اقرأ في هذا المقال
الوظيفة الاجتماعية في علم الاجتماع عند روبرت ميرتون:
قام روبرت ميرتون المؤسس الثاني للبنائية الوظيفية، بإدخال تعديلات جوهرية على هذه النظرية، وبخاصة على مفهوم الوظيفية الذي طوره بارسونز، تتعلق بطبيعتها، وأنواعها وآثارها أو نتائجها بالنسبة للمجتمع، فأوضح أن الوظيفة تعني أو تشير إلى الترتيبات الاجتماعية والبيولوجية التي تساعد النسق على البقاء والدوام.
ولكنه اختلف مع باسونز حين أوضح أن الأنماط الاجتماعية والثقافية ليست جميعها وظيفية، أي تسهم إيجابياً في بقاء النسق، فبعضها لا وظيفي، أو ضار وظيفياً، أو معوق وظيفي، أي أنها لا تسهم إيجابياً في بقاء النسق، وإنما تضر النسق وتعيق بقاءه، أو لا تسهم بأي دور في المحافظة على هذا البقاء.
كما بيّن ميرتون أيضاً أن وظيفة النمط، قد تكون بارزه تبدو بسهولة للعيان، وقد تكون غامضة تحتاج إلى مختص للكشف عنها وإيضاحها.
الوظيفة الظاهرة والوظيفة الكامنة عند ميرتون:
أوضح ميرتون أن مفهوم الوظيفة وطبيعتها أكثر تعقيداً، مما ذهب إليه بارسونز، إذ أنها قد تكون ظاهرة ولكنها أيضاً قد تكون كامنة، مستترة في نفس الوقت، أو بمعنى آخر فإن نفس النمط الاجتماعي، قد يكون بوظيفة ظاهرة متعارف عليها بشكل عام، ولكنه قد يقوم في الوقت ذاته بوظيفة أخرى كامنة لا يدركها إلا المختصون، وكلا النوعين من الوظيفة يسهم في بقاء النسق واستمراره.
ولنأخذ مثلاً على ذلك نمطاً اجتماعياً محدداً وهو الاختيار للزواج، وهو نمط موجود في المجتمع العربي، والمجتمع الصناعي، والمجتمعات الأخرى بشكل عام، ويمارس هذا النمط بكل متكرر من قبل غالبية الأفراد، ويدعم من قبل المعايير الثقافية في هذه المجتمعات.
ويكشف التحليل الوظيفي غير المتعمق عن الوظيفة الظاهرة المعروفة لهذا النمط، وهي إشباع الحاجات العاطفية للأفراد بشكل منتظم، ومقبول اجتماعياً، وما ينتج عن ذلك من أطفال يربون وينشؤون بطريقة محددة من قبل الثقافة، ليتمكنوا فيما بعد من شغل مكانات موجهة في البناء الاجتماعي، ترتبط بها أدوار معينة يؤدي النجاح فيها إلى الإسهام إيجابياً في بقاء النسق واستمراره.
لكن التعمق في التحليل يكشف لنا الوظيفة الكامنة لهذا النمط، فيتضح أن له دوراً في تدعيم التقسيم الطبقي في المجتمع، وبخاصة في المجتمعات الصناعية والمجتمعات العربية.