تعد مدينة تشانغشا بأنّها أحد المدن الصينية وهي العاصمة لمقاطعة هونان وأكبر مدنها وتحتل المرتبة السابعة عشر من حيث الكثافة السكانية ويتجمع معظم السكان في وسطها، خلال حكم سلالة تشين أصبحت المدينة تتمتع بوجود المباني وازدهرت التجارة فيها وكان يتم تصدير منتجاتها إلى قارة أوروبا وأفريقيا وغرب آسيا وكما كان لها دور كبير في الحرب الصينية اليابانية الثانية.
تاريخ مدينة تشانغشا
كلمة تشانغشا باللغة اللاتينية تعني مكان طويل رملي، إلا أنّ أصل الاسم غير معروف، تم توثيقه في وقت مبكر من القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وذلك عندما أرسل أحد أمراء المنطقة للملك تشنغ تشو هدية وصفت بأنها سلحفاة تشانغشا ناعمة القشرة وفي بداية القرن الثاني الميلادي، كتب المؤرخ يينغ شاو أن استخدام تشين لاسم تشانغشا للمنطقة كان استمرار لاسمها القديم، حيث تم وصف الاسم في الأصل المنطقة، كانت مدينة تشو تعرف قديماً باسم شينجيانغ، وكانت عاصمة مملكة تشانغشا الموجودة داخل مدينة تشانغشا.
مع بداية عام 3000 قبل الميلاد بدأت المدينة بالتطور وذلك عندما تطورت تشانغشا مع انتشار ثقافة لونغ شان، على الرغم من عدم وجود دليل قاطع على مثل هذا الارتباط، يوجد دليل على أن الناس عاشوا في المنطقة خلال العصر البرونزي، تم اكتشاف العديد من الأمثلة على الفخار والأشياء الأخرى والتي تدل على تلك الفترة، كما ذكرت الأساطير الصينية اللاحقة أن أباطرة اللهب والأصفر زاروا المنطقة أقاموا فيها يذكر تاريخ سيما تشيان أن الإمبراطور الأصفر منح ابنه الأكبر شاوهاو أراضي تشانغشا والأراضي المحيطة لها.
عند بداية القرنين الثامن والخامس قبل الميلاد وبداية فترة الربيع والخريف انتشرت ثقافة يوي في المنطقة المحيطة بمدينة تشانغشا، وعند بداية فترة الممالك المتحاربة التالية، سيطر تشو على تشانغشا والتي أصبحت عاصمتها، مدينة تشينغ ليانغ والتي تعد بأنّها بؤرة أمامية جنوبية مهمة للمملكة، في عام 1951 ميلادي اكتشف علماء الآثار العديد من مقابر تشو الكبيرة والمتوسطة الحجم من عصر الدول المتحاربة، كما تم اكتشاف أكثر من 3000 مقبرة، خلال حكم سلالة تشين في عام 221 قبل الميلاد أصبحت تشانغشا نقطة انطلاق للبعثات جنوبًا إلى جوانجدونج التي أدت إلى غزوها وتأسيس مملكة نانيوي.
عند بداية القرن الثالث قبل الميلاد وقعت مدينة ليو شيانغ تحت حكم سلالة هان وتم اختيارها عاصمة مملكة تشانغشا، في البداية كانت هذه دولة عميلة تحتفظ بها وو روي وكانت بمثابة وسيلة للسيطرة على شعب تشو المتمرد وتم اعتبارها دولة عازلة ضد نانوي، مع بداية عام 202 قبل الميلاد كان لدى ليو شيانغ أسوار مدينة لحمايتها من التمردات والغزوات، في عام 176 قبل الميلاد تم بناء مقابر ماوانغدوي الشهيرة، تم دفن السيدة شين زوي في أقدم مقبرة والتي تم العثور عليها خلال عملية التنقيب عنها في السبعينيات، حيث تم العثور عليها محفوظة جيداً، وكانت المقابر تتضمن أقدم النسخ الباقية من تاو تي تشينغ وغيرها من الوثائق الأدبية والتاريخية الهامة.
في عام 157 قبل الميلاد توفى الإمبراطور وي تشو والذي يعد من نسل وو روي ولم يكن لديه أبناء، تم بعد ذلك منح المملكة لفرع متدرب من العائلة الإمبراطورية كإقطاعية لهم، ألغيت المملكة في ظل حكم سلالة وانغ مانغ التي لم تدم طويلاً وأعيد إحياؤها لفترة وجيزة من قِبل سلالة هان الشرقية، في عام 33 بعد الميلاد تم تخفيض رتبة أميرها وأصبحت المنطقة تدار كمقاطعة، بعد اضطرابات الممالك الثلاث تم منح الإمبراطور وو أوف جين تشانغشا إلى الابن السادس له المسمى سيما يي، كان لدى الحكومة المحلية أكثر من مئة مقاطعة في بداية حكم السلالة، خلال حكم الأسرة الحاكمة فقدت حكومة تشانغشا المحلية السيطرة على عدد من المقاطعات وكان الحكم المحلي هو من يدير الأمور.
