اقرأ في هذا المقال
- اهتمام الملك عبد العزيز بالحرمين الشريفين
- ترميم وإصلاح المسجد الحرام
- إقامة الملك عبد العزيز سبيل للشاربين
- كسوة الكعبة المشرفة
اهتمام الملك عبد العزيز بالحرمين الشريفين:
لقد حرص الملك عبد العزيز رحمه الله بالاهتمام على فعل الخير تجاه بيوت الله بالشكل العام، فإنّه المفترض أن تكون الحرمين الشريفين لها علاقة في هذا الشأن، وإنّ الحديث عن شؤون الحرمين الشريفين جزء أساسِ من الحديث عن بيوت الله بالشكل العام، إلا إنّ المكانة التي يتميز بها الحرمين الشريفين قد تشكلت من خلال الحديث عن عناية الملك عبد العزيز بشؤونهما وإدارتها، ولعل الحديث عن هذا الشأن يتكون كجزء مهم ومكمل لما ذكر عن عناية الملك عبد العزيز بالمساجد.
أولى الملك عبد العزيز عناية فائقة بالحرمين الشريفين منذ أن منح حمل أمانة رعاية المسلمين في الحرمين الشريفين، والقيام بخدمتهم بعد نجاحه بضم الحجاز وإنهاء مسيرة التوحيد التي قادها ودخل غمارها بالشكل الشخصي، وبسبب كثرة الأعمال الخيرية التي قام بها الملك عبد العزيز في خدمة الحرمين الشريفين وتعددها، الأمر الذي يحتاج إلى الكثير من والوقت للحديث عنه، بل ربما يحتاج إلى مؤلفات ودراسات للحديث عنه وتتبع طريقه وتفاصيله.
فقد كان هناك الكثير من الأحداث التي تدل على هذه اللمسات الخيرية التي بادر بها الملك عبد العزيز تجاه أعظم الأماكن على الأرض وهي الحرمين الشريفين التي تتواجد بمكة المكرمة والمدينة المنورة، أمّا بالنسبة لخدمة الملك عبد العزيز للحرم المكي فنحصر القول فيها ونذكر أنه قد أولى هذا الحرم عنايته ورعايته بالشكل التام منذ أن دخل مكة المكرمة، واستمر على ذلك إلى إنّ انتقل إلى رحمة الله تعالى.
ترميم وإصلاح المسجد الحرام:
ففي عام 1394 هجري بادر الملك عبد العزيز عندما استقر الوضع في الحجاز إلى البداية بعملية الإصلاح والترميم اللازمة لذلك، حيث قام الملك بإصدار أمره إلى مدير الأوقاف لبدأه بترخيم جميع الخراب الواقع في جدار المسجد وأرضه وأعمدته وإصلاح المماشي وحاشية المطاف وجميع الأبواب، وكذلك طلاء مقام إبراهيم الخليل عليه السلام بالدهان الأخضر، وكذلك الأساطين النحاسية الواقعة بجانب المطاف، وغير ذلك من الإصلاحات اللازمة للمسجد الحرام، فقد تمت هذه العمارة بكل سرعة بسبب قدوم موسم الحج سنة 1344 هجري، فبذلك دليل على مدى اهتمام الملك بالمقدسات الإسلامية فكان له الكثير من الأعمال الخيرية.
إقامة الملك عبد العزيز سبيل للشاربين:
وفي العام 1345 عمل الملك عبد العزيز سبيلاً للشاربين من ماء زمزم، بحيث يتكون من ثلاث مداخل تقع على ارتفاع الواقف الذين يرد الشرب، فكان ذلك في سبيل راحة الشاربين، وأنشأ هذا السبيل الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن السعود، وفي الوقت نفسه أمر الملك عبد العزيز بالعمل على تجديد وإصلاح عمارة السبيل القديم وقيامهم بالتعديل عليه ليصبح متشابهاً مع السبيل الجديد.
وكذلك قام الملك عبد العزيز رحمه الله بالأمر بأن يفرش شارع المسعى من الصفا إلى المروة، فتكونت لذلك هيئة تضم العديد من كبار أهل الخبرة والمعرفة، وبعد التداول تقرر أن يكون فرش المسعى بالحجر الصوان المربع وأن يبني بالنورة، فتم البداية بالعمل أولاً بهدم ما يتواجد على ضفتي شارع المسعى من بدايته إلى نهايته، واستمر ذلك العمل بهمة وعزيمة عالية، وانتهى العمل في أواخر ذي القعدة من هذه السنة.
