغرب السفلي:
أرسل أبو جعفر المنصور محمد بن الأشعث من أجل استعادة السيطرة على المغرب العربي من الخوارج بقيادة أبو الخطاب المعرفي، فقام محمد بن الأشعث بإرسال حملة بقيادة أبو الأحواس العجلي وهزمه أبو الخطاب، أما في معركة تاورغاء قرر محمد بن الأشعث أن يذهب بنفسه بعد أخذ الأوامر من أبو جعفر المنصور بجيش يتكون من أربعون ألف جندي إلى المناطق الموجودة في أفريقيا والمغرب.
في خسارة أبو هريرة الزناتي وبعد أن انتهى محمد بن الأشعث من الخوارج وهزمهم وانتشروا متباعدين في البلاد بعد انتهاء معركة تاورقة، توقّع أنّ الخوارج قد انتهوا من صلاحياتهم ففاجأهم بأبو هريرة الزناتي الخريج بستة عشر ألف من الخوارج، فوصل إليه محمد بن الأشعث وهزمه هزيمة شريرة وتفرق جيشه في البلاد.
ثم سار محمد بن الأشعث الخزاعي إلى القيروان عام 144 هجري وكان أول زعيم يدخل المدينة للعباسيين، في عام مئَة وخمس وأربعون للهجرة أمر العمال بأن يبنوا سور القيروان الذي انتهى عام 146 هجري وحصنه بتطويقه بسور من الآجر بسمك عشرة أذرع.