اهتمام الملك عبد العزيز آل سعود بوالديه

اقرأ في هذا المقال


اهتمام الملك عبد العزيز بوالدته:

لقد كان الملك عبد العزيز على مستوى كبير من الالتزام بالدين الإسلامي في أقواله وأعماله، وكذلك التزم بما تتطلبه مبادئ وقواعد الإسلام من الحث على احترام الوالدين، والقيام بما يجيب من حقوق على أكمل وجه كان، أمّا بالنسبة لعلاقة الملك عبد العزيز بوالدته كما ذكر خير الدين الزركلي عنها من خلال الحديث عمّا كان لوالدة الملك عبد العزيز من فضل في توجيهه، وقال بأنّها كانت من نخبة النساء التي يتمتعن بالعقل الرزين وحسن التدبير، وما يروى لها من الشعر الملحون، وربما كان المبرر للمؤرخين في إغفال الذكر عن علاقتها بابنها القائد عبد العزيز؛ هو وفاتها رحمها الله في وقت يعتبر مبكراً من حياة الملك عبد العزيز، حيث توفيت عام 1327 هجري في الرياض، وتلك الفترة كانت فترة انشغال تام وكلي في حروب ومعارك التوحيد.

وقد كان السبب كما يبدو  يعود إلى طبيعة المؤرخين النجديين بالشكل الخاص، ومؤرخي الجزيرة العربية بشكل عام، ومن وجد معهم من المؤرخين أو تأثر بهم في البعد عن الحديث عن سيّر النساء وماله من دور مؤثر في المجتمع، فلم يكن حظها في هذا الجانب أفضل من غيرها من أعلام النساء في الجزيرة العربية التي ضاعت سیرهنَّ بسبب ذلك.

وهنا نشير إلى إنّ الملك عبد العزيز كان على مستوى كبير من الود والاحترام والتقدير لوالدته، وكان ذلك بناء على الرأي السابق وما تمتع به من السمات والخصال الحميدة التي كان الملك عبد العزيز يشتهر ويتميز بها، حيث اهتم الملك بالتمسك بخصال وقواعد الدين الإسلامي التي تحث وتوجه الجميع على المحافظة على حقوق الوالدين، وكذلك على ما تمّ ذكره من صفات حميدة وأخلاق نبيلة امتاز بها الملك عبد العزيز وكان بعض منها يربط فيما بينه وبين أعدائه، فما بالك إذاً بالعلاقة فيما بينه وبين أعزّ من لديه وهي والدته.

اهتمام الملك عبد العزيز بوالده:

لقد اشتهر عند المؤرخين بإنّ الملك عبد العزيز رحمه الله كان على قدر كبير من تقدير واحترام لوالده الإمام عبد الرحمن الفيصل رحمه الله، وما كان الملك عبد العزيز يبديه من الاهتمام بما يقوم به والده من توجيهات، وما قدمه الملك عبد العزيز من عناية خاصة ورعاية بوالده كانت تزداد مع تقدمه في العمر، وهذا ما كان ظاهراً للمؤرخين وللباحثين في حياة وسيرة الإمام عبد الرحمن وابنه الملك عبد العزيز في العديد من المراحل.

فقد كان هناك العديد من الدلائل التي تشير وتدل على مدى الاحترام والتقدير الذي كان یکنّه الابن لوالده والتي تظهر من خلال مرافقة الملك عبد العزيز لوالده قبل استرداد الرياض، وتقديره لوالده بعد استرداد الرياض ودفاعه عن الحكم، ثم من خلال مسيرة الملك عبد العزيز مع والده بعد انطلاق معارك التوحيد، بالإضافة إلى قيام الإمام عبد الرحمن بتعيين ابنه الملك عبد العزيز ليقوم بتحقيق الوحدة الوطنية الكبرى، وغير ذلك من النماذج المتعددة والمختلفة للعلاقة والاحترام المتبادل بين الأب وابنه، والتي تدل في مجملها على سمة الخير المتواجدة عند الملك عبد العزيز في جميع المراحل من عمره.

مرافقة الملك عبد العزيز لوالده الإمام عبد الرحمن:

لقد عاش الملك عبد العزيز في ظل والده، ورافقه في جميع مشاعر الحياة من الآلام والآمال التي عاشها قبل استرداد الرياض وانطلاق معركة الوحدة الكبرى، بحيث تذكر المصادر التاريخية أنّ علاقة الملك عبد العزيز بوالده كانت علاقة قوية منذ مراحل عمره المبكرة وقبل أن يعلو شأن الملك عبد العزيز، حيث كان الإمام عبد الرحمن ينظر إلى أبنائه نظرة إعجاب وتفاؤل بإنّ واحد منهم لا بد أن يعمل على استرداد ملك الآباء والأجداد.