فأصبح شارع السعي في غاية الاستقامة وحسن المنظر في ذلك الوقت، وأصبح المتطرفون بين الصفا والمروة يؤدون مناسكهم بكل راحة بالبعد عن وحل الشارع والغبار، وكان جلالة الملك أول من اعتنى به؛ لأنّه تعتبر من الفروض التي فرضها الله عز وجل للحج.
وما يشير إلى مدى اهتمام الملك عبد العزيز في ذلك الشأن هو قيامه بأمر إبطال ما كان قائماً في المسجد الحرام من تعدد الجماعات على المذاهب المختلفة، وأمره باجتماع المسلمين على إمام واحد، كما قام بالأمر في العام نفسه بتجهيز كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، بعد أن تفاجئ المسلمين بقرب موسم الحج في أثناء قيام الحكومة المصرية بالامتناع عن إرسال الكسوة المعتادة للكعبة.
كسوة الكعبة المشرفة:
وبسبب الهمة العالية من الملك عبد العزيز ورجاله قام مجموعة من الرجال الذين يتخصصون بهذا الشأن وكان منهم وزير المالية في ذلك الوقت وعملوا كسوة من الجوخ الأسود الفاخر مبطنة بالقلع القوي، وعمل حزام الكعبة بآلة التطريز، وكتبت الآيات القرآنية عليه بالقصب الفضي المموهة بالذهب الوهاج مع ستارة الباب البرقع، ولم يأت اليوم الموعود لكسوة الكعبة وهو يوم النحر 10 ذي الحجة إلا والكعبة المشرفة لابسة تلك الكسوة التي كونت في العديد من الأيام.
إنّ نجاح العمل في تجهيز الكسوة داخل مكة المكرمة، والحرص على استقلالية الدولة في قراراتها، وإبعادها عن أن تكون تحت رحمة غيرها من الدول جعل الملك عبد العزيز رحمه الله يفكر بكل جد في تأسيس دار خاصة للكسوة، وهو ما تم في عام 346 هجري فكانت هذه الدار أول دار تكونت مخصوصاً لحياكة كسوة الكعبة المعظمة بمكة المكرمة في عهد جلالة الملك عبد العزيز.
وكانت تجربة الكسوة في ذلك الوقت ناجحة، حيث تم إلباس الكعبة كسوتها كالمعتاد في يوم النحر من كل عام، ولكن هذه المرة بكسوة مصنوعة في دار خاصة لها، وقد كتب على تلك الكسوة في ذلك العام وهذه الكسوة صنعت في مكة المباركة المعظمة بأمر خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ملك المملكة العربية السعودية أيده الله تعالى عام 1346 هجري على صاحبها أفضل التحية وأتم التسليم.
وكان الملك عبد العزيز رحمه الله قد أمر في تلك السنة بإجراء العديد من الترميمات والزيادات على مباني الحرم المكي، تضمّنت فرش جميع أروق الحرم من جهاته الأربع والزيادات وعموم المماشي بالحجر وإصلاح الأبواب وطلاءها، وطلاء جدران الحرم وأعمدته، وغير ذلك من الإصلاحات والترميمات التي أُعيدت للحرم رونقه وبريقه، وكان ذلك العمل قد استمر حوالي عام كامل، حيث ابتدأ في جمادى الأولى من عام 1346 هجري، واستمر إلى نهاية ربيع الثاني من السنة التالية.
وقد صرف جلالة الملك على ذلك العمل ما يزيد على ألف جنيه من الذهب، وكان هذا التبرع من جلالة الملك على حسابه الخاص، وفي شعبان من عام 1347 هجري أمر الملك عبد العزيز بتجديد الإضاءة في المسجد الحرام وزيادتها، حتى قدرت بعدد ألف لمبة، ولم يأتي شهر رمضان حتى صار المسجد الحرام مضاء عمومه بالكهرباء، وكانت الإضاءة تعتمد على ماكنتين كبيرة تستخدم في وقت الذروة وصغيرة في آخر الليل إلى قبيل الفجر.
وبسبب ازدياد أعداد الحجاج أمر الملك عبد العزيز بإضافة ماكنة ثالثة في عام 1349 هجري، مع إضافة المزيد من المصابيح للإضاءة.