خلال القرن السادس قبل الميلاد تولت سلالة سوي الحكم وأعادت تسمية مقاطعة تشانغشا تان أو تايتشو، تم تبسيط إدارة تشانغشا المكونة من ثلاث طبقات إلى نظام دولة ومقاطعة من مستويين، مما أدى إلى القضاء على منطقة الكانتون الوسطى، وذلك يعد سقوطها في أيدي الثوار، مع بداية القرن العاشر قبل الميلاد، عملت تشانغشا عاصمة لولاية نانتشو أو جنوب تشو والتي تم تأسيسها في عام 907 قبل الميلاد والتي عانت من الحروب الجنوبية العشر واستمرت الحرب لمدة خمسون عاماً، كانت الدولة المستقلة الوحيدة في التاريخ التي تم بناؤها على الإطلاق في هونان وعاصمتها تشانغشا، إلا أنّه تم هزيمتها في عام 951 قبل الميلاد.
خلال حكم سلالة سونغ تم تأسيس أكاديمية يويلو في عام 976 ميلادي، إلا أنّه تعرض للخراب في الحرب عام 1127 ميلادي، وفي عام 1165 ميلادي تم إعادة بنائها، وخلال تلك الفترة كان الفيلسوف الشهير تشو شي يدرس فيها، وتم تدميرها مرة أخرى من قبل المغول وذلك حين تأسيس اليوان وتم إعادة بنائها في أواخر القرن الخامس عشر ميلادي وكانت حينها تحت حكم سلالة مينغ، كان خريجو خريجو الأكاديمية في أوائل القرن التاسع عشر يشكلون شبكة من الخريجين المسيحيين، في عام 1903 ميلادي أصبحت الأكاديمية مدرسة هونان الثانوية وتم تأسيس جامعة هونان فيها.
بدأ الفتح المغولي لسونغ الجنوبية وقامت قوات سونغ المحلية بالدفاع بقوة عن تايتشو، بعد سقوط المدينة قام المدافعون بالانتحار بشكل جماعي، خلال القرن الرابع عشر ميلادي وقعت المدينة تحت حكم سلالة مينغ واستمر حكمهم فيها حتى القرن السابع عشر ميلادي، تم بعد ذلك إعادة تسمية تايتشو مرة أخرى باسم تشانغشا وأصبحت محافظة عليا، عند بداية القرن السابع عشر ميلادي أصبحت تحت حكم سلالة تشينغ كانت مدينة تشانغشا في ذلك الوقت عاصمة هونان وازدهرت كواحدة من أهم أسواق الأرز الرئيسية في الصين.
في عام 1852 ميلادي قام تمرد تايبينغ حاصر المتمردون المدينة لمدة ثلاثة أشهر لكنها لم تسقط، ومن ثم انتقلوا إلى ووهان، إلا أنّ مدينة تشانغشا أصبحت بعد ذلك القاعدة الرئيسية لقمع الحكومة للتمرد، في عام 1903 ميلادي تم عقد معاهدة شنغهاي بين إمبراطوريتي كينغ واليابانية وتم اعتبار المدينة الموطن التجاري في المنطقة واستمرت المعاهدة حتى عام 1904 ميلادي، تم بعد ذلك توسيع بنود الدولة المعاهدات الأخرى غير المتكافئة المكاسب اليابانية إلى القوى الغربية أيضاً؛ ممّا ادى إلى تدخل رأس المال الدولي إلى المدينة وتم بناء المصانع والكنائس والمدارس، وخرجت المدينة طلاب الطب وأقامت عدد من المراكز الطبية.
بعد قيام ثورة شينهاي استمرت الأمور بالتطوير وتم في عام 1918 ميلادي افتتاح خط السكة الحديد والتي امتدت إلى هانكو في مقاطعة هوبي والذي امتد فيما بعد إلى قوانغتشو في مقاطعة جوانجدونج في عام 1936 ميلادي، على الرغم من نمو سكان تشانغشا ظلت المدينة ذات أهمية تجارية في الدرجة الأولى، وقبل قيام عام 1937 ميلادي، كان لديها القليل من الصناعة وعلى الرغم من وجود مصانع المنسوجات القطنية والزجاجية والمعادن غير الحديدية الصغيرة ومشروعات الحرف اليدوية.