لقد كان الإمام عبد الرحمن يصاحب أبناءه في مجالساته مع العلماء وغيرهم، فقد كان يسأل كثيراً عمّن يتوقعون من هؤلاء الأبناء أن يستطيع القيام بذلك العمل، وكانت الآراء في الغالب تتجه لترشيح الابن عبد العزيز، ويبدو أن ذلك زاد من محبة الإمام عبد الرحمن لابنه عبد العزيز وقربه إليه، خاصة فقد تطابقت تلك الآراء للنظرة الخاصة عند الإمام تجاه ابنه، فقد كان الإمام عبد الرحمن يتطلع في ولده عبد العزيز العزيمة القوية والإرادة المصرة التي لا يقف بوجهها شيء، ويعتقد أنّه لم يبالغ فيما كان يأمل به من ولده عبد العزيز، فقد رأى بأنّه يمتلك عزم عظيم وصدق مخيلة، وبما يراه في إشارات من دلائل تشير إلى شجاعته وجرأته فوق ما كان يتوقع.

 استشارة الملك عبد العزيز لوالده الإمام عبد الرحمن باسترداد الرياض:

إنّ ما يسجل لعبد العزيز من شرف كبير في تقدير والده أثناء الإقامة معه في الكويت، إصراره على استشارة والده والطلب منه الإذن بالبدء في مرحلة التأسيس والسعي لاسترداد الرياض، حيث لم يتحرك الابن عبد العزيز إلّا بعد قيام الإمام عبد الرحمن بالموافقة على ذلك، فقد حظي بتلك الدعوات المباركة من والده.

وعندما استطاع الابن عبد العزيز من دخول الرياض للمرة الأولى عام 1318 هجري، لم يتردد لحظة واحدة عن السير بتوجيهات والده التي تنص على الخروج من الرياض بعد استردادها للمرة الأولى، وكان لتلك أثر كبير في السنة التالية، حين عاود الملك عبد العزيز المحاولة من جديد مع والده واستأذنه بالخروج إلى الرياض مرة أخرى، فسمح له، وسار الابن راضي النفس مطمأن البال، تحميه عناية الله، ثم بفضل رضوان والده عليه كان النصر حليفه في رحلة التأسيس الجديدة في عام 1319 هجري.

حياة الملك عبد العزيز مع والده:

إنّ التتبع لسيرة الملك عبد العزيز مع والده بعد استقراره في الرياض يبين كبر المحبة والتقدير من الابن لوالده، كما يدل على ذلك من خلال استشارته له في جميع مراحل الوحدة منذ البداية إلى النهاية، ثم استمرار الابن في تقدير والده ورعایته بعد استقرار الأحوال والأمن، وكيف كانت تلك الرعاية والتقدير تتزايد مع تقدم العمر لكلاهما.

فقد كان الملك عبد العزيز بعد توليه الإمارة يقوم بزيارة والده الإمام عبد الرحمن في كل يوم، فقد كان والده يقوم بزيارة ابنه بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، وعند وصوله يقوم  عبد العزيز ليستقبله، ويقدمه إلى صدر المجلس (مقعد الإمارة) ويجلس هو حوله أو مكان الزوار، وكان عندما يقوم بمخاطبة أبيه يجعل لنفسه صفة المملوك، ويجلس بين يديه بكل صمت، ينتظر ما يأمره به، واستمر الابن في تقدير والده على طيلة السنين فلم تغيره المكانة التي كان الملك عبد العزيز يحظى بها وتزداد يوماً بعد يوم.

المصدر: تاريخ ملوك آل سعود للأمير سعود بن هذلول الطبعة الأولى 1380 هجري تاريخ الدولة السعودية تأليف امين سعيد الطبعة الأولىالملك عبد العزيز والعمل الخيري دراسة تاريخية وثائقية تأليف الدكتور عمر بن صالح بن سليمان العمري 1419 هجري-1999 ميلاديالملك عبد العزيز آل سعود أمة في رجل تأليف عبد االله بن عبد المحسن التركي الطبعة الثالثة


شارك المقالة: