الطوائف العرقية في فلسطين:
إنّ المجتمع الفلسطيني في تركيبته الطبقية يشبه الفسيفساء، بحيث تؤثر العقائد الدينية والفروق المذهبية بشكل خاص على البنية السكانية في فلسطين، لذلك كان المصدر الرئيس لمرحلة عدم الاستقرار في المنطقة هو البناء الفسيفسائي الذي تنوع من الأديان والأعراق المختلفة، وبناءً على وجود وثيقة تاريخية تعود إلى ما بين عام 1915 وعام 1920 ميلادي، مأخوذة من وثائق الأرشيف العثماني.
إنّ تلك الوثيقة تحتوي على معلومات بشكل عام عن البناء الديني والعرقي للقبائل الذين استقروا في القدس الشريف، بحيث كان أبرز ما جاء بها هم اليهود، على الرغم من علمنا بأنّ اليهود قد أخذوا عقائدهم من سيدنا موسى عليه السلام، إلا أنّ كتاب التلمود وکتب العقائد والتعاليم الأخرى كان لها تأثير بشكل واضح في عقائدهم.
وفي تلك الفترة لم يكن عدد اليهود يتعدا عن 200 أو 300 شخص فقط قبل تسعة قرون على أراضي فلسطين، بحيث تم طردهم منها منذ عهد أدريانوس، فقد بدأت أعدادهم تزداد بشكل تدريجي بعد ذلك التاريخ لتصل اليوم إلى 20 ألفاً في القدس وحدها، وقدر أعدادهم في جميع أرجاء فلسطين على سبيل التخمين بما يعادل 100 ألف يهودي؛ فقد نزح اليهود إلى فلسطين من كافة أنحاء العالم، وقويت العلاقة بينهم بناء على الناحية العرقية، ولكنهم انقسموا فيما بينهم إلى طرق وأجناس مختلفة.
إنّ اليهود ينحدرون من قسمين كبيرين، القسم الأول يطلق عليهم يهود الأشكيناز، وهم الأقوام التي قدمت من ألمانيا وروسيا وبولونيا ورومانيا، ويطلق على القسم الآخر يهود السفرديم، وهم اليهود الذين تم طردهم من أسبانيا، بحيث كانوا قد نزحوا من البرتغال ومواکش والجزائر واليمن وإيران وبخاري، بحيث كانوا يتبعون طرق دينية يطلق عليها باروشیم وحسديم، وهي منسوبة إلى الطرق الفلسفية الإسرائيلية.
إنّ أفراد تلك الطريقة في القدس يشكلون عدد قليل، بحيث كانوا يستمدون دعمهم من مساعدات جمعية الإسرائيليات إليانز للإغاثة، ويقضون أوقاتهم في العبادة، يتبع اليهود عدداً كبيراً من الطرق الدينية، لكل منها معبد ومدرسة خاصة بها، وهم يخضعون لإدارة حاخام واحد من السفرديم؛ لأنهم يجتمعون على مذهب رئيسي واحد.
الأرمن:
إنّ الأرمن يختلفون بشكل كبير في عقائدهم عن الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الرومانية؛ وذلك لإنهم يتبعون طريقة البابا جريجوريوس المنور، ويعود تاريخ وجود الكنائس في القدس إلى خمس عشرة قرنا تقريباً، بحيث يُقدر عدد السكان الكلي فيها 1500 نسمة داخل إطار اللواء بناءً على المصادر التاريخية، بحيث يتم عملية إدارة تلك الكنائس من هيئة البطاركة والرهبان، ويتم اختيار تلك اللجنة من خلال مرسوم سلطاني.
السريانيون:
إنّ مذهب السريانيون يأتي بالترتيب الثاني من قمة الهرم؛ بسبب التغييرات التي أجريت في الكنائس، على الرغم من إنه يعد أفضل مذاهب المسيحيين الأخرى في المنطقة، فقد يتبع السريانيون عقائد الكنائس الأرمينية، ويعرف السريانيون كذلك باسم السريانيين اليعقوبيين؛ وذلك بسبب اقتدائهم بالبابا يعقوب النصيبي، ويبلغ عدد السكان في هذه المنطقة 327 نسمة تقريباً، ولهم أساقفة في القدس يعينون من قبل البطاركة في ماردین، وتعترف بهم الدولة العثمانية.
الأقباط:
إنّ محاولة الأقباط في عملية جذب روم الكنيسة المصرية القديمة إليهم كان سبباً أساسي في مخالفتهم لبعض أفكار هذه الكنيسة، بحيث انفصلوا عنها وأصبح لهم مذهب مستقل بشكل كلي، وإنّ لتلك الطائفة جماعات في القدس يبلغ عددها 125، يتولى عملية إدارتهم أساقفة نزحوا في قديم الزمان من مصر.
الأحباش:
لقد اتخذ الأحباش مذهبهم على مبادئ الأقباط، فكان كبار الرهبان في الحبشة يعينون من خلال البطريرك القبطي في مصر، والذي كان يعرف باسم قبطي الجنس، بحيث اعتادوا الأحباش منذ القدم على ذهابهم بشكل جماعي إلى القدس بشكل متكرر، ولكن بقيت جماعة منهم عددها حوالي 100 هناك بشكل دائم، ولهم كنائس وأديرة خاصة بهم.
الروس:
إنّ الروس يعتبروا من أهم الأعراق التي تواجدت في أرض فلسطين، فكانوا يكونوا عدداً كبيراً في القدس من الكنائس والمؤسسات المستقلة عن الروم، على الرغم من أنهم يتبعون الكنيسة الرومانية من الجهة المذهبي، فقد سعى الرهبان الروس في القدس إلى ضم السكان من المذهب الأرثوذكسي الروماني إلى الكنيسة الروسية.
البروتستانت:
إنّ المذهب البروتستانتي انفصل بشكل كلي عن الكنيسة الكاثوليكية، حيث قام بتأسيس ذلك المذهب لوثر، إلا أنّ ذلك المذهب انقسم بعد ذلك إلى عدد كبير من الطرق والوسائل الدينية، وقد خدم هذا المذهب أشخاص كثيرون قاموا بالسعي من أجل انتشاره.