نبذة عن سيرة صلاح الدين الأيوبي:
ولد صلاح الدين الأيوبي في عام 530/ 1137 ميلادي بقلعة تكريت في العراق، بحيث كان والده والياً على تلك القلعة، ثم تولى الوزارة في مصر وهو في سن صغير، وكان أحد خريجي المدرسة الإصلاحية التي تربى فيها نور الدين وعماد الدين زنكي وكان رحمه الله حسن الدين كثير الذکر، حريص المحافظة على صلاة الجماعة، حريصاً كل الحرص على السنن والنوافل، يقوم الليل ويحب سماع القرآن ويقوم بعملية اختيار الإمام الأكثر جمال من حيث الصوت ليؤدي الصلاة، وكان رشيق القامه ممتلئاً بجميع مقومات الرحمة والرقة، والتي أصبحت واضحة بشكل مباشر في معاركه.
كان صلاح الدين قائداً مخضرماً، فإذا سمع القرآن دمعت عيناه وكان رحيم القلب، بحيث ظهرت صفاته تلك بشكل واضح في تعامله مع الغير، بالإضافة إلى كونه كثير الرغبة في سماع الحديث، وكثير التعظيم والتكبير لشعائر الله، وكان حسن الظن بالله كثير الاعتماد عليه، وكان من أكثر القادة رحمة بالناس وناصراً للمظلوم والضعيف، وكان كريم كثير الشهامة، طيب الكلام لا يسمح لأحد أن يذكر أحداً أمامه إلا بخير، وكان يكره الغيبة والنميمة.
وكان من أكثر الحكام المواظبين على مسألة الجهاد، يتمتع بهمة عالية، فقد كان يعيش معظم حياته في الخيام، وقد عُرف بالعطف على كل ضعيف، لا سيما النساء والأطفال والشيوخ، وكان عندما يقوم بفتح مدينة يقف على بدايتها ويتفقد القسم المهزوم من أعدائه، فإذا مر عليه فقير أو شيخ أو امرأة أو طفل عطف عليه وسامحه وساعده.
في عام 578/ 1182 ميلادي تمكن صلاح الدين من مد نفوذه على معظم بلاد الشام، ولكن بقيت أقسام رئيسية منها لا تدخل تحت إطار سيطرته، فقد استقرت تحت حكمه كل من مصر والحجازواليمن، فبدأ بشكل مباشر بالتجهيز للمعركة الكبرى التي كان يخطط لنا نور الدين، وهي المعركة التي تنص على الهجوم الكامل من الجهة الشمالية والجنوبية، ولكنه قام بتعديل هذه الخطة؛ لأن الوضع لم يعد كما كان في زمن نور الدين، وخصوصاً المشاكل التي أحاطت بالشام.
قرر صلاح الدين الأيوبي أن يجمع بين جيش كل من مصر والشام في جيش واحد، وذلك من أجل تكوين قوة واحدة تتمكن من مواجهة النصارى الصليبيين، وكانت هذه مقدمة لمعركة حطين المعروفة.
موقف صلاح الدين في حصار الكرك وفتح بلاد الشام:
إنّ صلاح الدين كان غاضباً بشكل كبير من أرناط، فجهز صلاح الدين في عام 580/ 1184 ميلادي جيشاً وحاصر الكرك، وأمر جيش مصر أن ينضم إليه ليقوم بمساعدته، وبذلك الوقت قامت الجيوش الإسلامية بمحاصرة الكرك وطلب صلاح الدين المنجنيق، وأخذ يهاجم أسوار الكرك، وعندما وصل النصارى ذلك الخبر، بدأت تتحرك لفك الحصار المفروض على الكرك.
وجه حاكم القدس جيشه للكرك، وفي ذلك الوقت وقعت العديد من المعارك، ولم يكن صلاح الدين قد جهز نفسه لدخول أي صراع، فقرر الانسحاب لأنه رأى أنه غير مستعد لمواجهة جميع الجيوش، فانسحب نحو دمشق وهناك بدأ يستعد من جديد ويعيد ترتيب وهيكلة جيشه وتنظيمه، ولم تكن حلب قد وقعت تحت سيطرة صلاح الدين، وما زال حاكمها يرفض مساعدته، مما أُجبر صلاح الدين إلى تغيير خطته، فترك النصارى وهجم على حلب وفتحها في عام 579.
استمر صلاح الدين في محاولته توحيد جيش الشام ومدنها، وفي ذات الوقت كان يبعث غزوات على الكرك، إلا أنه لا يسعى من خلالها تحقيق فتح الكرك، لكن كان مبتغاه الأساسي تشتيت أنضار حاكم الكرك ومنعه من التفكير المجدد لمهاجمة المدينة المنورة، وبعد مدة زمنية قليلة أرسل صلاح الدين قوات تتكون من عدد صغير الحجم بتجاه حصن الكرك، فحاصرته واستطاعت أن تكسر أسواره مع أنها قوة صغيرة.
وفي أثناء ذلك تفاجأت القوات بوجود خنادق كبيرة تقع بعد الأسوار، فكان المسلمين يحاولون الوقوف أمام تلك الخنادق، ووقعت هناك معركه بينهم وبين النصارى على الحدود، وأثناء ذلك وصلت الأخبار إلى النصارى فتحركت القوات النصرانية لفك الحصار عن الكرك، فأرسل صلاح الدين بشكل مباشر لجميع قواته أمرهم بالانسحاب باتجاه دمشق مرة أخرى.
لقد عمل صلاح الدين بكل جدية لإقناع المماليك الإسلامية التي رفضت مساعدته بالبداية بإعادة دعمها له في أثناء معركته مع النصارى، بحيث نجح صلاح الدين في جعل علماء الموصل وسيلة ليضغطوا على حاكم الموصل للخضوع تحت سيطرة صلاح، فقد استمرت المعارك بين صلاح الدين والنصارى مدة تقدر بنحو 3 أعوام.